سوريا تتجه لربط سككي مع العراق.. عوائق أمنية وجدوى اقتصادية «منقوصة»

جاء حديث الإدارة السورية الجديدة، عن نيتها إعادة تفعيل الربط السككي مع العراق وتأمين مناطق مروره، ليواجه بـ”عدم دراية” لدى وزارة النقل العراقية.

ميدل ايست نيوز: جاء حديث الإدارة السورية الجديدة، عن نيتها إعادة تفعيل الربط السككي مع العراق وتأمين مناطق مروره، ليواجه بـ”عدم دراية” لدى وزارة النقل العراقية، كما أثار من جانب آخر تساؤلات عن جدواه والمعوقات التي تقف أمامه، ووفقا لمتخصصين، فإنه بحاجة لعوامل عديدة، ولعل أبرزها الجانب الأمني، فضلا عن تاهيل خطوط السكك في كلا البلدين على حد سواء.

وفيما يخص طريق التنمية الذي تنوي الحكومة العراقية تنفيذه، فإن المتخصصين أكدوا أنه يمر عبر تركيا كونها الأكثر جدوى وقربا إلى أوروبا من سوريا، لكن في حال تأهيل الربط السككي مع الأخيرة، سيكون “خيارا متاحا” إضافيا.

ويقول المتحدث باسم وزارة النقل، ميثم عبد الصافي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “مشروع الربط السككي مع سوريا عبر محافظة الأنبار، يعتبر أمرا سياديا يتعلق بالحكومة بالدرجة الأساس”.

ويضيف الصافي، أن “محافظة الانبار فيها شبكة سكك حديدية تعمل بشكل طبيعي على نقل البضائع والمسافرين”، مبينا أنه “حتى الان لا يوجد حديث عن مشروع الربط مع سوريا لدى وزارة النقل”.

ويتابع، أن “تصريح وزير النقل السوري حول خطط للربط السككي ونقل البضائع والمسافرين ليس فيه خطوات لغاية الآن”، مؤكدا أن “النقل البري للسلع والبضائع والمسافرين متوفر ومستمر منذ سنوات طويلة عبر المنافذ البرية بين البلدين”.

وكان وزير النقل السوري، في الإدارة الجديدة، بهاء الدين شرم، أكد يوم أمس الإثنين، في تصريح لوكالة شفق نيوز العراقية، عن التوجه نحو إعادة تأهيل السكة الحديدية والطرق البرية التي تربط بلاده بالعراق، وأن هذا الأمر ضمن أولويات وزارته، لكنه أشر بعض المعوقات في المرحلة الحالية نتيجة الوضع الأمني في منطقة دير الزور والحسكة، ولفت إلى أنه ستتم صيانة الطرق البرية وربما العمل على إنشاء طرق جديدة لتطوير عملية نقل البضائع بين سوريا والعراق.

وكان العراق، طرح في العام 2023، طريق التنمية، عبر مؤتمر دولي عقد في بغداد، بهدف ربط العراق عبر تركيا بالدول الأوروبية من جهة ودول الخليج من جهة ثانية، يتحول إلى معبر لبضائع، فضلا عن ربط الطريق مستقبلا بميناء الفاو الكبير، بعد إكماله.

من جانبه، يبين الخبير الاقتصادي، أحمد صدام، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “تفعيل خط سكك الحديد بين العراق وسوريا، سيكون له تأثير إيجابي على البلدين، يتمثل في زيادة التجارة من خلال تسهيل حركة البضائع”.

ويضيف صدام، أن “الشروع بمثل هكذا مشروع يساهم في تخفيض تكاليف النقل الذي يعزز من حركة السياحة بين البلدين، بالإضافة إلى أن تفعيل المشروع سوف يحفز الاستثمار في مجالات الصناعة والنقل وما يرتبط بهما من خدمات مكملة، وكل ذلك سوف ينشط الحركة التجارية من ميناء الفاو الكبير باتجاه سوريا مستقبلا”.

ويوضح أن “هذا المشروع سوف يكون مكملا لطريق التنمية ويمثل تنويعا لخيارات الشركات الناقلة، بحيث لا تكون حركتها محصورة باتجاه تركيا فقط”، مضيفا انه “لا يمكن اعتبار الخط العراقي السوري بديلا عن الخط العراقي إلى تركيا عبر إقليم كردستان وذلك لسببين رئيسين أولهما طول المسافة، فالمسافة من البصرة عبر كردستان العراق الى تركيا تبلغ بحدود 1400 كيلو متر، بينما إلى تركيا عبر سوريا سوف تبلغ بحدود 1700 كيلو متر، لكنه سيكون خيارا متاحا لبعض الشركات”.

