من الصحافة الإيرانية: موسكو بصدد الحفاظ على الحضور في سوريا بعيدا عن طهران
إن الكرملين ببراغماتيته الدبلوماسية لديه القدرة على حل الخلافات مع الحكومة السورية الجديدة بقيادة أحمد الشرع في فترة زمنية قصيرة والعودة إلى مكانته السابقة، مما قد يشكل تهديدًا مضاعفًا لمصالح طهران.

ميدل ايست نيوز: في الوقت الذي تستضيف فيه روسيا رئيس النظام السوري السابق بشار الأسد، زار يوم الثلاثاء الماضي 28 يناير وفد روسي رفيع المستوى دمشق لأول مرة منذ فرار الأسد وسقوط نظامه بأيدي المعارضة.
وأصدرت وزارة الخارجية الروسية بيانًا حول هذه الزيارة، أعلنت فيه عن لقاء الوفد الروسي مع أحمد الشرع، الرئيس السوري للحكومة الانتقالية، وأسعد الشيباني، وزير الخارجية، وماهر الشرع، وزير الصحة. مشيرة إلى أن الوفد الروسي أكد دعمه لوحدة وسلامة الأراضي السورية وحق السيادة السورية وعن استعدادها لتقديم المساعدات اللازمة لإعادة بناء سوريا بعد هذه الأزمة.
وبحسب البيان، تم الاتفاق خلال الزيارة على استمرار التواصل الثنائي بهدف الوصول إلى اتفاقات تتعلق بتعزيز العلاقات المتعددة الأطراف والتفاهمات المتبادلة بين موسكو ودمشق، بما في ذلك الأبعاد السياسية الخارجية. كما ذكرت وكالة “تاس” أن بوغدانوف، خلال زيارته إلى دمشق، أكد أن “وضع المنشآت الروسية في طرطوس وحميميم” لم يطرأ عليه أي تغيير.
وفي هذا السياق، يعتبر المحلل البارز في شؤون الشرق الأوسط مجتبي رحيمي نيا، في حديث لصحيفة شرق، أن القضية الأهم في العلاقات بين روسيا والحكومة السورية الجديدة هي “استضافة موسكو لبشار الأسد، وهو ما قد يكون أحد العوامل الرئيسية في توقف أو على الأقل تراجع العلاقات بين البلدين.
وأضاف: يجب أن ننتظر الآراء التي سيتبادلها الطرفان خلال زيارة الوفد الروسي إلى دمشق بشأن تسليم بشار الأسد إلى الحكومة الجديدة.
وفي هذا السياق أيضًا، أفاد مصدر سوري مطلع على المفاوضات مع موسكو لوكالة “رويترز” بأن “أحمد الشرع طلب من روسيا تسليم بشار الأسد والمقربين منه”.
من جانب آخر، أشار هذا المحلل البارز في شؤون الشرق الأوسط إلى أنه “لا يجب نسيان دور تركيا وشخص أردوغان في اللعبة، لأنه إذا أراد أردوغان أن يقدم الحكومة المستقرة في دمشق كلاعب معترف به بين دول الكتلة الشرقية، فإنه يجب أن يركز على رسم العلاقات بين دمشق والكرملين”.
مساعي للحفاظ على الوجود العسكري في سوريا
وأكد هذا الخبير خلال تقييمه لزيارة أول وفد روسي إلى سوريا بعد سقوط نظام الأسد أن “هناك محاولات روسية للحفاظ على نفوذها الأمني والعسكري السابق في سوريا، وخصوصاً في قواعد مثل طرطوس وحميميم وتيفور”، مؤكدا أن “الكرملين على دراية كاملة بالمتطلبات الجديدة لسوريا، وفي الخطوة الأولى من خلال زيارة هذه الوفد، يسعى فقط لتأمين الحد الأدنى من أهدافه المرسومة”.
وفي هذا السياق، أفادت بلومبيرغ أن روسيا تواجه صعوبة في الحفاظ على قاعدتيها العسكريتين في سوريا، مدعية أن المفاوضات مع الحكام الجدد في سوريا لم تحقق تقدمًا.
ويعتقد رحيمي نيا أن موسكو الآن أمام مفترق طرق بشأن تسليم بشار الأسد ومستقبل العلاقات مع سوريا الجديدة. وأضاف: إذا أرادت روسيا الحفاظ على حضورها ونفوذها العسكري في سوريا، سيكون عليها تسليم بشار الأسد كخطوة أولى لبناء الثقة، حتى تتمكن من الحفاظ على قواعدها بشروط معينة”.
وأكمل: في حال عدم حدوث ذلك، ستحدد الحسابات الخفية بين واشنطن وأنقرة جميع العلاقات العسكرية والأمنية لسوريا الجديدة.
وفي هذا السياق، أفاد مسؤولون تركيان رفيعان لوكالة بلومبيرغ أن دعم موسكو لنظام بشار الأسد في مواجهة قوات المعارضة قد يجعل من غير المحتمل أن توافق “هيئة تحرير الشام” على طلب روسيا بالحفاظ على الوصول إلى هذه القواعد العسكرية.
ولفت رحيمي نيا في ختام حديثه إلى الموضوع الأكثر أهمية، وهو معادلات القوة الجديدة ووجود الفراغ الإيراني في سوريا الجديدة، وقال: تسعى موسكو من خلال إرسال أول وفد لها إلى دمشق لفتح موطئ قدم بهدف الحفاظ على التوازن السياسي والأمني في مواجهة تركيا والولايات المتحدة.
وحذر هذا الخبير قائلا: يمكن لموسكو الآن تعريف علاقات قد تكون بسهولة بديلاً لإيران في سوريا على الرغم من أن ملفات مثل تسليم بشار الأسد ودعم موسكو للنظام السوري السابق ضد المعارضة قد تكون عقبات أمام تثبيت مكانة روسيا في سوريا الجديدة، إلا أن الكرملين ببراغماتيته الدبلوماسية لديه القدرة على حل الخلافات في فترة زمنية قصيرة والعودة إلى مكانته السابقة، مما قد يشكل تهديدًا مضاعفًا لمصالح طهران.