ما الأسباب التي تدفع الإيراني للهجرة من بلاده؟

عند دراسة العوامل التي تؤدي إلى الهجرة، يجب أن يتم تقييم جاذبية البلد المقصود جنبًا إلى جنب مع الدوافع في بلد الفرد المهاجر بدقة.

ميدل ايست نيوز: ينجم جزء كبير من ظاهرة الهجرة في جميع أنحاء العالم عن توقعات الفرد بزيادة مستوى رفاهيته. هذا الأمر يمكن ملاحظته بشكل واضح ممن يهاجر من البلدان النامية إلى البلدان المتقدمة الصناعية، لأنهم ببساطة يأملون في الوصول إلى مستوى أعلى من الحياة والرفاهية. ونعني هنا من الحياة الأفضل أي العمل والدخل والمعيشة الأفضل. لكن هل هذا هو السبب الوحيد الذي يدفع الفرد للهجرة وهل ينطبق على الجميع تعريف واحد في دوافع الهجرة؟

وتظهر مختلف المعطيات في إيران خلال السنوات الأخيرة (2011-2023) إلى أن العديد من المهاجرين الإيرانيين، الذين كانوا أصحاب تخصص مهني ولديهم وظائف ودخل جيد في وطنهم، اختاروا في النهاية ترك وظائفهم والانتقال إلى دول قد لا يوفرون فيها نفس الرضا المهني الذي كانوا يتمتعون به في إيران. رغم ذلك، يشعر هؤلاء الأفراد أن حياتهم وحياة أبنائهم ستكون أكثر راحة وهدوءًا وأمانًا من الناحية المستقبلية في الوجهات الجديدة. وهذا الشعور هو ما يحفزهم على اتخاذ قرار الهجرة. وبهذا، يمكن الاستنتاج أن المسائل المالية والرفاهية تشكل أحد العوامل المهمة في الهجرة، لكنها تبقى جزءًا من مجموعة من العوامل المتعددة التي تؤثر في القرار النهائي.

وثمة عوامل مكملة أخرى كثيرة ستكون بمثابة محفزات لعملية الهجرة، مثل العوامل في استقطاب المهاجرين من قبل “الوجهة” والدافع في موطن المهاجر، وكلاهما يؤديان إلى اتخاذ قرار الهجرة والقيام بها.

عندما نتحدث عن استقطاب المهاجر، أي الدول الصناعية، نجد أن مستوى الرفاهية المرتفع في هذه البلدان يشكل الجاذبية اللازمة لحثهم على اتخاذ القرار، وإذا نظر المهاجرون المحتملون إلى الدافع في الموطن، فإن القلق من المستقبل والقيود الاجتماعية يزيدان من ميلهم للهجرة، وفي النهاية تؤدي هذه العوامل جميعها إلى اعتقاد الشخص بأنه سيحظى بحياة أسهل خارج بلاده.

عند مناقشة العوامل التي تدفع الناس للهجرة من بلدانهم (موطن المهاجر)، يرى بعض الأفراد أن الهجرة من إيران تعتبر هروبًا من القيود الموجودة في البلاد. بمعنى أن الدافع الداخلي هو الذي يشجع العديد على اتخاذ قرار الهجرة، وليس فقط الشعور بالاطمئنان تجاه الظروف الجيدة التي قد يجدونها في الدول الأخرى.

إذن، في حال أردنا أن نولي اهتمامًا أكبر لفهم السبب وراء مغادرة المتخصصين والكوادر المتميزة من إيران، رغم الحاجة الماسة لهم في البلاد، لرأينا أن القلق من المستقبل والقيود الاجتماعية التي تزعجهم وتؤثر في حياتهم كانت السبب في الهجرة.

العديد من المؤسسات تُظهر شكاوى أو قلقًا من أن الكوادر المتخصصة داخل المنظمة تترك المؤسسة، مما يضطرهم لاستبدالهم بقوى عاملة ذات جودة أقل ورواتب أعلى؛ وفي النهاية، لا تصل المؤسسة إلى المستوى الذي كانت عليه قبل هذه الهجرات.

تقول الطبيبة النفسية زهرا كريمي إن “المخاوف من المستقبل وفقدان الأفق المشرق وبيئة العمل المليئة بالمخاطر هي عوامل رئيسية تدفع الإيرانيين للهجرة، لأننا نرى أن ليس فقط الكوادر المتخصصة، بل أيضًا رؤوس الأموال تغادر البلاد”.

بالتالي، عندما يغادر أصحاب الأموال، الذين يمكنهم على الأرجح تحقيق أرباح جيدة في ظروف معينة في إيران، بسبب المخاوف من المستقبل، ويتوقفون عن عملهم ويغادرون البلاد، يمكننا فهم أن المخاطر العالية في بيئة العمل هي عامل سلبي جاد يدفع رؤوس الأموال للهروب من البلاد، ويؤدي أيضًا إلى خروج رأس المال البشري المتفوق والمتخصص.

على سبيل المثال، الكثير من الطلاب الإيرانيين الذين تخرجوا منذ سنتين أو ثلاث سنوات من جامعات إيرانية، حصلوا على قبول من إحدى الجامعات في كندا وهاجروا إلى هناك، وكانوا قد دفعوا على الأرجح مبلغًا كبيرًا للتسجيل في هذه الجامعة.

الكثير أيضا ممن يغادر إيران يكون صاحب إمكانيات مالية جيدة وفرص عمل ممتازة، والسبب هو علمه بأنه قد لا يحصل إلى تعليم جيد أو وظيفة رفيعة خارج إيران، لكنه سيشعر أن سينعم بحياة هادئة وأوضاع اجتماعية واقتصادية تلائم ذلك البلد المتقدم.

في الختام، عند دراسة العوامل التي تؤدي إلى الهجرة، يجب أن يتم تقييم جاذبية البلد المقصود جنبًا إلى جنب مع الدوافع في بلد الفرد المهاجر بدقة. الجميع يحمل حبًا كبيرًا تجاه وطنه وعائلته، لكن وإذا أردنا الحديث عن إيران بالأخص فإن دافع الوضع الاقتصادي والاجتماعي في البلاد قد أصبحت شديدة لدرجة أنها تغلب على كل هذا الحب والانتماء، مما يدفع الأفراد إلى ترك هذه الروابط والتوجه للهجرة إلى بلد آخر.

إقرأ أكثر

إيران.. نتائج استطلاع تظهر أن 16.7% فقط لا يفكرون في الهجرة

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

واحد × 3 =

زر الذهاب إلى الأعلى