أسرار العدوان الإسرائيلي على سورية.. خطط معدّة منذ سنوات جرى تغييرها

تشعر دولة الاحتلال الإسرائيلي بنشوة كبيرة، بعد تدمير معظم القدرات الاستراتيجية في سورية، مستغلّة انشغال السوريين بترتيبات ما بعد إسقاط نظام بشار الأسد.

ميدل ايست نيوز: تشعر دولة الاحتلال الإسرائيلي بنشوة كبيرة، بعد تدمير معظم القدرات الاستراتيجية في سورية، مستغلّة انشغال السوريين بترتيبات ما بعد إسقاط نظام بشار الأسد. ولا تقلّ عن ذلك نشوة جيشها بإعادة احتلال أراضٍ سورية، منها ما يشكّل مواقع استراتيجية، مثل جبل الشيخ.

يأتي هذا في وقت دعا فيه وزير الأمن الإسرائيلي يسرائيل كاتس، اليوم الجمعة، جنود الاحتلال للاستعداد للبقاء على قمة جبل الشيخ طوال فصل الشتاء، وذلك بعد تقييم أمني أجراه أمس بمشاركة رئيس أركان الجيش هرتسي هليفي. ويتطلّب البقاء في أعلى الجبل استعدادات خاصة ونصب منشآت مناسبة، بسبب الظروف الجوية الصعبة.

وزعم كاتس أنه “بسبب ما يحدث في سورية، هناك أهمية أمنية كبيرة لوجودنا في قمة جبل الشيخ، ويجب فعل كل ما يلزم لضمان استعداد الجيش الإسرائيلي في المنطقة لتمكين الجنود من البقاء في المكان في ظل الظروف الجوية الصعبة”.

قوات الاحتلال في سورية

وتعمل أربع فرق قتالية لوائية في الأراضي السورية المحتلّة، سواء المنطقة العازلة، منطقة فضّ الاشتباك، أو المناطق الأخرى التي بلغها جيش الاحتلال. وتضمّ الفرق قوات مشاة، وكوماندوز، وقوات هندسية، ومدرعات، ومظليين، وقوات استطلاع، وغيرها، وكلّها بقيادة الفرقة 210. وثمة فريق القتال اللوائي 474، في نقاط السيطرة ضمن المنطقة العازلة، بذريعة العمل ضد التهديدات على الخط الحدودي.

وخلال عمليات التمشيط التي تقوم بها القوات عثرت على دبابات سورية عدّة غير مستخدمة وصادرتها. وسبق أن أعلن جيش الاحتلال منذ نحو يومين أن قوات اللواء 810 ومقاتلي وحدة “شالداغ” استكملوا عملية لوائية على الجانب الذي كان تحت السيطرة السورية من جبل الشيخ، ضمن المنطقة العازلة، وصادروا أسلحة وعتاداً عسكرياً. وتعتبر “شالداغ” وحدة النخبة في سلاح الجو الإسرائيلي.

سد “الفراغ” الذي نشأ

يأتي كل ذلك في إطار ما أطلق عليه الاحتلال اسم عملية “سهم الباشان”، وفي إطارها دمّر سلاح الجوي نحو 80% من القدرات العسكرية الاستراتيجية السورية، من قبيل طائرات ومروحيات ودبابات وسفن حربية، كما سيطر على مواقع استراتيجية مهمة. وتزامن مع العملية إعلان رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو انهيار اتفاقيّة فصل القوات الموقّعة عام 1974، والتي حافظت على تفاهمات مع نظام عائلة الأسد طوال خمسة عقود. وأعلنت دولة الاحتلال أنها تخشى وصول هذه القدرات العسكرية إلى قوات المعارضة، التي لا تعرف بعد توجّهاتها. وحققت إسرائيل بذلك تفوّقاً جوياً في المنطقة، قد يفتح الطريق الجوي أمامها نحو العراق وربما إيران واليمن.

وهي المرة الأولى في العلن، منذ 50 عاماً، التي ينشر فيها جيش الاحتلال دبابات في مرتفعات جبل الشيخ، في الجزء الذي كان تحت السيطرة السورية. وتساهم في ذلك قوات المدرعات من الكتيبة 74. وتشير صحيفة يديعوت أحرونوت، اليوم الجمعة، إلى أن قوات الكتيبة 77 التابعة للواء المدرعات السابع تقدّمت أكثر من 12 كيلومتراً ما بعد الحدود، إلى عمق الأراضي السورية. وكانت فرقة المدرعات هي من قادت المعارك في الجولان السوري المحتل قبل خمسة عقود. وتعتبر هذه أعمق نقطة تصل إليها داخل سورية منذ ذلك الوقت.

