من الصحافة الإيرانية: التجارة الثنائية بين إيران والسعودية في مرحلة الإحياء بعد سنوات من الجمود
بعد مرور عامين من استئناف العلاقات الدبلوماسية بين إيران والسعودية، ظهرت إشارات على تحسن العلاقات التجارية بين البلدين.

ميدل ايست نيوز: توسيع العلاقات مع الدول المجاورة هو أحد أهم السياسات التي يتبعها المسؤولون في مجال التجارة الخارجية. في السنوات الأخيرة، تركزت التجارة الرئيسية لإيران مع جيرانها في دول مثل تركيا والعراق والإمارات. وفي هذا السياق، لا تملك السعودية، وهي واحدة من أهم دول المنطقة، أي حصة تذكر من التجارة مع إيران. حيث تبلغ التجارة السنوية للسعودية أكثر من 500 مليار دولار مع دول العالم، لكن في السنوات العشرين الماضية، لم تتجاوز حصة إيران من سلة الشركاء التجاريين للسعودية نسبة 1%.
والآن، وبعد مرور عامين من استئناف العلاقات الدبلوماسية بين إيران والسعودية، ظهرت إشارات على تحسن العلاقات التجارية بين البلدين. حيث صدرت إيران 23 مليون دولار من البضائع إلى السعودية في الأشهر التسعة الأولى من عام 2024.
وكتبت صحيفة دنياي اقتصاد، أنه على الرغم من أن العلاقات السياسية المتوترة في السنوات الأخيرة قد ألقت بظلالها على التبادلات التجارية بين الجانبين، إلا أنه خلال هذه الفترة من العداء، لم يبتعد المستثمرون السعوديون تماماً عن سوق إيران، بل كانوا نشطين في مجالات مثل المواد الغذائية والمتاجر الكبرى. يعتقد المراقبون أنه مع البرامج الطموحة للسعودية (رؤية 2030)، وإذا تم حل التحديات السياسية، يمكن أن يتوسع التعاون بين البلدين إلى مجالات مثل السياحة والخدمات الفنية والهندسية والمواد الغذائية.
أما بالنسبة لتجارة إيران والسعودية، فإن آخر الإحصائيات تشير إلى أن العلاقات التجارية بين البلدين في طريقها إلى الإحياء. ففي الأشهر التسعة الأولى من عام 2024، صدرت إيران ما مجموعه 59 ألف طن من البضائع إلى السعودية بقيمة 23 مليون دولار. وعلى الرغم من ذلك، لا يزال حجم واردات إيران من السعودية ضئيلاً، حيث بلغ 30 ألف دولار فقط خلال نفس الفترة. رغم أن هذا الرقم يبدو صغيرًا جدًا، إلا أنه يجب ملاحظة أنه بعد قطع العلاقات السياسية بين إيران والسعودية في عام 2015، لم يكن هناك تقريباً أي تجارة بين البلدين لمدة عشر سنوات، وبالتالي يمكن أن تكون هذه التجارة الصغيرة مؤشرًا على مستقبل مشرق للعلاقات بين البلدين.
لكن في العقود الماضية، كانت التجارة بين إيران والسعودية أكثر ازدهارًا، وفي بعض الفترات، كانت التجارة بين البلدين تصل إلى 1% من إجمالي تجارة إيران. تشير دراسة للبيانات التجارية بين إيران والسعودية خلال الفترة من 2005 إلى 2015 إلى أن التجارة بين البلدين فقدت ازدهارها السابق بعد عام 2008.
بالنسبة لفرص التعاون بين البلدين، هناك مجالات متعددة يمكن للبلدين التعاون فيها. مثل التجارة في خدمات السفر، خاصة في مجال السياحة، فهي واحدة من المجالات التي يمكن للبلدين التعاون فيها. وفقًا لبيانات منظمة التجارة العالمية في عام 2023، كانت صادرات السعودية في مجال خدمات السفر تبلغ 40 مليار دولار، بينما كانت وارداتها 23 مليار دولار. وبالنظر إلى قرب البلدين وتكلفة السفر المنخفضة نسبيًا، يمكن لإيران الاستفادة بشكل أكبر من سوق السفر السعودي الذي يبلغ حجمه 23 مليار دولار. في هذا السياق، يجب الأخذ في الاعتبار أن 15% من سكان السعودية هم من الشيعة، وقد يسهم جذب جزء من هؤلاء الأفراد في تحفيز صناعة السياحة في إيران.
من جانب آخر، هناك مجال آخر للتعاون بين إيران والسعودية، وهو قطاع التعدين. في السنوات الأخيرة، ركز المسؤولون السعوديون على تطوير قطاع التعدين وقاموا بالاستثمار في هذا المجال في مختلف أنحاء العالم. كما أن شركة “المعادن” السعودية أصبحت واحدة من أهم الشركات التعدينية في العالم. وفي المقابل، تعتبر إيران واحدة من الدول الرائدة في مجال الموارد المعدنية ولها تاريخ طويل في استكشاف واستخراج المعادن. لذلك، يمكن للبلدين التعاون في مجال الاستثمارات المشتركة وتبادل القوى العاملة المتخصصة في مجال التعدين.
أما في قطاع اللوجستيات والنقل، يمكن لإيران الاستفادة من البنية التحتية السعودية للوصول إلى أسواق الدول الأفريقية، بينما يمكن للسعودية الاستفادة من الإمكانيات اللوجستية الإيرانية لتصدير السلع إلى روسيا ودول آسيا الوسطى. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للبلدين التعاون في مجالات الزراعة وصناعة المواد الغذائية وتقنية المعلومات.
إقرأ أكثر
من مليار دولار إلى الصفر.. التبادل التجاري بين إيران والسعودية خلال 3 عقود