تعليق ترامب المساعدات الخارجية يعيق مراقبة نشاطات إيران النووية
وقع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بعد ساعات من توليه منصبه، أمراً تنفيذياً بإيقاف برامج المساعدات الخارجية الأميركية لمدة 90 يوماً، وكان من ضمن المؤسسات المتأثرة بذلك هيئة مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

ميدل ايست نيوز: في 20 يناير/ كانون الثاني الماضي، وقع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بعد ساعات من توليه منصبه، أمراً تنفيذياً بإيقاف برامج المساعدات الخارجية الأميركية لمدة 90 يوماً، وكان من ضمن المؤسسات المتأثرة بذلك هيئة مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، حيث أدت أوامر ترامب إلى تعليق برنامجين يقدمان مساعدات أميركية للمفتشين النوويين الدوليين، وتقول صحيفة نيويرك تايمز إن ذلك قد يقوض هدف ترامب في منع إيران من تطوير ترسانة نووية.
ويخشى بعض الخبراء من أن تؤدي هذه الإجراءات إلى إبعاد المهنيين الموهوبين عن العمل في جهود منع الانتشار النووي وبالتالي إعاقة الجهد العالمي لمنع انتشار الأسلحة النووية. وقال تيري سي والاس الابن، المدير السابق لمختبر لوس ألاموس النووي في نيو مكسيكو، لنيويورك تايمز: “هذه سياسات كارثية… إنهم يتعارضون مع العلم والشراكات التي ترفع الأمة”. ويعمل البرنامجان وسيطين، فهما يربطان محققي فيينا، الذين يتفقدون المواقع النووية في جميع أنحاء العالم كجزء من إدارة الضمانات التابعة للوكالة الدولية للطاقة الذرية، بشبكة المختبرات النووية الأميركية، بما في ذلك لوس ألاموس. وفي الأساس، يوجه البرنامجان الخبرة العالمية والمساعدات الفنية إلى فيينا، أو بالأحرى كانا يفعلان ذلك حتى قطع ترامب المساعدات الأجنبية.
وكانت وحدة التفتيش التابعة للوكالة الدولية للطاقة الذرية، مقرها في فيينا، تتلقى مساعدات منذ فترة طويلة من واشنطن لضمان استمرار عملها في منع مجموعة واسعة من التهديدات النووية العالمية ومواجهتها والرد عليها، وعلى سبيل المثال عثر محققو الوكالة مؤخراً في أربعة مواقع بإيران على آثار لليورانيوم المعالج، ما أثار تساؤلات جديدة حول ما إذا كانت طهران تحتضن برنامجاً نووياً سرياً لصنع القنابل الذرية.
هل يدرك ترامب آثار قراراته؟
وتبدو إدارة ترامب غير مدركة لآثار قرارها على مواجهة التقدم النووي الإيراني الذي تقول إنه من أهم أهداف السياسة الخارجية لها، وقال وزير الخارجية ماركو روبيو في يناير/ كانون الثاني الماضي “لا يمكن السماح تحت أي ظرف من الظروف” بإيران المسلحة نووياً، ومن غير الواضح ما إذا كان مسؤولو الإدارة يفهمون عمق العلاقة بين الولايات المتحدة والوكالة الدولية للطاقة الذرية. فالمساعدات الأميركية تساعد وكالة فيينا في تطوير هيئة المفتشين التابعة لها، والتي يمكن لموظفيها بدورهم أن يذهبوا إلى حيث قد لا يكون الخبراء الحكوميون الأميركيون موضع ترحيب، بالإضافة إلى ذلك، تساعد المساعدات النووية في توظيف المواطنين الأميركيين في الوكالة الدولية.
وتطورت البرامج الأميركية لمكافحة الانتشار العالمي لأسلحة الدمار الشامل بشكل مطرد إلى مؤسسة فيدرالية ضخمة، وتشمل الجهات الفاعلة الرئيسية الآن وزارات الخارجية والطاقة والدفاع والأمن الداخلي فضلاً عن لجنة التنظيم النووي، وساعدت هذه البرامج في بناء أجهزة كشف إشعاع فائقة الحساسية وتعزيز مكافحة السرقة والتخريب النووي. وقالت لورا هولجيت، السفيرة الأميركية السابقة لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية والمستشارة العليا للرئيس الأميركي السابق باراك أوباما بشأن الإرهاب النووي، للصحيفة الأميركية: “إن هذه البرامج تعزز أمن الولايات المتحدة”، وأضافت: “هذا ليس عملاً خيرياً. إنه في مصلحتنا الذاتية”.
وبموجب القانون تعمل وكالة الطاقة الذرية على تعزيز الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية، بما في ذلك المفاعلات النووية التي تضيء المدن، كما تتحمل الوكالة مسؤولية منع استخدام هذه الأنشطة سراً لبناء القنابل الذرية. وفي العقود الأخيرة، هاجم العديد من الجمهوريين جهاز منع الانتشار العالمي، ووصفوه بأنه منتفخ وغير فعال. في إبريل/ نيسان 2020، خلال فترة ولايته الرئاسية الأولى، اقترح ترامب ميزانية من شأنها أن تخفض التمويل المخصص للجهود الرائدة التي يبذلها البنتاغون لمواجهة انتشار أسلحة الدمار الشامل.
في أواخر يناير/ كانون الثاني، ضرب التجميد نتيجة أوامر ترامب برنامج التوظيف والتدريب الذي يتخذ من مختبر بروكهيفن الوطني مقراً له في لونغ آيلاند، وبالإضافة لعمله في تدريب المفتشين الأميركيين والأجانب وتحضيرهم للعمل حول العالم يتعامل بروكهيفن مع شبكة المختبرات الوطنية لتصميم معدات التفتيش، وكان قد صمم جهازاً محمولاً باليد أصبح المفضل لدى وكالة الطاقة الذرية الدولية.
البرنامج الأميركي الثاني الذي قلبه التجميد رأساً على عقب يديره مختبر أوك ريدج الوطني في تينيسي، وعلى النقيض من بروكهافن، يتخصص هذا البرنامج في استخدام معدات معملية متطورة لتحليل العينات التي يجمعها مفتشو الوكالة الدولية للطاقة الذرية بحثاً عن آثار غير مرئية للمواد النووية وقراءات قد تشير إلى أعمال ذرية غير مشروعة. ويعتبر برنامج أوك ريدج الوسيط الأميركي لما تسميه الوكالة الدولية للطاقة الذرية شبكة المختبرات التحليلية، والتي تعتمد عليها الوكالة للتحقق من النتائج وتأكيدها.
وقال خبراء نوويون حكوميون حاليون وسابقون إن وزارة الخارجية أعادت تفعيل برنامج مختبر أوك ريدج بالكامل في أواخر فبراير/شباط. وأضافوا أن برنامج بروكهافن حصل على بعض الإعفاءات لاستئناف العمل في جهود محددة تتعلق بإيران، ولكن معظم عمله وتمويله لبرامج منع الانتشار العالمية الأخرى لا يزال معلقاً، وأشار الخبراء إلى أنهم يتوقعون أن يُرفع الحظر عن برنامج بروكهافن بالكامل في الأسابيع المقبلة.