غوتيريش يستاءل: هل ستساهم إيران في إطار أمني إقليمي جديد تُحترَم فيها سيادة كل دولة؟

وجاءت تصريحات غوتيريش خلال إحاطته السنوية أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك للحديث عن أولوياته وأولويات المنظمة الدولية للعام الحالي.

ميدل ايست نيوز: قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إن هناك بوادر أمل للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة حيث “وصل المفاوضون إلى المراحل النهائية من صفقة وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن في غزة”. وجاءت تصريحات غوتيريس خلال إحاطته السنوية أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك للحديث عن أولوياته وأولويات المنظمة الدولية للعام الحالي.

واستهل غوتيريش إحاطته بالحديث عن بعض الجوانب الإيجابية والتقدم الذي يحرز في عدد من المجالات، منها احتمال التوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة، فيما أشار إلى وقف إطلاق النار في لبنان، وقال إنه “لا يزال قائماً إلى حد كبير، كذلك انتُخب رئيس بعد أكثر من عامين من الجمود”.

وذكّر في معرض حديثه عن أولوياته لهذا العام الدول الأعضاء بأن التحديات الكبيرة التي تواجه العالم تحتاج إلى تضافر الجهود الدولية لحلها. وأشار إلى الدور الحيوي الذي يمكن أن تلعبه الأمم المتحدة ومواجهة التحديات بشكل جماعي. وأكد أنه على الرغم من التقدم الذي تحقق، لكن العالم يعيش موجة من الاضطرابات الشديدة، وأدى التقاعس عن التحرك إلى إطلاق العنان لآفات كثيرة حول العالم. وأشار في هذا السياق إلى الصراعات وأزمة المناخ والتكنولوجيا الخارجة عن السيطرة واللامساواة.

وفي سياق التحديات استهل حديثه بموضوع السلام أو غيابه على وجه أدق، حيث “تضاعفت الصراعات وأصبحت فوضوية وأكثر فتكاً، كذلك يزيد انعدام الثقة والانقسامات الجيوسياسية من تأجيج النيران، فضلاً عن التهديد النووي الذي وصل إلى أعلى مستوياته منذ عقود”.

وتحدث عن تعرّض حقوق الإنسان لهجوم مستمر وتفشي الإفلات من العقاب مع استمرار انتهاك القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، بما فيها الاعتداءات المنهجية على مؤسسات الأمم المتحدة. وأشار في هذا السياق إلى غزة وضرورة التوصل إلى وقف إطلاق النار.

وأثنى على جهود وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين (أونروا). ويشار في هذا السياق إلى أن إسرائيل استهدفت المنظمة ليس فقط من طريق قصف واستهداف بنيتها التحتية بما فيها المدارس والمستشفيات وقتل أكثر من مئتي عامل في الوكالة أغلبيتهم من الفلسطينيين، بل قانونياً كذلك من طريق حظر أنشطة المنظمة الدولية في الأراضي الفلسطينية المحتلة من طريق سنّ عدد من القوانين التي من المفترض أن تدخل حيّز التنفيذ خلال قرابة الأسبوعين.

غوتيريش: نشهد إعادة تشكيل للشرق الأوسط

وتحدث غوتيريش عن أننا “نشهد إعادة تشكيل للشرق الأوسط، لكن من غير الواضح ما سيسفر عنه هذا التغيير”. وتساءل عما إذا كان العالم سيشهد “في إسرائيل وفلسطين، تحركاً لا رجعة فيه نحو حل الدولتين، بما يتماشى مع قرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي والاتفاقيات السابقة، كما دعونا باستمرار، أم أننا سنرى بدلاً من ذلك ضماً مستمراً من جانب إسرائيل (للأراضي الفلسطينية)… وإنكار حقوق الشعب الفلسطيني وكرامته… وتدمير أي فرصة للسلام المستدام؟”.

وحول سورية، تحدث عن إسقاط النظام وقال: “بعد سنوات من إراقة الدماء، هل سنرى بلداً يمكن أن يكون أخيراً منارة للأديان والتقاليد والمجتمعات المختلفة التي تشكل مستقبلاً شاملاً وحراً وسلمياً، مع استمرارنا في بذل كل ما في وسعنا لدعمه؟ أم سنرى التفتت، جنباً إلى جنب مع انتهاك حقوق الأقليات والنساء والفتيات؟”.

وحول الوضع في إيران، تساءل عما إذا كان العالم سيرى “إجراءات ملموسة لضمان التخلي الواضح عن أي برنامج للأسلحة النووية… والمساهمة في إطار أمني إقليمي جديد حيث تُحترَم سيادة كل دولة، ما يسمح بالاندماج الكامل لإيران في الاقتصاد العالمي. هذا ما نأمل أن يصبح ممكناً. أم أننا سنرى تصعيدات بعواقب لا يمكن التنبؤ بها؟”.

وأشار إلى الوضع في لبنان الذي سيتوجه لزيارته الخميس. ووصف زيارته بأنها “تضامنية مع الشعب اللبناني وقوات حفظ السلام التابعة لنا”، مؤكداً وجود فرصة حقيقية للنهوض في البلد ومؤسساته. وأشار الأمين العام للأمم المتحدة إلى مناطق لحروب ومناطق توتر أخرى خارج الشرق الأوسط، بما فيها أوكرانيا، والسودان، وهايتي، والساحل.

