من الصحافة الإيرانية: ترامب وبزشكيان أمام لحظة حاسمة لتحقيق السلام
إذا افترضنا أن ترامب يبحث عن بديل لصراع مستمر بلا نهاية، فإن الخطوة الأولى ينبغي أن تكون التوصل إلى اتفاق نووي جديد مع إيران.

ميدل ايست نيوز: إذا افترضنا أن ترامب يبحث عن بديل لصراع مستمر بلا نهاية، فإن الخطوة الأولى ينبغي أن تكون التوصل إلى اتفاق نووي جديد مع إيران.
وأعلنت الحكومة المستقبلية لدونالد ترامب دعمها للتفاوض مع إيران حول جميع القضايا العالقة. حيث أجاب الرئيس المنتخب للولايات المتحدة، دونالد ترامب، عند سؤاله عن رسالة يوجهها لمرشد الجمهورية الإسلامية الإيرانية، قال: “أتمنى له التوفيق”.
وأكد ترامب خلال حملته الانتخابية للرئاسة في عام 2024 أن سياسته تجاه إيران في ولايته الثانية ستكون “مختلفة للغاية” عن الأولى. حيث رفض سياسة “تغيير النظام” وأعاد التأكيد على رغبته في نجاح إيران، لكنه أكد أيضًا معارضته لحصول إيران على سلاح نووي.
وفي سبتمبر 2024، أعلن مسعود بزشكيان، أن طهران مستعدة لإجراء حوار “بنّاء” و”تفاعل” مع الغرب بشأن البرنامج النووي، وأنها ترغب في تحسين العلاقات مع الولايات المتحدة.
ومع ذلك، فإن ردم الفجوة بين واشنطن وطهران أمر صعب. فإذا أراد ترامب الخروج من الجمود الحالي في المفاوضات مع إيران، فإنه سيواجه معارضة شديدة داخل الولايات المتحدة وإيران والمنطقة. حيث دعا دعا بيني غانتس، عضو سابق في الكابينة الأمنية الإسرائيلية، الشهر الماضي إلى “استهداف إيران بشكل مباشر”.
الخطوة الأولى
من المحتمل أن تطالب إسرائيل بتفكيك قدرات إيران على تخصيب اليورانيوم بالكامل، لكن فرض هذا الخيار يعني على الأرجح فشل المفاوضات، كما فشلت بين عامي 2003 و2013.
إذا كان الهدف الأساسي لترامب هو ضمان عدم حصول إيران على قنبلة نووية، فسيحتاج إلى خطة تمنع تطوير الأسلحة النووية، ليس فقط من قبل إيران، بل من قبل الدول الطامحة الأخرى في المنطقة. وكما حذر الرئيس بايدن، “إذا حصلت إيران على قنبلة، فإن السعودية وتركيا ومصر ستحاول الحصول عليها أيضًا”.
خطة مقترحة
فيما يلي عناصر هذه الخطة:
أولاً، كما هو الحال في الاتفاق النووي الإيراني خلال إدارة أوباما، ستوافق إيران على شفافية كاملة لبرامجها النووية وأعلى مستويات إجراءات التحقق من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
ثانيًا، سيتم تطبيق المبادئ الرئيسية لهذه الاتفاقية على جميع دول المنطقة، مما يتيح جعل القيود الأساسية على الانتشار النووي دائمة، بما في ذلك تقييد تخصيب اليورانيوم إلى أقل من 5% ومنع فصل البلوتونيوم عن الوقود المستهلك.
ثالثًا، بعد تنفيذ الاتفاق النووي الجديد، يجب على واشنطن وطهران التفاوض بشأن الأمن الإقليمي. كما ينبغي على كلا البلدين، كخطوة أولى وكبادرة حسن نية، تعليق جميع التهديدات والأعمال العدائية مؤقتًا.
