تقرير: “طريق التنمية” في العراق.. سيف ذو حدين لإيران؟

من غير الواضح السبب وراء تضخيم دور الممرات في العراق وبعض دول الشرق الأوسط بشكل غير واقعي والمبالغة في أهميتها في مبادرة الحزام والطريق الصينية.

ميدل ايست نيوز: تناول مركز أبحاث غرفة إيران في تقريره وضع “طريق التنمية في العراق”. وفقًا لهذا التقرير، يمكن أن تكون إرادة الحكومة العراقية لدفع هذا المشروع والموارد المالية الكبيرة التي تمتلكها البلاد ودعم تركيا للمشروع فضلاً عن رغبة جزء كبير من الشعب العراقي في تنفيذ مثل هذه المشاريع الكبرى، عوامل قد تساهم في تحقيقه. ومع ذلك، حتى في حال تنفيذ هذا المشروع، فإنه سيواجه تحديات كبيرة، بما في ذلك مسألة الاستدامة الاقتصادية.

وتتم أكثر من 90% من التجارة العالمية عبر البحار. أما الـ 10% المتبقية التي تتم عبر الطرق البرية، فإن حوالي 7% منها هي تجارة إقليمية.

ويتم الجزء الأكبر من هذه التجارة بين الاقتصادات الكبرى في أوروبا وأمريكا الشمالية. بعبارة أخرى، فإن حصة النقل البري في التجارة العالمية، خاصة في مجال الترانزيت، ضئيلة جدًا. والأهم من ذلك أن العراق يقع في موقع جغرافي بعيد عن الأسواق الكبرى العالمية والاقتصادات التي تسيطر على الجزء الأكبر من التجارة الدولية.

ويعد تحقيق التنافسية للطرق البرية حتى بالنسبة للدول ذات المواقع الجغرافية الأفضل من العراق أمرًا صعبًا للغاية.

وفي عام 2022، كانت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تمثل حوالي 3.2% من صادرات و2.8% من واردات السلع العالمية. وتوضح هذه الأرقام الدور المحدود لهذه المنطقة في التجارة العالمية. بالإضافة إلى ذلك، يشكل النفط حوالي 53% من صادرات هذه المنطقة، مما يبرز اعتماد الشرق الأوسط الكبير على صادرات الموارد الطبيعية وحصة المنطقة المنخفضة في تجارة السلع غير النفطية.

من الطبيعي أن تفضل دول مجلس التعاون، خاصة الإمارات والسعودية، أن تتحول إلى مسار رئيسي في ممر شرق-غرب. هذه الدول لا تمتلك فقط موارد مالية أكثر من العراق، بل بفضل استقرارها السياسي الكبير، لديها قدرة أكبر على جذب الاستثمارات الكبيرة وتنفيذ المشاريع الكبرى.

ثمة تحد آخر لهذا المشروع وهو مكانة “طريق التنمية” المبهم في مبادرة الحزام والطريق الصينية. إذ يؤكد بعض المحللين العراقيين على الدور الرئيسي للعراق في هذه المبادرة، ويعتبرون “طريق التنمية” حلقة هامة في هذا المشروع.

في المقابل، يرى المحللون في مركز أبحاث غرفة إيران أن الممرات في مبادرة الحزام والطريق الصينية لها أقل أهمية. من غير الواضح السبب وراء تضخيم دور الممرات في العراق وبعض دول الشرق الأوسط بشكل غير واقعي والمبالغة في أهميتها في هذه المبادرة، في حين أنه في العقد الذي مر على بدء تنفيذ هذه المبادرة، لم يتم تنفيذ أي ممر محوري مرتبط بالصين في الشرق الأوسط بشكل جاد.

وأصبحت الملفات الجيوسياسية والتنافسات الناشئة عنها تؤثر بشكل متزايد على الاقتصاد العالمي. وقد تأثرت منطقة الشرق الأوسط دائمًا بهذه الديناميكيات، وعانى العراق، كدولة هشة، من هذه التحولات بشكل كبير. وتعتبر الجيوسياسية الإقليمية في الوقت الحالي معقدة وغامضة للغاية ولا توجد رؤية واضحة لمستقبلها.

ويمكن لأي تغيير في المعادلات الجيوسياسية في المنطقة أن يؤثر بشكل سلبي وجدي على مبادرة “طريق التنمية” في العراق، كما حدث مع أحداث 7 أكتوبر التي أثرت بشكل كبير على ممر الهند-الشرق الأوسط-أوروبا، وحتى دفعته إلى حافة الانهيار.

بعبارة أخرى، حتى إذا تم تنفيذ “طريق التنمية” في العراق، فإن دوره سيقتصر بشكل أساسي على الأغراض الداخلية والإقليمية. هذا المشروع يعنى بشكل رئيسي بإنشاء شبكة نقل حديثة داخل العراق وربط البنية التحتية لهذا البلد بتركيا، كأحد جيرانه الرئيسيين. لا ينبغي أن يكون هناك توقعات أعلى من ذلك بالنسبة لهذا المشروع.

في الواقع، المنطق الأساسي لهذا المشروع هو دفع التنمية في البنية التحتية في العراق وخلق ارتباط اقتصادي ولوجستي مع تركيا. تنفيذ هذا المشروع قد يعزز من رأس المال السياسي والاجتماعي للحكومة العراقية، وهو رأس المال الذي يحتاجه العراق بشدة بعد سنوات من الحرب والاضطرابات وضعف الحكم.

ويرى المسؤولون الإيرانيون أنه يمكن لهذا المشروع أن يعزز من حصة إيران في شبكة النقل الإقليمية من خلال ربط خط سكك الحديد شلمجه-بصرة، ويوفر فرصًا لزيادة الترانزيت للسلع، رغم وجود بعض المخاوف بشأن انخفاض حصة إيران في الترانزيت الإقليمي.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

سبعة عشر + 3 =

زر الذهاب إلى الأعلى