وتوقف غوتيريش عند اتساع فجوة اللامساواة حول العالم. وشدد على أن ذلك يشكل “إشارة لا لبس فيها إلى أن هناك خطأً عميقاً في أنظمتنا الاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية، والمالية”. وشدد على أنه يمكن التغلب على ذلك “إذا التزمنا السياسات التي تعزز المساواة بدلاً من التشبث بالنهج الفاشل نفسه. ويتعين علينا أن نفعل ذلك على عدة جبهات. ويبدأ ذلك بتسريع العمل لتحقيق أهداف التنمية المستدامة”. وأشار إلى أنه حتى الآن لم يتحقق سوى أقل من خُمس أهداف التنمية المستدامة، على الرغم من أننا على بعد خمس سنوات من التاريخ الذي اتفقت عليه الدول. ولفت الانتباه إلى أن اللامساواة اتسعت كذلك بسبب فجوة التمويل السنوية التي وصلت إلى 4 تريليونات دولار. وشدد على ضرورة “التركيز على مجالات لها أثر كبير مثل القضاء على الفقر، والأمن الغذائي، والتعليم الجيد للجميع، والحماية الاجتماعية، والتغطية الصحية الشاملة، والوصول إلى الطاقة، والتحول الرقمي، والحد من التأثيرات المناخية”. وشدد على ضرورة التركيز “بشكل خاص على احتياجات أفريقيا”.

وشدد غوتيريش على قضايا التمويل ومركزيتها. وقال: “يتضمن “ميثاق المستقبل” دعماً واضحاً لتحفيز أهداف التنمية المستدامة للمساعدة في سد فجوة التمويل. ويدعو المانحين إلى الوفاء بالتزامات المساعدات الإنمائية الرسمية، ويدعو القطاع الخاص إلى الاستثمار في التنمية المستدامة”. وأضاف: “ويدعو إلى أنظمة حماية اجتماعية قوية، وتجارة مفتوحة تعمل كسلّم للدول للنمو والتطور، وضرائب توفر العدالة والازدهار على نطاق واسع. ويجب علينا أيضاً مكافحة التفاوتات من خلال إصلاح وتحديث مؤسسات التمويل العالمي لتمثل اقتصاد اليوم، وليس اقتصاد عام 1945”.

وشدد على ضرورة أن تكون “البلدان النامية ممثلة بشكل عادل في حوكمة المؤسسات التي تعتمد عليها. ويتعين علينا أن نعزز شبكة الأمان العالمية، وأن نزيد بشكل كبير من قدرة بنوك التنمية متعددة الأطراف على الإقراض، ما يجعلها أكبر وأكثر جرأة. ويتعين علينا أن نضمن نشر التمويل الميسر حيث تشتد الحاجة إليه، مع الأخذ بالاعتبار الهشاشة وليس فقط نصيب الفرد في الناتج المحلي الإجمالي”. ودعا إلى “اتخاذ إجراءات هادفة لمساعدة البلدان التي تعاني من ضائقة الديون أو تقترب منها، حتى يتسنى لها الحصول على مساحة مالية أكبر للاستثمار في أهداف التنمية المستدامة. وفي الوقت نفسه، يتعين علينا أن نعزز ونحسن بنية الديون السيادية لتمكين البلدان من الاقتراض بثقة، كما تطالب أجندة 2030. وقد عينت مجموعة من الخبراء لتحديد الخطوات العملية للخروج من المستنقع وحشد الدعم للعمل بشأن الديون”.

وتوقف غوتيريش كذلك عند اللامساواة والتمييز ضد النساء والفتيات حول العالم. وشدد على أن النهوض بأي مجتمع لا يمكن أن يتحقق إلا بسد الفجوات والتمييز ضد النساء والفتيات. كذلك حذر من استمرار التقاعس في ما يخص التغيير المناخي والأعباء التي يتكبدها الفقراء والدول النامية. وشدد على ضرورة أن تفي الدول الأعضاء، وبخاصة الصناعية، بالتزاماتها المادية. وتحدث عن دعم الأمم المتحدة قيادات “رئاستي مؤتمر الأطراف التاسع والعشرين والثلاثين لتقديم خريطة طريق موثوقة لحشد 1.3 تريليون دولار سنوياً اللازمة لدعم العمل المناخي في العالم النامي”. وقال غوتيريش إن الوقت قد حان للبدء “بتنفيذ مصادر جديدة ومبتكرة للتمويل، بما في ذلك محاسبة الملوثين على الأضرار التي تسببوا فيها. ويتعين على البلدان المتقدمة أن تفي بوعدها بمضاعفة تمويل التكيف إلى ما لا يقلّ عن 40 مليار دولار سنوياً هذا العام. ويتعين علينا تنفيذ مبادرة الإنذار المبكر للجميع التي أطلقتها الأمم المتحدة”.

وتوقف عند التقدم الذي أحرز على صعيد المناخ والطاقة النظيفة حيث “يستثمر العالم في الطاقة النظيفة قرابة ضعف ما يستثمره في الوقود الأحفوري. كذلك أصبحت الطاقة الشمسية وطواحين الهواء أرخص مصادر الكهرباء الجديدة والأسرع نموًا في التاريخ”. وتوقف عند التقدم في مجالات صحية مختلفة والتعليم للفتيات وغيرها.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
العربي الجديد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

5 × واحد =

زر الذهاب إلى الأعلى