أهم مخاوف الطرفين
منذ عدة سنوات، قال روبرت إينهورن، المفاوض النووي الأمريكي السابق: عندما نطرح ضرورة المفاوضات الإقليمية، يعتقد بعض الإيرانيين خطأً أننا نعني التخلص من القدرات الصاروخية والدفاعية لإيران. جميع الدول، بما في ذلك إيران، لها الحق في امتلاك القدرات الدفاعية التي تحتاجها.
وأضاف: نحن ندرك أن لإيران مخاوف أمنية مشروعة، مثلما لدينا نحن. لذا، يجب أن يدخل الطرفان في حوار جاد ومنصف لمعالجة المخاوف الشرعية لكل منهما وإيجاد حلول متوازنة.
ويعتبر المرشد الأعلى الإيراني آية الله خامنئي صاحب القرار النهائي بشأن العلاقات الإيرانية مع الولايات المتحدة. ففي 8 يناير 2024، صرح بأن “الولايات المتحدة تعادي الشعب الإيراني والجمهورية الإسلامية أساسًا، وتطمح إلى تدمير إيران”.
ومن خلال معرفتي الطويلة بآرائه، أعتقد أن المخاوف الرئيسية بشأن العلاقات مع أمريكا تتلخص في ثلاث نقاط: تهديد استقلال إيران عبر التدخل في شؤونها الداخلية وسياسة “تغيير النظام” وعدم احترام والاعتراف بالمصالح الوطنية لإيران.
من ناحية أخرى، وبعد 15 عامًا من البحث والدراسة في جامعة برينستون حول العلاقات بين إيران والولايات المتحدة، أعتقد أن «تحدي وتهديد المصالح الأمريكية في المنطقة» هو القلق الأهم للولايات المتحدة تجاه سياسات إيران بعد الثورة الإسلامية عام 1979.
صفقة عادلة ومتوازنة
إذا كان من المقرر تحقيق صفقة عادلة ومتوازنة، فيجب على كلا العاصمتين قبول المصالح الإقليمية المشروعة للطرف الآخر والالتزام بعدم تهديد هذه المصالح. هذا يتطلب إعادة صياغة استراتيجيات الأمن الإقليمي والدبلوماسية، خاصة مع الحلفاء الرئيسيين لكل منهما.
علاوة على ذلك، هناك حاجة إلى نموذج مستدام وموثوق للاستقرار والسلام الإقليمي. يمكن لإيران والعراق والسعودية ودول مجلس التعاون تحقيق مثل هذا النموذج من خلال إطار أمني جماعي واقتصادي جديد مستوحى من منظمة الأمن والتعاون في أوروبا.
سيسهل هذا الأمر إقامة علاقات متوازنة وطبيعية مع الكتل الغربية والشرقية مثل ترتيبات السيطرة على الأسلحة الإقليمية، بما في ذلك منطقة خالية من الأسلحة النووية، وتقليص القوات والنفقات العسكرية الأمريكية في المنطقة.
يمكن أن يرتبط هذا الاتفاق أيضًا بوقف النزاع العسكري بين إيران وإسرائيل من خلال حل عادل ودائم للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي على أساس حل الدولتين كما هو موضح في العديد من قرارات الأمم المتحدة.
إذن، يمكن أن يشمل الاتفاق تعاونًا اقتصاديًا كبيرًا بين الولايات المتحدة وإيران، وربما يشمل مشاريع بقيمة مئات المليارات من الدولارات في قطاعات مثل البتروكيماويات والطيران والطاقة النظيفة. من شأن ذلك أن يوفر حافزًا اقتصاديًا كبيرًا داخل كل من البلدين، مما يجعل الترتيبات الجديدة أكثر استدامة.
وباستطاعة الرئيس ترامب، في أول يوم له في البيت الأبيض وعبر مكالمة هاتفية مع نظيره الإيراني، الرئيس بزشكيان، أن يوافق على أن يشرع الممثلون الخاصون للبلدين على الفور في مفاوضات مباشرة لتحقيق مثل هذا الاتفاق العادل والدائم والتاريخي.
حسين موسويان
دبلوماسي وكبير المفاوضين النوويين الإيرانيين السابق