من الصحافة الإيرانية: هل يفاجئ ترامب من حوله بشأن الملف الإيراني؟

مع بداية الولاية الرئاسية الثانية لدونالد ترامب تزايدت التكهنات بشأن سياسته الخارجية بشكل عامة وسياسته تجاه إيران بشكل خاص.

ميدل ايست نيوز: مع بداية الولاية الرئاسية الثانية لدونالد ترامب تزايدت التكهنات بشأن سياسته الخارجية بشكل عامة وسياسته تجاه إيران بشكل خاص. من الطبيعي أن تكون هناك محاولات من مختلف الأطياف السياسية داخل الولايات المتحدة وفي الشرق الأوسط وعبر العالم للتأثير على سير الخطط واتخاذ القرارات في فريق السياسة الخارجية لترامب. أما فيما يتعلق بإيران، فإن هناك قلة من الإشارات التي تدل على نصائح لترامب بالاعتدال والوسطية.

وفي آخر الحالات، اقترحت الجماعة المتطرفة المعروفة باسم “اتحاد ضد إيران النووية” (UANI) في نص تحت عنوان “خطة المئة يوم” لترامب مجموعة من الإجراءات العدائية ضد إيران في مجالات الدبلوماسية والإعلام والعسكرية والاقتصاد. فعلى الرغم من أنه لم يكن من المتوقع أن تصدر هذه المجموعة شيئًا غير ذلك، إلا أن المؤسف أن بعض الشخصيات والأطياف التي كانت تعتبر معتدلة في السنوات الأخيرة وكانت تدعو إلى حل دبلوماسي للاختلافات مع إيران والضغط الاقتصادي الأقصى من أجل ذلك، بدأت تميل في الآونة الأخيرة إلى التشدد. المقالان اللذان نشرهما ريتشارد نفيو وريتشارد هاس في نشرة “فارن أفيرز” في 2 و 6 يناير، يعدان مثالًا على هذه التوصيات التي يمكن أن تؤثر في تشكيل النموذج الجديد. هذان الكاتبان، اللذان كانا يُصنفان سابقًا ضمن الأطياف المعتدلة، شدد في مقالتيهما على سياسة “الضغط الأقصى” واعتبراها غير كافية، كما اعتبرا التهديد العسكري ضد إيران جزءًا مكملًا للأدوات الدبلوماسية اللازمة.

وفي إشاراتهما التي تقربهما إلى اتحاد ضد إيران النووية، قالا إن العقوبات يمكن أن تكون جزءًا من خطة شاملة لتغيير سياسة إيران.

ومع هذه التوصيات من قبل المتشددين والمعتدلين، يصعب تصوّر أن يكون لدى محيط ترامب فكرة مغايرة. لكن كما رأينا في الولاية السابقة من رئاسة ترامب، لا يزال هناك احتمال أن يفاجئ ترامب محيطه والمراقبين الخارجيين بتوجهاته غير التقليدية، وذلك في إطار “المنطق التفاوضي” وذهنه الذي لا يتبع القواعد التقليدية. دعوته لوزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف عبر السناتور راند بول للقاءه في البيت الأبيض في يوليو 2019، وإصراره في أغسطس 2019 في بياريتس بفرنسا على اللقاء مع ظريف عبر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، هي أمثلة على ذلك. وكان ذلك في الوقت الذي كان فيه مايك بومبيو وجون بولتون معارضان لهذا اللقاء، حيث هدد بولتون بالاستقالة إذا تم اللقاء. بالإضافة إلى هذه الخصائص الشخصية لترامب، يجب أخذ وعوده الانتخابية في الاعتبار.

لقد وعد ترامب بعدم دخول أمريكا في حرب جديدة، وإنهاء الحروب الحالية. بشكل عام، وبالرغم من عدم وجود استراتيجية متماسكة للأمن القومي لديه، يمكن تصنيف استراتيجيته العملية بأنها قريبة من “استراتيجية التوازن عن بعد” (offshore balancing) وبعيدة عن “استراتيجية الهيمنة الليبرالية”. لذلك، الأوضاع الحالية تشير إلى أنه رغم توصيات محيطه والجماعات السياسية المتطرفة في أمريكا، لا يمكننا القول إن الطريق نحو التفاهم قد تم إغلاقه. ومع ذلك، يبقى السؤال المهم: كيف سيبدأ ترامب هذه المرة؟ هل سيبدأ بدعوة إيران للتفاوض، أم سيصاحب الدعوة “الضغط الأقصى” على الأقل؟

من جهة أخرى، وبالنظر إلى الأبعاد النفسية للقضايا بين إيران وأمريكا، بما في ذلك اغتيال القائد قاسم سليماني بتوجيه من ترامب، وادعاء إيران بأنها كانت تخطط لاغتيال ترامب وبعض من مساعديه السابقين، فإن القضية تصبح أكثر تعقيدًا من القضايا المماثلة، وبالتالي فإن كيفية بداية ترامب ستكون مهمة للغاية.

وإلى جانب الأبعاد النفسية، تغيرت الرواية السائدة في الغرب بشكل أساسي وركزت على تقليص الأذرع الإقليمية والدفاعية لإيران خلال الـ 15 شهرًا الماضية. بغض النظر عن صحة أو خطأ هذه الرواية، فإنها تظل مهمة ويمكن أن تؤثر على طريقة اتخاذ ترامب للقرارات ورد الفعل الإيراني. كان بإمكان إيران طرح هذه القضايا وربما لا يزال بإمكانها قبل بداية ولاية ترامب، للتأثير على قراراته. وقد فعلت دول أخرى ذلك، وكانت السلطات الإقليمية على اتصال مستمر مع مسعود بولوس، مستشار ترامب، وستيف ويتكاف، المبعوث الخاص لترامب في شؤون الشرق الأوسط. لكن الأدلة لا تشير إلى أن المسؤولين الإيرانيين قد تواصلوا مع محيط ترامب. إذا كان هذا الافتراض صحيحًا، فإنهم ونحن قد نواجه صعوبة في تصور الخطوات التي سيقوم بها ترامب تجاه إيران.

كوروش أحمدي
دبلوماسي إيراني سابق

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

19 − 18 =

زر الذهاب إلى الأعلى