من الصحافة الإيرانية: حان الوقت المناسب لاتفاق شامل بين إيران والولايات المتحدة

إيران في عام 2025 ليست كما إيران في عام 2018. فقد تغيرت الأوضاع الاقتصادية والسياسية الداخلية بشكل ملحوظ. حيث تعاني من آثار العقوبات المفروضة عليها خلال السنوات الثماني الماضية، مما جعلها في وضع اقتصادي صعب.

ميدل ايست نيوز: عبّر مؤخراً دونالد ترامب عن أمله في أن يتم حل الأزمة النووية الإيرانية دون الحاجة إلى هجمات إسرائيلية. وكان ترامب في ولايته الرئاسية الأولى، قد تبنى سياسة “الضغط الأقصى” ضد إيران من خلال الانسحاب الأحادي من الاتفاق النووي وإعادة فرض العقوبات الاقتصادية وتعيين مستشارين يتماشون مع استراتيجية العقوبات واغتيال اللواء قاسم سليماني. فالسؤال هنا، لماذا يدلي دونالد ترامب، الذي يُعتبر رمزاً للصرامة ضد إيران، بمثل هذه التصريحات؟

الظروف مهيأة لاستئناف المفاوضات

هناك عدة عوامل تشير إلى أن الظروف مهيأة لإجراء مفاوضات جديدة. أولاً، إيران في عام 2025 ليست كما إيران في عام 2018. فقد تغيرت الأوضاع الاقتصادية والسياسية الداخلية بشكل ملحوظ. حيث تعاني من آثار العقوبات المفروضة عليها خلال السنوات الثماني الماضية، مما جعلها في وضع اقتصادي صعب. ففي الوقت الذي وصل فيه التضخم إلى حوالي 35٪، تواجه طهران انهياراً تاريخياً في قيمة عملتها ونقصاً مستمراً في السلع الأساسية. كما يعاني الشباب، الذين يشكلون ما بين 20 إلى 35٪ من السكان، وكذلك الطبقة المتعلمة، حيث تشكل النساء 65٪ من الخريجين بينهم، من معدل بطالة مرتفع. إضافة إلى ذلك، هناك تحديات غير مسبوقة تواجه البلاد. لكن فوز الدكتور مسعود بزشکیان، وزير الصحة السابق في حكومة محمد خاتمي، يعكس رغبة الشعب الإيراني في إنهاء العزلة الدولية للبلاد.

ثانيًا، تغيرت الظروف الإقليمية بعد 7 أكتوبر. فقد أسفرت حرب غزة والهجمات الإسرائيلية على حزب الله في لبنان وسقوط حكومة بشار الأسد عن ضربات قاسية للفصائل الموالية لإيران، التي كانت تعد من أدوات الردع والنفوذ الإقليمي. توقيع اتفاق التعاون بين إيران وروسيا يُعد لافتًا، إلا أن سقوط الأسد يظهر أن روسيا لم تعد قادرة على متابعة طموحاتها في الشرق الأوسط بسبب انشغالها الشديد في حرب أوكرانيا. وذا الأمر يقنع إيران بإعادة النظر في سياساتها. في مثل هذه الأوضاع، التي لا ترغب فيها إيران في صراع واسع مع إسرائيل، أعلنت من خلال وزير خارجيتها استعدادها لاستئناف المفاوضات النووية.

فرصة للدول الإقليمية

يمكن لدول المنطقة أيضًا أن تستفيد من تراجع النفوذ الإيراني للوصول إلى اتفاقية تنهي دور إيران في الشرق الأوسط مقابل رفع العقوبات وعودة طهران إلى النظام المالي الدولي. علاوة على ذلك، فإن طموحات دول مجلس التعاون، وخاصة المملكة العربية السعودية، تساهم في توفير الظروف المناسبة للمفاوضات. فهي لا ترغب في أن تمتلك إيران سلاحًا نوويًا لأن ذلك سيعزز التفوق العسكري لإيران في المنطقة. وقد أكدت السعودية مرارًا أنها في حال حصول إيران على القنبلة النووية، فإنها ستسعى أيضًا للحصول على هذا السلاح. كما تعمل الرياض على خطة لتطوير اقتصادها بعد النفط وتسعى إلى تنويع الاقتصاد على غرار دولة الإمارات العربية المتحدة. يشمل ذلك تطوير السياحة، وإنشاء منتجعات ساحلية على البحر الأحمر، وبناء مدينة “نيوم” المستقبلية، التي تواجه حالياً العديد من التحديات، وهو ما يتطلب استقرارًا مستدامًا في المنطقة.

الختام

تراجع نفوذ إيران وتغيير المعادلات الإقليمية وأهداف الدول العربية في منطقة الخليج، كلها دفعت دونالد ترامب للبحث عن الوصول إلى اتفاق نووي جديد مع إيران. من جهة أخرى، قد يسعى ترامب لإيجاد حل سياسي لحرب غزة وتوسيع اتفاقيات إبراهيم، مع الأخذ في الاعتبار ميول دول الخليج للتصالح مع إيران. لكن كما هو الحال دائمًا لا شيء مؤكد في سياسات دونالد ترامب والأوضاع لا تزال غير مستقرة، وهو ما رأيناه في تصريحاته الأخيرة بشأن توطين الفلسطينيين من غزة في مصر والأردن، والتي أثارت ردود فعل قوية في المنطقة.

أردافان أمير أصلاني
صحفي وحقوقي إيراني

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

8 − 5 =

زر الذهاب إلى الأعلى