من الصحافة الإيرانية: صفقة غير مرئية بين القوى العالمية بشأن أوكرانيا وإيران

يبدو أن إيران وأوكرانيا في عام 2025 ستجدان نفسيهما في موقف مشابه، حيث تتعاملان مع روسيا في مفاوضات مع القوى الغربية، أي الولايات المتحدة وأوروبا.

ميدل ايست نيوز: يبدو أن إيران وأوكرانيا في عام 2025 ستجدان نفسيهما في موقف مشابه، حيث تتعاملان مع روسيا في مفاوضات مع القوى الغربية، أي الولايات المتحدة وأوروبا. ووفقًا لبعض الإحصائيات والأدلة المتاحة، يمر البلدان بظروف صعبة للغاية في منطقتهما بسبب الحرب والعقوبات، حيث يواجهان ضغوطًا قصوى ويجدان نفسيهما في موقف دفاعي ضمن لعبة جيوسياسية تديرها القوى العالمية.

علاوة على ذلك، فإن مفتاح الخروج من هذه الأوضاع ليس بأيدي الدولتين نفسيهما، بل بأيدي اللاعبين الرئيسيين على الساحة العالمية. بناءً على ذلك، ومنذ ثلاث سنوات وحتى الآن، ومع الأخذ في الاعتبار التطورات السريعة والخطيرة في بعض المناطق الحساسة في العالم، لا سيما الحروب في الشرق الأوسط وأوروبا الشرقية، هناك احتمال كبير بأن روسيا والولايات المتحدة قد أجرتا صفقة غير معلنة خلال الأشهر الأخيرة للسيطرة على الأوضاع العالمية، بما في ذلك ملفي أوكرانيا وإيران.

بالإضافة إلى ذلك، فإن المحادثات الأخيرة بين روسيا والولايات المتحدة في السعودية وتركيا قد تكون مؤشرًا على أنهما توصلا إلى تفاهمات بشأن الشرق الأوسط وأوروبا الشرقية. ومن بين الدلائل على ذلك تقليص المساعدات العسكرية والمالية الأمريكية لأوكرانيا، مما أدى إلى تحقيق روسيا مكاسب نسبية في الحرب. وربما، رغم معارضة أوروبا، سمحت الولايات المتحدة لروسيا بتحقيق أهدافها الجيوسياسية في منطقة البحر الأسود، مما منحها اليد العليا في الصراع. لكن هذا لا يعد دليلًا كافيًا في حد ذاته، إذ من المحتمل أن تكون هناك صفقات سرية أخرى بين روسيا وأمريكا في مناطق مختلفة من العالم، بما في ذلك أوكرانيا وإيران.

في هذا السياق، يمكن الافتراض أنه نظرًا لمكانة روسيا المؤثرة لدى القيادة الإيرانية، ورغبة الولايات المتحدة في إعادة دمج إيران ضمن مصالح الغرب في المنطقة والعالم، فقد تترك روسيا المجال مفتوحًا أمام أمريكا للتدخل في إيران، حتى باستخدام أدوات عسكرية، بما في ذلك دعم إسرائيل، من أجل فرض نفوذها أو إقامة علاقات جديدة مع طهران.

ومع ذلك، فإن أوروبا مستاءة من تهميش دورها في هذه التطورات. فمن ناحية، أدى انتصار روسيا في أوكرانيا إلى إحباط الأوروبيين وإثارة مخاوفهم الأمنية، حيث كانوا يعتمدون على مبدأ توازن القوى لمواجهة موسكو. ومن ناحية أخرى، قد تفقد أوروبا نفوذها في إيران، حيث ستخسر أدوات الضغط التي كانت تستخدمها للحصول على مكاسب اقتصادية وسياسية. على سبيل المثال، إذا نجحت الولايات المتحدة في إعادة العلاقات مع إيران، فقد تصبح الشركات الأوروبية غير قادرة على العمل بشكل مباشر في السوق الإيرانية، بل ستضطر إلى القيام بذلك من خلال وساطة أمريكية. وهذه مجرد واحدة من المشكلات التي قد تواجهها أوروبا، حيث قد تجد نفسها متأخرة عن منافسيها مثل الصين في المجالات السياسية والأمنية أيضًا. ونتيجة لذلك، قد تصبح أوروبا، التي تم تهميشها في هذه الصفقة، لاعبًا معرقلًا على الساحة الدولية، وهو ما يظهر في رفضها لبعض سياسات واشنطن الأخيرة ودعمها لزيلينسكي في استمرار الحرب في أوكرانيا.

وفي هذا السياق، إذا حصلت أوروبا على الحد الأدنى من مطالبها في المجالات الأمنية والسياسية والاقتصادية، فسيكتمل المشهد الجيوسياسي العالمي، وإلا فإن توازن القوى سيبقى غير مستقر.

بناءً على الأدلة المتاحة والتغيرات المتسارعة في المشهد العالمي، يمكن الاستنتاج أن كلًا من إيران وأوكرانيا تُستخدمان كأدوات للمساومة بين القوى العالمية المتنافسة، وخاصة روسيا والولايات المتحدة. ومن هذا المنطلق، يبدو أن النظام السياسي الإيراني نفسه أصبح موضوعًا غير مرئي للمساومة بين القوى العظمى، بما في ذلك روسيا والولايات المتحدة وأوروبا وحتى الصين.

محمد كل‌ أفروز
دكتوراه في الجغرافيا السياسية وأستاذ جامعي وباحث في مجال الجيوسياسة

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

12 + خمسة =

زر الذهاب إلى الأعلى