مصادر: العراق يتحضر لضغوط أميركية تفكّ الارتباط مع إيران
يطرح مسؤولون وسياسيون عراقيون تصورات للأوراق التي ستعمد واشنطن إلى استخدامها في التعامل مع العراق خلال الفترة المقبلة لدفع بغداد إلى الشروع في حلّ الفصائل المسلحة وسحب سلاحها وحصره في يد الدولة.

ميدل ايست نيوز: يطرح مسؤولون وسياسيون عراقيون تصورات للأوراق التي ستعمد واشنطن إلى استخدامها في التعامل مع العراق خلال الفترة المقبلة، والتي تقوم في المجمل على سياسة التضييق وفرض العقوبات المالية والاقتصادية، لدفع بغداد إلى الشروع في حلّ الفصائل المسلحة وسحب سلاحها وحصره في يد الدولة، خصوصاً الطيران المُسيّر والصواريخ متوسطة المدى التي تمتلكها فصائل محددة حليفة لإيران، واستخدمتها في مهاجمة أهداف إسرائيلية بالأراضي الفلسطينية المحتلة والجولان المحتل.
مواجهة سياسية مرتقبة
وتحدث مسؤول في وزارة الخارجية العراقية في بغداد، لموقع “العربي الجديد“، عمّا أكد أنها “مواجهة سياسية مرتقبة” لبلاده مع الإدارة الأميركية في عهد دونالد ترامب، ضمن مشروع مطروح في واشنطن حالياً تحت عنوان “فكّ ارتباط العراق مع إيران”، والذي يتبناه مسؤولون كبار في البيت الأبيض. وكشف المسؤول أن العراق تلقى خلال الأسبوعين الماضيين رسائل أميركية مباشرة، تتعلق بضرورة تفكيك الفصائل المسلحة وسحب سلاحها، خصوصاً الفصائل السبعة التي شاركت في الهجمات ضد الاحتلال (وضد مواقع أميركية عسكرية في العراق وسورية) بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، عبر الطيران والصواريخ (في إطار ما أطلق عليه “المقاومة الإسلامية في العراق”)، وهي كتائب حزب الله، وعصائب أهل الحلق، والنجباء، والأوفياء، وسيد الشهداء، والإمام علي، والطفوف”. ولفت المصدر إلى أن هدف واشنطن ليس نزع سلاح هذه الفصائل فحسب، بل كل السلاح المحظور من أي فصيل بالعراق حتى تلك التي تقول بغداد إنها منضوية في إطار “الحشد الشعبي”، مثل المسيّرات ثابتة الجناح التي تصل إلى مديات أكثر من 200 كيلومتر وصواريخ تصل إلى أكثر من 80 كيلومترا وكلّها إيرانية الصنع.
ووفقا للمسؤول ذاته الذي طلب عدم الكشف عن هويته، فإن حكومة محمد شياع السوداني، تواجه صعوبة كبيرة في التعامل مع هذا الملف، بسبب رفض الفصائل وحتى جهات سياسية شيعية نافذة لأي تحرك تجاهه.
العقوبات الاقتصادية وليس العمل العسكري، هي ما يتوقعه نائب في البرلمان العراقي، قال إن واشنطن قد تتخذ إجراءات ضغط قصوى على العراق لتنفيذ الخطوات التي تطلبها، والمتعلقة بالفصائل، من أبرزها فرض عقوبات على مصارف وشركات عراقية مُتهمة بالتعامل مع المؤسسات الإيرانية، وإلغاء الاستثناءات الممنوحة للعراق لاستيراد الغاز من إيران المسؤول عن تشغيل محطات الكهرباء، وصولاً إلى فرض قيود على مُشتري النفط العراقي. ووفقاً للنائب ذاته، فإن واشنطن تريد إلى جانب تفكيك سلاح الفصائل، وهي نقطة مفصلية على حدّ تعبيره، إصلاح النظام المالي العراقي، بما يضمن منع استفادة طهران منه.