ومن السرايا التابعة للكتيبة 77 في اللواء السابع سرية “يفتاح” التي استكملت إقامتها قبل نحو شهر، في إطار زيادة كتائب المدرعات النظامية في جيش الاحتلال، لكنها تمكّنت قبل ذلك من القتال ضد حزب الله في قرية الخيام في جنوب لبنان. كما أن قادة في السريّة شاركوا في العملية البرية في قطاع غزة.

وذكرت صحيفة ماكور ريشون العبرية، اليوم، أن الهدف من عمليات الاحتلال في سورية “هو منع إطلاق النار على دولة إسرائيل من الفراغ الذي نشأ مع سقوط نظام الأسد”. ونقلت عن مسؤول كبير في جيش الاحتلال، لم تسمّه، قوله “تم إلغاء اتفاقية 1974 وقررنا الدخول قبل أن تكون هناك جهة أخرى، مثل المتمردين (فصائل المعارضة)”.

وبحسب ذات الصحيفة فقد “رصدت استخبارات الفرقة 210 (فرقة الباشان) التحركات السريعة لتنظيم هيئة تحرير الشام”، في الأيام الأخيرة، “وبدأت في تسريع الخطط العملياتية وتعزيز القوات على السياج الحدودي. لكن مثل الجميع، فوجئت الفرقة أيضاً بالسرعة غير المعقولة لانهيار نظام الأسد أمام تقدّم المتمردين”. وعملت الكتيبة على إرسال المزيد من القوات إلى المنطقة كما أخرجت خططاً مسبقة وعملت على تعزيزها.

مساء الجمعة الماضي، رصدت مراقبات الفرقة وجنود الاستخبارات القتالية المتمركزون في المنطقة مغادرة جنود الجيش السوري الذين يخدمون في المواقع على الجانب الشرقي من السياج، دفعة واحدة. وأدرك جيش الاحتلال، وفقاً للصحيفة، أن “الجيش السوري توقف عن الوجود بشكل منظم، وأن هذا الفراغ سيملأه قريباً مسلحون جهاديون نياتهم غير معروفة”.

هكذا انطلق إجراء قتالي سريع للغاية، وفي أقل من 24 ساعة، أصدر قائد الفرقة أمر التحرك، لتدخل قوات المظليين، والمدرعات، والكوماندوز ووحدة الهندسة إلى الأراضي السورية، راجلة وبواسطة مركبات عسكرية. وتوغلت قوات الاحتلال في مرتفعات الجولان، من جنوبها وحتى جبل الشيخ. وقال مسؤول كبير في جيش الاحتلال للصحيفة “أصبنا بخيبة أمل من مستوى الأسلحة السورية هنا، كنا نتوقّع أكثر. استعددنا لسنوات… وفي النهاية دخلنا دون إطلاق رصاصة واحدة”.

تعديلات سريعة على الخطط الإسرائيلية

في صحيفة هآرتس، ذكر المحلل العسكري عاموس هارئيل اليوم أنه قبل وقت قصير من فرار بشار الأسد من سورية، بدأت عملية إسرائيلية واسعة النطاق. وأوضح أنه جرى إعداد الخطط مسبقاً، وتم جمع المعلومات الاستخباراتية على مدى عقود، لكن وتيرة الأحداث تطلبت تعديلات وتغييرات سريعة.

وشن الجيش الإسرائيلي هجوماً واسعاً على الأصول العسكرية للنظام المنهار، من مخازن أسلحة كيميائية، بطاريات دفاع جوي، صواريخ باليستية، طائرات ومروحيات، دبابات وناقلات جند مدرعة، وسفن وغواصات. وفي غضون يومين، جرت مهاجمة مئات الأهداف. ويقدر الجيش الإسرائيلي تدمير أكثر من 70% من القدرات العسكرية السورية. وتابع هارئيل أن الهدف المعلن كان منع سقوط هذه الأسلحة في أيدي نظام جديد لم يتضح بعد مدى استقراره، ولا أيديولوجيته أو موقفه من إسرائيل.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
العربي الجديد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

12 + ثلاثة =

زر الذهاب إلى الأعلى