العقوبات، الفساد، العزلة؛ إلى متى سيصمد اقتصاد إيران؟
أفاد عضو في غرفة التجارة الإيرانية بأن صادرات إيران إلى البلدان المجاورة مثل العراق وتركيا وأفغانستان قد انخفضت، وأن حصتها من التجارة العالمية آخذة في التراجع.

ميدل ايست نيوز: أفاد عضو في غرفة التجارة الإيرانية بأن صادرات إيران إلى البلدان المجاورة مثل العراق وتركيا وأفغانستان قد انخفضت، وأن حصتها من التجارة العالمية آخذة في التراجع. يأتي هذا في وقت باتت العديد من الأسواق المهمة مثل الهند والصين لا تظهر رغبة كبيرة في قبول السلع الإيرانية.
ويعاني الاقتصاد الإيراني من أزمة متعددة الأوجه تشمل تشديد العقوبات وتجميد الأصول المالية والملفات القانونية الدولية، مما أدى إلى زيادة سعر الصرف وتدهور رفاهية المواطنين. وفي ظل الحيرة التي يعيشها صانعو السياسات الاقتصادية، أدى التضخم المفرط إلى انهيار الإنتاج المحلي وأصبح مستقبل الاقتصاد الإيراني أكثر غموضًا من أي وقت مضى.
وقال أمير رضا اعتمادي، الناشط الاقتصادي وعضو غرفة تجارة إيران، في حديثه مع “إكوإيران” إن تراجع التجارة الخارجية والعقوبات والمشاكل البنكية والقضايا القانونية الدولية هي من أبرز العوامل التي تعرقل استقرار الاقتصاد الإيراني، مؤكدًا أن استمرار هذا الاتجاه سيؤدي إلى زيادة أكبر في سعر العملة والضغط على الأوضاع المعيشية للشعب.
وأضاف اعتمادي أن تراجع الصادرات غير النفطية والركود الحاد في الواردات يعتبران من أبرز أسباب نقص العملة الأجنبية في البلاد وارتفاع سعر الدولار، موضحا أن “صادرات إيران إلى دول الجوار مثل العراق وتركيا وأفغانستان قد انخفضت، في حين أن حصتها من التجارة العالمية تراجعت، مشيرًا إلى أن أسواقًا كبيرة مثل الهند والصين لم تعد مهتمة بقبول السلع الإيرانية”.
كما تسببت القيود على الواردات بسبب نقص العملة الأجنبية في التأثير على الإنتاج المحلي، حيث أدى نقص المواد الخام إلى انخفاض الإنتاج وإغلاق المصانع وزيادة البطالة. من جهة أخرى، أدى ارتفاع أسعار السلع الأساسية وارتفاع تكاليف الإنتاج إلى زيادة الضغط على المواطنين.
العقوبات وتجميد الأصول الإيرانية: تفاقم في الأزمة النقدية
واعتبر اعتمادي أن العقوبات الاقتصادية هي السبب الرئيسي في تقليص وصول إيران إلى مواردها المالية الأجنبية، حيث توقفت العديد من الدول التقليدية عن شراء النفط الإيراني مثل كوريا الجنوبية والهند، وتم تجميد جزء كبير من إيراداتها في حسابات خارجية.
وأشار أيضًا إلى القضايا القانونية الدولية مثل “قضية كريسنت” التي أسفرت عن تجميد مليارات الدولارات من أموال إيران. وقال إن محاكم دولية حكمت على إيران بغرامة قدرها 2.6 مليار دولار، كان من الممكن استثمارها في البنية التحتية الاقتصادية للبلاد.
وأضاف اعتمادي أن عدم عضوية إيران في مجموعة العمل المالي “FATF” يعتبر من العوائق الكبيرة أمام التعاملات المالية الدولية، حيث جعل إدراج إيران في القائمة السوداء من قبل هذه المنظمة البنوك الدولية تتجنب التعاون معها. ونتيجة لذلك، ارتفعت تكاليف التجارة وانخفضت الاستثمارات الأجنبية في إيران بشكل كبير.
وأشار إلى أن إيران جلبت أقل من مليار دولار من الاستثمارات الأجنبية في عام 2023، في حين أن تركيا جذبت أكثر من 12 مليار دولار في نفس العام، مما يدل على عزلة إيران في النظام المالي الدولي.
الخروج من الأزمة
واقترح اعتمادي بعض الحلول للتعامل مع الوضع الراهن، بما في ذلك مراجعة السياسات التجارية والاقتصادية وإصلاح النظام البنكي وإدارة الموارد المالية الأجنبية ودعم الإنتاج المحلي. وشدد على ضرورة مراجعة السياسات التجارية لزيادة الأسواق التصديرية وتقليل المعوقات التصديرية والانضمام إلى الاتفاقيات التجارية الدولية. كما أكد على ضرورة إصلاح النظام البنكي، بما في ذلك تحسين الشفافية في السياسات البنكية، والعمل على إزالة اسم إيران من القائمة السوداء لـ “FATF” وتسهيل الوصول إلى الموارد المالية.
وفيما يتعلق بإدارة الموارد المالية، شدد على ضرورة تحرير الأصول الإيرانية المجمدة عبر الدبلوماسية الاقتصادية وتطوير التجارة باستخدام العملات الوطنية. وأشار أيضًا إلى أهمية دعم الإنتاج المحلي، مثل تقليل البيروقراطية ودعم الشركات الصغيرة وجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية.
وحذر أمير رضا اعتمادي من أن استمرار الوضع الحالي قد يؤدي إلى مزيد من ارتفاع أسعار الدولار وتفاقم الأزمة الاقتصادية في البلاد. وأوضح أن الأسعار لن تستقر ما لم تتغير السياسات الاقتصادية وتحسن العلاقات الدولية لإيران. فهل سيتخذ اقتصاد إيران مسار الإصلاح، أم سيظل عالقًا في الأزمة؟