هل تتجه إيران إلى الفدرالية؟
أثارت التصريحات الأخيرة لمسؤولين إيرانيين حول نقل الصلاحيات إلى المحافظات والإشارة غير المباشرة إلى الفدرالية العديد من ردود الفعل بين الأوساط الإيرانية

ميدل ايست نيوز: أثارت التصريحات الأخيرة لمسؤولين إيرانيين حول نقل الصلاحيات إلى المحافظات والإشارة غير المباشرة إلى الفدرالية العديد من ردود الفعل بين الأوساط الإيرانية. وذلك وسط مخاوف من قبل المعارضين من تقوية الحركات الانفصالية وعدم المساواة بين المحافظات. في الوقت نفسه، تشير التجارب العالمية إلى أن الفدرالية لم تكن دائمًا ناجحة، بل تسببت في مشاكل خطيرة في دول مثل باكستان ونيجيريا.
وأثارت التصريحات الأخيرة لمحمد رضا عارف، نائب الرئيس الإيراني، حول أهمية تمكين الحكومات المحلية وتركيز الشؤون المالية في المحافظات، والتي توحي بالفدرالية، أثارت موجة من التعليقات السلبية.
وقال هذا المسؤول في أول اجتماع للمجلس الأعلى للإدارة: خلال هذه المرحلة، ستتجه الحكومة نحو حدود المحافظات، وبعد ذلك، سيكون لكل محافظة الحق في اتخاذ قراراتها الخاصة باستثناء المجالات السياسية والأمنية والدفاعية التي يتم اتخاذ القرارات بشأنها على مستوى الحكومة المركزية. وفي محادثاتنا مع المحافظين، أخبرناهم أن يكونوا مستعدين لتقديم مقترحاتهم بشأن نقل صلاحيات الحكومة إلى المحافظات.
ويعتقد البعض أن عارف شرح العلاقات والمبادئ الخاصة بالفدرالية دون أن يذكر الفدرالية بشكل مباشر. من جانبه، كان لرئيس البرلمان الإيراني أيضًا تصريحات حول هذا الموضوع. حيث أكد محمد باقر قاليباف أنه “يجب أن نتجنب المركزية ونعطي المحافظات استقلالًا في اتخاذ القرارات”. كما تحدث عن نقل الصلاحيات إلى المحافظات بشكل “ذاتي”.
وجاءت إحدى أقوى الردود الإعلامية على هذه التصريحات من مجلة “تجارت فردا”. أعدت المجلة في عددها الأخير مجموعة من المواد الصحفية حول هذا الموضوع. كما تناول رئيس التحرير في هذه المجلة في مقال بعنوان “هل الفدرالية مناسبة لإيران؟” موضوع الفدرالية وإمكانية تنفيذها في إيران.
وبينت تجارت فردا في هذا المقال في البداية أن الفدرالية هي نوع من النظام الحكومي الذي يتم فيه تقسيم السلطة بين الحكومة المركزية والولايات. في هذا النموذج، تتمتع الولايات بصلاحيات محددة وتشكّل مجالس حكومية محلية. تبقى السياسات الكبرى مثل الأمن والدفاع تحت يد الحكومة المركزية، لكن الولايات تتمتع بالاستقلال في شؤونها الداخلية.
ثم تطرح المجلة السؤال: هل الفدرالية مناسبة لإيران؟
ماذا يقول المؤيدون والمعارضون؟
الكاتب يرى أن هذا النموذج من الحكم قد حقق نتائج إيجابية في بعض الدول وأدى إلى مشاكل في دول أخرى.
المؤيدون يرون أن إيران، بسبب تنوعها العرقي والثقافي، يمكن أن تستفيد من مزايا الفدرالية. هذا النموذج الحكومي يمكن أن يقلل من تركيز السلطة في العاصمة ويزيد من المشاركة المحلية. كما أن المحافظات الأقل تطورًا قد تتمكن من تحقيق التنمية بشكل أسرع من خلال الاستقلالية في اتخاذ القرارات.
لكن المعارضين يحذرون من أنه قبل أي تغيير، يجب أن تُجرى إصلاحات شاملة في النظام الحكومي للبلاد. من أهم المخاوف هو احتمال تعزيز الحركات الانفصالية في بعض المناطق. كما أن غياب التنسيق في تطبيق القوانين وتوزيع الموارد بين المحافظات قد يؤدي إلى تفاوت واختلافات. من ناحية أخرى، يتطلب تنفيذ الفدرالية تغييرات جوهرية في الدستور والبنية السياسية للبلاد، وهو ما قد يواجه مقاومة شديدة.
التجارب العالمية
وفي جزء آخر من المقال، يشير رئيس تحرير “تجارت فردا” إلى بعض الأمثلة العالمية. أظهرت تجربة بعض الدول أن الفدرالية لم تكن دائمًا ناجحة. على سبيل المثال، في باكستان، لم يتمكن هذا النظام من ضمان توزيع عادل للموارد، مما أدى إلى تعزيز الانقسامات العرقية والحركات الانفصالية. في الصومال، أدى عدم التنسيق بين الولايات والحكومة المركزية إلى عدم استقرار سياسي. كما أن توزيع الموارد بشكل غير عادل ضمن إطار النظام الفدرالي في نيجيريا أدى إلى الفساد والاستياء.
وفي الختام، يطرح الكاتب السؤال: هل إيران مستعدة لقبول الفدرالية أم لا؟ وفي الإجابة يقول أن الجواب يعتمد على العديد من العوامل مثل الظروف الاجتماعية والاقتصادية والإرادة الشعبية. لكن ما هو مؤكد أن مثل هذا التغيير يتطلب حوارًا وطنيًا واسعًا، وإعداد قوانين دقيقة، واستعدادًا لإدارة التحولات الكبرى.