أين إيران في المنافسة على طرق الترانزيت المهمة في المنطقة؟
لم تنجح إيران في التنافس بشكل مثمر في السيطرة على مسارات الترانزيت المهمة في المنطقة في السنوات الماضية، ناهيك عن أن ممرات الترانزيت بها باتت تتخذ اتجاهات أقل حيوية.

ميدل ايست نيوز: رغم توفير الحكومة الإيرانية الممرات المثلى لترانزيت البضائع من خلال التطوير المستمر للبنية التحتية للسكك الحديدية والطرق، إلا أن الممرات المجاورة لإيران تنقل أكثر من 300 مليون طن من البضائع، فيما لا تتجاوز حصة إيران أكثر من 4%.
لم تنجح إيران في التنافس بشكل مثمر في السيطرة على مسارات الترانزيت المهمة في المنطقة في السنوات الماضية، ناهيك عن أن ممرات الترانزيت بها باتت تتخذ اتجاهات أقل حيوية.
وفي قطاع رحلات الترانزيت، أدت المخاطر الأمنية الناجمة عن التوترات العسكرية في المنطقة إلى إخلاء سماء إيران وتراجع عدد رحلات الترانزيت. ومع تزايد التوترات في الأشهر الماضية، علقت شركات الطيران العالمية المحدودة، مثل الخطوط الجوية التركية وقطر والإمارات والنمسا التي اعتادت السفر إلى إيران، رحلاتها عدة مرات.
وفي 10 أكتوبر الجاري، أعلن علي محمودي سراي، رئيس مجلس إدارة اتحاد النقل والخدمات اللوجستية الإيراني، أنه مع تطبيق العقوبات الجديدة للاتحاد الأوروبي، تم “حظر” تحميل 182 سلعة أوروبية على الشاحنات الإيرانية. هذا الحظر جعل سائقي الشاحنات الأتراك يستحوذون على حصة إيران.
ونشر مركز الدراسات التابع لغرفة التجارة الإيرانية مؤخرًا تقريرًا شدد على ضرورة مراجعة إيران لموقفها في الممر الأوسط وممر الشمال-الجنوب.
ذكر هذا التقرير الذي يحمل عنوان “آفاق الممر الأوسط وقدرات النقل اللوجستي للمناطق التجارية والاقتصادية الحرة والخاصة في القطاع الشمالي من إيران”، أنه تم تجاهل إيران عمليا في المشاريع الكبرى مثل “مبادرة الحزام والطريق” و”عبر قزوين”.
ووفقاً لهذا التقرير، فإن “الطرق البديلة أمام مزايا الترانزيت التي تتمتع بها إيران تتقدم بسرعة في المناطق المجاورة للقطاع الشمالي لإيران”.
وفيما تتموضع إيران في منتصف طريق الترانزيت الذي يربط آسيا بأوروبا ويربط شرق آسيا بغرب آسيا، فإن تقرير مركز الدراسات التابع للبرلمان الإيراني حول أداء الترانزيت الإيراني في قطاع السكك الحديدية والطرق يظهر أن هذا الأداء وصل إلى 13 مليون طن مرة واحدة فقط خلال السنوات الثماني الماضية.
وفي قطاع النقل المشترك، فإن المناطق الحرة والموانئ الإيرانية بعيدة عن طاقتها الاسمية ويتم استبعادها من المنافسة للمشاركة في النقل الدولي. “إن القدرات اللوجستية للمناطق الحرة في القطاع الشمالي من إيران”، والتي تلعب دورًا مهمًا في النقل المشترك، “غير مستخدمة” منذ سنوات.
وتظهر إحصائيات الكتاب السنوي لمؤسسة الموانئ والملاحة البحرية لعام 2023 أن إجمالي حجم التشغيل لموانئ المناطق التجارية الحرة والخاصة شمال إيران يبلغ نحو ستة ملايين طن، فيما تبلغ طاقة التفريغ والتحميل في هذه الموانئ حوالي 35 مليون طن سنويا.
كيف تجاوزت دول الجوار إيران؟
ويقال إن إيران هي “الحلقة المفقودة” التي تربط ممر الشمال-الجنوب بالممر الأوسط والترازيت في هذه الطرق، إلا أن عوائق سياسية ودولية حالت دون المضي قدما بهذه الطرق حتى الآن.
وقد أتاح الموقع الجغرافي المناسب والتواجد في طرق العبور المحتملة إمكانية ربط طرق التجارة العالمية المهمة بالاقتصاد الإيراني، لكن الدول المجاورة أدخلت مؤخرًا طرقها البديلة عن طريق تجاوز إيران.
ووقع وزراء النقل في العراق وتركيا والإمارات وقطر مذكرة تفاهم بشأن التعاون الرباعي في مايو من العام الجاري لتحديد الأطر اللازمة لتنفيذ مشروع “طريق التنمية”، متجاوزا إيران عمليا على طريق الترانزيت.
وهذا المشروع المعروف باسم “طريق الحرير العراقي” تبلغ قيمته 17 مليار دولار ويربط ميناء الفاو في البصرة بشبكة السكك الحديدية التركية. علما أن لدى تركيا طريقة أسهل للوصول إلى دول الخليج وهو طريق الترانزيت الإيراني، لكنها اختارت العراق للتعاون طويل الأمد.
وهناك ممر آخر تجاهل إيران تماما يسمى “ممر لاجورد”. ويربط هذا الممر أفغانستان بتركيا وأوروبا عبر تركمانستان وأذربيجان وجورجيا.
وفي الممر الأوسط، الذي يعد أحد أهم طرق ترانزيت البضائع في العالم ويربط الصين بأوروبا من خلال وسائل النقل المتعددة الوسائط، تم استبعاد إيران تماما.
ولم تفقد إيران الممر الأوسط بالكامل فحسب، بل فشلت أيضًا في تطوير البنية التحتية في تطوير الممر الشمالي.
وتظهر البيانات الإحصائية أن حجم الترانزيت المحقق في إيران به فجوة كبيرة مع القدرات الاسمية. وبحسب تقرير مركز الدرسات التابع لغرفة التجارة الإيرانية، تبلغ الطاقة السنوية لترانزيت البضائع في إيران 80 مليون طن.
وبالنظر إلى أن الدخل من ترانزيت كل طن من البضائع العابرة يقدر بحوالي 100 دولار، يمكن الاستنتاج أن قدرة إيران المحتملة على كسب دخل العبور يبلغ حوالي 8 مليارات دولار، أي ما يعادل 25% من الصادرات غير النفطية.
وفقًا لتقديرات غرفة التجارة الإيرانية، إذا تم تشغيل البنية التحتية الحالية للموانئ والسكك الحديدية والطرق، فيمكن لإيران استيعاب حوالي مليوني طن من حجم الترانزيت في الممر الأوسط حتى أفق عام 2030.
وقد قيمت هذه المؤسسة تحقيق هذه الرؤية على أنها تتطلب “دبلوماسية نشطة”. وهي حاجة ليس من السهل تلبيتها، على الأقل في ظل العقوبات الحالية المفروضة على إيران.