واعتبر النائب في البرلمان العراقي، أن الإجراءات الأميركية المرتقبة ضد بلاده “ستكون ضمن خطة فكّ الارتباط مع إيران، لكن الحكومة العراقية وحدها غير قادرة على احتواء الفصائل أو إجبارها على ترك السلاح والتحول ضمن مؤسسات الدولة الرسمية الخاضعة لقيادة الحكومة، لأن حلّ الفصائل قضية تتخطى بكثير صلاحيات الحكومة، وهو أمر منوط بالاتفاقات السياسية للأحزاب الشيعية ويتطلب تجاوباً إيرانياً قبل كل شيء، لتقديم تنازلات”.
وأدرجت السلطات الفيدرالية الأميركية، خلال السنوات الأربع الماضية، 28 مصرفاً وشركة مالية عراقية، على لائحة العقوبات، بتهمة التعامل مع إيران وحزب الله اللبناني، ونظام بشار الأسد في سورية الذي تمّ إسقاطه في 8 ديسمبر/كانون الأول الماضي، إلى جانب شخصيات ورجال أعمال عراقيين، للسبب ذاته، فضلاً عن شركة طيران وشركات نقل وسياحة مختلفة. وبحسب مصادر “العربي الجديد”، فإن “عدد المصارف العراقية التي باتت ضمن قائمة العقوبات بلغت 28 مصرفاً، من أصل 44 مصرفاً عاملاً في العراق.
تجاوز على سيادة العراق
القيادي في تحالف “الإطار التنسيقي”، مهدي تقي، رأى أن “الولايات المتحدة تسعى إلى فرض قرارات أمنية واقتصادية، تتجاوز فيها على السيادة العراقية”. واعتبر تقي أن “طريقة تفكير فصائل المقاومة لا تشبه طريقة تفكير الأحزاب السياسية، حيث ترى هذه الفصائل أن العراق بلد مُحتل من قوات أميركية، وبالتالي فإنها تتحرك وفقاً لرؤيتها، وتجري بعض الممارسات الأمنية بما لا ينسجم أحياناً مع وجهة النظر العراقية”. وأكد أن “عودة الاعتداءات (الإسرائيلية) على اللبنانيين أو أهل غزة، سيدفع المقاومة إلى استئناف عملياتها”.
وتخشى بعض الأحزاب في العراق، من بينها أحزاب شيعية مثل “تيار الحكمة” بزعامة عمار الحكيم، و”ائتلاف النصر” الذي يرأسه حيدر العبادي، تجاهل المطالب الدولية المتمثلة بنزع سلاح الفصائل المسلحة في العراق ودمجها في القوات الأمنية العراقية، لكن وفق مصادر “العربي الجديد”، فإن “أصوات قادة هذه الأحزاب وغيرهم من السياسيين، غير مسموعة”.
وفي منتصف شهر يناير/كانون الثاني الماضي، قال وزير الخارجية العراق فؤاد حسين، إن بغداد تحاول إقناع فصائل مسلحة خاضت قتالاً ضد القوات الأميركية وأطلقت صواريخ وطائرات مسيّرة لاستهداف الأراضي الفلسطينية المحتلة، بالتخلي عن سلاحها أو الانضمام إلى قوات الأمن الرسمية.
وتعليقاً على الضغوط الأميركية، لفت الباحث في الشأن السياسي العراقي، علاء مصطفى، إلى أن “السياسة العراقية صعبة التحليل، لكنها وبشكلٍ عام متخبطة، إذ إنه رغم كل المؤشرات الخارجية الخطيرة، فإن الساسة في بغداد لا يتحدثون عنها بشكلٍ واضح”، محذراً من أن “الوضع يزداد خطورة مع ولادة تجمع من نحو 13 عضوا في الكونغرس الأميركي يتحدثون عن فرض عقوبات على العراق، وضغط اقتصادي جديد وفكّ الارتباط عن إيران”. واعتبر مصطفى في حديثٍ مع “العربي الجديد”، أن “إدارة ترامب لم تتحرك لغاية الآن بطريقة جدّية باتجاه العراق، لكن كل المؤشرات تؤكد أن الأشهر المقبلة قد تشهد مثل هذا التحرك”.