تفاصيل جلسة الحكومة الإسرائيلية للموافقة على صفقة غزّة تتكشف

قال نتنياهو أن المُصادقة على الصفقة، تتيح لإسرائيل تعاوناً مع الإدارة الاميركية الجديدة في مجالات متعددة في الشرق الأوسط، ومن ضمن ذلك "التطبيع مع المملكة السعودية، والمواجهة مقابل إيران".

ميدل ايست نيوز: خلافاً لما دَرَجَ في جلسات الحكومة الإسرائيلية واجتماعاتها خلال الفترة الماضية، والتي قلّما تقاطعت فيها آراء رؤساء الأجهزة الأمنية والمستوى السياسي في كثير من المسائل المرتبطة بالحرب، استعرض هذه المرة رئيس الأركان، ورئيسا “الشاباك” و”الموساد”، ورئيس هيئة الأسرى والمفقودين، صورة تطابقت مع وجهة نظر رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو.

ولئن يبدو واضحاً هذه المرّة أن التطابق خلال اجتماع الحكومة الذي امتد لسبع ساعات قبل الموافقة على الصفقة، كان هدفه امتصاص غضب الجناح الرافض للأخيرة، وإقناعه بدعمها، فقد برز في العموم إيضاح رؤساء أجهزة الأمن بخصوص قضيتين أساسيتين: محور صلاح الدين (فيلادلفي)؛ وعدد الأسرى الإسرائيليين الذين سيطلق سراحهم.

بالنسبة للقضية الأولى، وبحسب ما كشفته صحيفة “يسرائيل هيوم” اليوم السبت، حول تفاصيل الجلسة، فقد شدد رئيس الأركان، هرتسي هليفي، على أن جيشه “لن ينسحب من المحور في المرحلة الأولى من الصفقة، وإنما سيُغيّر مواقع انتشار قوّاته، ويعززها”. وعلل ما تقدّم بأن المرحلة الأولى تُعد محورية بزعم أن “حماس ستحاول إعادة تأهيل صفوفها استعداداً لاحتمال تجدد الحرب، وضمن ذلك ستحاول تجديد عملية التهريب من خلال الأنفاق التي لم يُعثر عليها، إضافة لمعبر رفح”.

وعلى ما يبدو “تناسى” هليفي أن جيشه شنّ عملية عسكرية واسعة النطاق في رفح التي عجّت بالنازحين الفلسطينيين، وإلى جانب ما خلّفه من خسائر بشرية فادحة في صفوف الفلسطينيين، تموضعت قواته في “فيلادلفي” ومعبر رفح، وشقت طرقاً واسعة وعبّدتها على طول الحدود المصرية-الفلسطينية، وخلال ذلك زعمت أنها عثرت على عشرات الانفاق ودمّرتها.

ولضمان ألا “تستغل حماس المرحلة الحاسمة”، استعرض رئيسا “الموساد”، و”الشاباك”، دافيد برنياع، ورونين بار تفاصيل ذات صلة اتفق عليها مع الجانب المصري، وبضمنها الرقابة الدولية على المعبر “الذي استخدمته حماس في عمليات تهريب السلاح”.

أمّا في ما يتعلّق بالقضية الثانية، وهي عدد من سيطلق سراحهم من الأسرى الإسرائيليين، فأثنى هذه المرة، منسق الأسرى والمفقودين، نيتسان ألون، على نتنياهو، رغم أنه كان من أشد منتقديه بسبب عرقلته أكثر من مرّة للصفقة. وأتى الثناء مبرراً بأن “تشدد نتنياهو أفضى إلى شمل عدد أكبر من الأسرى الأحياء” الذين كان منويا الإفراج عنهم في المسوّدة التي اتفق عليها في شهر مايو/أيار من العام الماضي.

من جهة ثانية، فإن برنياع، الذي عُد قريباً أكثر من مواقف نتنياهو تجاه المفاوضات، قياساً بغيره من المسؤولين الأمنيين، وكان رأيه عموماً مقبولاً من وزراء الحكومة، فتحدث وفقاً للصحيفة في الجانب العملي حول تفاصيل الاتفاق وتطرق إلى الغطاء الدولي لا سيما من جانب الولايات المتحدة. وعرج على “قدرة أجهزة الأمن في التعامل مع مفاعيل إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية”. وعلى المقلب الآخر، شدد على التزام الحكومة “الأخلاقي” باستعادة جميع المحتجزين الإسرائيليين.

