من الصحافة الإيرانية: هل التفاوض المباشر مع واشنطن مفتاح لحل أزمات طهران؟
يرى عدد من النشطاء السياسيين أن العلاقة مع أمريكا والتفاوض المباشر معها هو مفتاح حل الكثير من أزمات إيران.
ميدل ايست نيوز: يرى عدد من النشطاء السياسيين أن العلاقة مع أمريكا هي مفتاح حل الكثير من أزمات إيران. وبالإشارة إلى مشاكل الأعوام الخمسة والأربعين الماضية ودور أميركا في التسبب في هذه الأزمات، يرى هؤلاء المحللون أن التغلب على الخلافات مع أميركا سيضع إيران أمام فصل جديد من التقدم والنمو الشامل.
لكن على الضفة الأخرى، لدى آخرون وجهة نظر قد لا تتفق مع أولئك المحللين. فرغم أن هذه الشريحة ترى أنه من الضروري التفاوض مع أمريكا وإنهاء العقوبات الاقتصادية، إلا أنها لا تعتبر ذلك كافيا، بل تعتقد أنه بصرف النظر عن تحسين مؤشرات السياسة الخارجية وحل النزاعات مع أمريكا، تحتاج إيران أيضًا إلى إصلاح نظام صنع القرار الداخلي لديها.
وقد يدفع عدم الالتفات إلى هذا العنصر الداخلي وصب كل الاهتمام على العلاقة مع أميركا، يدفع إيران إلى دائرة من السلوكيات النمطية التي اختبرت مرات عديدة من قبل وأتت بنتائج مريرة.
وبعيداً عن هذا الطيف، فإن الفرق اليمينية المتشددة في إيران تعتبر مسألة الحوار والعلاقة والتفاعل مع الغرب مستبعدة تماماً، وترى أن أمريكا شر مطلق، ولا ينبغي لإيران أن تكون لها أي علاقة وحوار وتفاعل مع هذا الشر المطلق.
إذن، بأي منظور يتوجب على إيران أن تتابع عملية تأمين مصالحها الوطنية عبر المفاوضات والعلاقات مع أميركا؟ يجيب محمد صادق جوادي حصار، الناشط السياسي الإصلاحي، خلال حديث لصحيفة اعتماد، قائلا: أناشد كل من يدخل مجال التحليل في مجال العلاقات الإيرانية الأميركية أن ينظر إلى عنصر العلاقات الإيرانية الأميركية، بغض النظر عمن هو رئيس الولايات المتحدة. ترامب، مثل أي رئيس أمريكي آخر، لديه نسبة من المؤثرات الشخصية، وكل ما كانت هذه التأثيرات أكثر زادت مكانة هذا الشخص ونموذج صنع القرار في النظام الأمريكي. لكن مسألة علاقة إيران بأميركا في العلاقات العالمية والإقليمية تتجاوز الارتهان بشخصية الرئيس الأميركي.
وأضاف: أعتقد أن مسألة العلاقات مع أمريكا يجب أن تؤخذ في الاعتبار ضمن حزمة علاقات إيران مع القوى العالمية الأخرى. يجب على إيران أن تغتنم هذه الفرصة من أجل تحقيق التوازن في العلاقات بين إيران والصين، وإيران وروسيا، وبشكل عام لتحقيق التوازن لفكرة التطلع إلى الشرق (وفي نفس الوقت تحقيق التوازن مع الغرب). هذه الفرصة يمكن ويجب استغلالها، ومن خلال اتخاذ خطوات جادة لحل الخلافات بين إيران وأوروبا، وإيران وأمريكا وغيرها، فسوف ترتقي النظرة إلى الشرق والتفاعلات الأخرى وسوف تنفتح العلاقات أكثر ويتغير أسلوب النقاش بشكل كبير.
ويوضح هذا الناشط السياسي الإصلاحي أن هذه الفرص لا تأتي على طبق من ذهب دائما، ويقول: أن يأتي ترامب كرئيس لأمريكا ويعلن رسميًا أنني جئت لرفع العقوبات عن إيران وروسيا (أيًا كانت الإستراتيجية التي يفكر فيها) فهي فرصة لإيران. لا ينبغي أن نتعامل مع تكتيكات ترامب واستراتيجيته، بل يجب أن ننظر إلى نتائجها حتى نحقق مصالحنا الوطنية.
وفي معرض الإشارة إلى شكل العلاقة المعقدة بين إيران وأمريكا، قال الناشط السياسي الإصلاحي: إيران ليست دولة ضعيفة، لكن علينا أن نتقبل أن يدي إيران وأرجلها مكبلة بالأغلال لدرجة أن آخر ما يمكن أن نتوقعه منها هو السير وعدم التوقف. ولا يمكن أن نتوقع من إيران أن تكون رشيقة وسريعة في ظل ظروف العقوبات.
وتابع: على إيران أن تلعب دورها الحقيقي على الساحتين الإقليمية والعالمية، لا ينبغي لها أن تلعب دور الوسيط ومن وراء الكواليس. يجب أن يكون لإيران حضور جدي في سياق الأحداث، لا يجوز السماح لدول أخرى باللعب بورقة إيران باستثناء إيران وممثلي إيران القانونيين، وهو وزارة الخارجية. لا ينبغي لأي دولة أن تعتقد أنها تستطيع في مفاوضاتها مع القوى العالمية مواجهة أميركا بورقة إيران وتأمين مصالحها.
حل الخلافات هو التفاوض المباشر مع أمريكا
على الضفة الأخرى، ينظر منصور حقيقت بور، الناشط السياسي الأصولي، إلى الموضوع ببعد مختلف، ويقول لصحيفة اعتماد: أعتقد أن أساس حل القضايا السياسية والدولية في البلاد يجب أن يرتكز على الدبلوماسية. إذا لم تنجح الدبلوماسية ولم تحصل إيران على الرد المناسب من هذه الوسيلة، فمن الممكن تجربة طرق أخرى. وطالما أن الدبلوماسية تستجيب، وثمة أشخاص وأطراف تحترم إيران كقوة ودولة مؤثرة، ولا تتجاهل أو تنتهك الالتزامات التي تعهدت بها، فيجب على إيران أيضًا تحقيق أهدافها من خلال الدبلوماسية والحوار والتسامح.
وأكمل: تختلف الأوضاع العالمية اليوم عن العقد الماضي. إذ يمكن لإيران العثور على شركاء اقتصاديين مختلفين وحل مشاكل العقوبات. لذلك فإن المبدأ الأساسي الذي تتبعه الحكومة والبلاد ككل هو التماسك الاجتماعي وزيادة المشاركة الشعبية في الداخل والتفاوض والحوار في الخارج. لكن إذا لم يتم التوصل إلى النتيجة المرجوة من التفاوض والحوار والتفاعل، فإن إيران ستنفذ استراتيجياتها البديلة وخطتها (ب) و(ج) وغيرها.