ويتابع: “أما السبب الثاني، يتعلق بتكاليف مرور البضائع (الترانزيت) فحينما يكون النقل عبر سوريا سوف تتحمل شركات النقل تكاليف إضافية على عكس مرورها عبر كردستان، وبالتالي فالأفضل للعراق أن تكون تجارته مع تركيا عبر إقليم كردستان”.

وبعد الإعلان عن الطريق، بدأت اتفاقيات عدة للربط السككي مع العراق، أولها مع تركيا، حيث أجرى مسؤولين فيها زيارات للعراق بهدف بحث الجوانب القانونية والفنية والمالية للربط السككي.

وكان رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، بحث أيضا في عام 2023، عن بحث وزير النقل مع السعودية، لقضية الربط السككي، الذي سيكون مخصصا لنقل الحجاج، حسب تصريحه، فيما شدد على أن موقفه ما زال رافضا لأي ربط سككي تجاري.

يشار إلى أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، كشف سابقا، عن مشروع ممر تجاري كبير يربط تركيا بالسعودية والإمارات عبر محافظة البصرة في العراق، وذلك لقائه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في الهند.

إلى ذلك، يعتبر المختص الأمني، هيثم الخزعلي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “حديث الجانب السوري عن مشروع للسكك الحديدية مبكر جدا، وسط التطورات الأمنية والصراعات في المنطقة وعدم تأمين الاراضي بين البلدين”.

ويوضح الخزعلي، أن “كلام وزير النقل السوري يحتاج أولا أن تسيطر الإدارة السورية على مناطق مرور السكك الحديد فعليا وتضبط الامن في اراضيها الحدودية”، متابعا أن “الهاجس الأمني الآن أن تنظيم داعش ربما نشط مؤخرا في الجانب السوري، بالتالي الوقت ما زال مبكرا على هكذا خطوات بين البلدين والشروع بها”.

وجاء إعلان السوداني عن بحث الربط السككي مع السعودية، بعد أيام من وضع حجر الأساس لمشروع الربط السككي مع إيران عبر منفذ الشلامجة الحدودي بمحافظة البصرة، وهو خط أثار الكثير من الجدل، خاصة وأن “العالم الجديد” كشفت أن الربط سيستخدم لنقل البضائع وليس المسافرين، ما يعني إنهاء دور ميناء الفاو الكبير.

وكشفت “العالم الجديد”، في تقرير سابق آخر، أن الاتفاقية التي وقعها العراق عام 2021 مع إيران، بشأن الربط السككي، نصت على أن الـAxel Load وهي الحمولة المحورية للسكك، تكون بقيمة 25 طناً، وتستخدم لغرض نقل البضائع، في حين تبلغ قيمة مثيلتها المستخدمة لنقل المسافرين 14 طنا.

من جانبه، يرى عضو رابطة التجار العراقيين، صباح البغدادي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “أي نوايا لتفعيل خط التجارة العراقي- السوري بريا أو عبر السكك الحديدية يعتبر مفيد للبلدين ويخدم الميزان التجاري بشكل كبير”.

ويؤكد البغدادي، أن “السوق العراقية مهمة بالنسبة للصناعات والبضائع السورية، حيث يعتبر العراق من الاسواق المهمة لتصريف البضائع لجميع البلدان المجاورة بالدرجة الاساس”، مضيفا أن “الحديث السوري عن ربط سككي مع العراق يحتاج لتخطيط وفترة طويلة لتطبيقه، لأن السكك في الجانب العراقي بالجانب الغربي متهالكة وغير صالحة للتبادل الدولي، إضافة لتضرر السكك في سوريا نتيجة العمليات الارهابية منذ سنوات”.

ويتابع، أن “النقطة الأهم هو استقرار البيئة التي تحتاجها البلدين وتوفير الجو الآمن عبر تأمين مناطق مرور البضائع خاصة في الصحراء، حيث لا يمكن جعل التجار يجازفون بأموالهم في خطط غير مستقرة ومشاريع غير واضحة”، مشيرا إلى أن “الأردن وسوريا تعتبر من أقل البلدان التي يستورد منها العراق خلال السنوات الاخيرة مقارنة ببلدان أخرى”.

ويوضح البغدادي، أن “طريق التنمية لن يتأثر بحال تطبيق مشروع النقل السككي مع سوريا أو إعادة تفعيل النقل البري والحركة التجارية، لأنهما يختلفان عن بعضهما”، مضيفا أن “سوريا خارج خارطة طريق التنمية والقناة الجافة التي تمر في الاراضي العراقية”.

يذكر أن مساعي الربط السككي لم تقتصر على إيران فقط، بل طرحت الكويت مرارا مشروعا مشابها لربط البصرة بميناء مبارك الكويتي عبر خط سكك حديد، تستخدم لنقل البضائع، مستخدمة كل السبل لتنفيذه، ما أثار ردود أفعال شعبية ورسمية رافضة.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
العالم الجديد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ستة عشر − تسعة =

زر الذهاب إلى الأعلى