نتنياهو بدوره، وخلال محاولات الإقناع، تحدث عن “إنجازات” الصفقة بالنسبة لإسرائيل، وخصوصاً في ما يتعلّق بالتغييرات التي طرأت على مسوّدة مايو/أيار؛ إذ بحسبه “طوال الأشهر الطويلة لم نستطع التقدم. ولم تكن هناك صفقة بسبب أن حماس عارضتها. غير أن الوضع تغيّر بفضل بطولة مقاتلينا والعمليات العسكرية الميدانية، وضمنها الضربات القاسية التي تلقاها المحور الإيراني في لبنان وفي إيران نفسها. وبالتالي بقيت حماس وحيدة في الساحة، وبالنتيجة تراجعت ووافقت على الصفقة”. علماً أن حماس قد وافقت منذ شهور على الصفقة، وإسرائيل هي من كانت تحبطها.

وفي الإطار، انتقد نتنياهو خلال الجلسة، ما وصفه بالتقارير “غير المسؤولة” التي حمّلته المسؤولية عن إحباط الصفقة، ووجه أيضاً انتقاداً ضمنياً لوزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، الذي تبنى إحباط الصفقة في المرات السابقة، كما أقر بنفسه.

ولإقناع وزرائه المعارضين، تابع نتنياهو متحدثاً عن الدعم الأميركي لأهداف الحرب الإسرائيلية قائلاً إن “الرئيس ترامب اتخذ قراراً بالتزامن مع دخوله المنصب، بموجبه سنحصل من جديد جميع شحنات الأسلحة المُجمّدة”. وقال إن “هذا مهم، لأنه إن لم نتمكن من الوصول إلى المرحلة الثانية، ستكون بحوزتنا الأدوات الإضافية للعودة للحرب، وقد أعطى ترامب الدعم الكامل لإسرائيل للعودة للقتال في حال انتهاك الاتفاق (من جانب حماس)”.

وأضاف نتنياهو أن المُصادقة على الصفقة، تتيح لإسرائيل تعاوناً مع الإدارة الاميركية الجديدة في واشنطن في مجالات متعددة في الشرق الأوسط، ومن ضمن ذلك “التطبيع مع المملكة العربية السعودية، والمواجهة مقابل إيران التي تطمح للحصول على القنبلة النووية”.

في غضون ذلك، وجّه وزراء “عوتسماه يهوديت” (قوة يهودية) و”الصهيونية الدينية” سهامهم نحو رئيس أركان الجيش مدعين أن “الضغط العسكري لم يكن ناجعاً بما يكفي، وأن الاستراتيجية العسكرية لم تفلح بتحقيق هدف القضاء على حماس بالكامل”، وهنا تدخل نتنياهو، بحسب الصحيفة، قائلاً إن “حماس تلّقت ضربة قاسية”، فيما أضاف هليفي أنه أعطى “جميع الإمكانات العسكرية وأن استكمال هذه الجهود سيكون بواسطة أدوات سياسية”.

في غضون ذلك، زعم رئيس “الشاباك” أن “حماس تجنّد مقاتلين جددا في صفوفها، عبر مخصصات مالية من المساعدات الإنسانية”، مضيفاً أنه “ستكون هناك حلول لمسألة سيطرة حماس على المساعدات”.

إلى ذلك، استعرض رئيس مجلس الأمن القومي، تساحي هنغبي، أمام الحكومة، وجهة نظر بخصوص الآثار السلبية لإطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين، وبحسبها “الموافقة على الصفقة من شانها أن تنعكس سلباً على الوضع الأمني في الضفة. ولذلك، اتخذ الكابينت السياسي الأمني قراراً لتعزيز الأمن في الضفة، وخصوصاً على محاور الطرق والمستوطنات”. وذلك في إشارة إلى جزء من النقاط التوافقية التي توصل إليها نتنياهو، وسموتريتش، حتّى لا يستقيل الأخير من الحكومة.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
العربي الجديد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اثنان + 18 =

زر الذهاب إلى الأعلى