فتور ايراني حيال اقتراح روسي بوساطة مع واشنطن

أبدت طهران، من خلال وسائل الاعلام المقربة من الحكومة، فتورا لافتا حيال ما قيل عن عرض بالوساطة تقدمت به روسيا لدفع ملف مفاوضات المشروع النووي الايراني قدما إلى الأمام.

ميدل ايست نيوز: أبدت طهران، من خلال وسائل الاعلام المقربة من الحكومة، فتورا لافتا حيال ما قيل عن عرض بالوساطة تقدمت به روسيا لدفع ملف مفاوضات المشروع النووي الايراني قدما إلى الأمام مع إدارة الرئيس الاميركي دونالد ترمب، بذريعة تضارب المصالح الروسية والايرانية في الشرق الاوسط.

فقد تناولت الصحافة الإيرانية الوساطة التي قد تقوم بها روسيا بين إيران والولايات المتحدة وذلك بناء على ما ذكرته قناة “زفيزدا” الروسية التي نقلت عن المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف قوله إن الرئيس فلاديمير بوتين وافق على التوسط بين إيران والولايات المتحدة في محادثات تتعلق بالأسلحة النووية.

ونشرت وكالة أنباء “نور نيوز” التابعة للحرس الثوري تقريرا حول دور الوساطة الذي قد تلعبه موسكو بين طهران وواشنطن، وقالت فيه: “دخلت الدبلوماسية الإقليمية مرحلة جديدة بعد نشر تقارير حول احتمال دخول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على خط الوساطة بين إيران وأميركا… ويأتي هذا الخبر في ظل إصرار إيران على عدم الدخول في المفاوضات (مع أميركا) تحت الضغوط”.

وأضافت “نور نيوز”: “لعبت روسيا دورا حاسما في المعادلات الدولية المرتبطة بإيران خلال الأعوام الأخيرة محاولة الحفاظ على علاقاتها الاستراتيجية مع طهران من جهة وإبقاء الباب مفتوحا أمام الغرب من جهة أخرى، غير أن الوساطة الروسية بين إيران وأميركا تواجه تحديات لأن العلاقات بين طهران وواشنطن أكثر تعقيدا مما يمكن حله بسهولة”.
وتابعت: “لم يقدم المسؤولون الإيرانيون ردا رسميا حول هذه التقارير والمزاعم غير أن وزارة الخارجية الإيرانية أكدت أن طهران مصرة على عدم الدخول في أية مفاوضات تحت الضغوط القصوى وهذا ما أعلنه المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي من أنه من الطبيعي أن تعرض الدول المختلفة مساعدتها غير أن إيران لن ترضخ لمفاوضات في ظروف غير متكافئة… وقالت المتحدثة باسم الحكومة فاطمة مهاجري إن سياسة طهران عدم التفاوض تحت الضغوط القصوى وأنه يمكن إجراء مفاوضات في ظروف عادلة ودون فرض شروط أحادية الجانب”.
وأشار التقرير إلى أن إيران تنظر إلى انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي (في 2018) كنموذج يدل على عدم الثقة بالمفاوضات مع الجانب الأميركي وأن إيران تعتبر التزام الطرف الآخر بالقوانين الدولية شرطا للمفاوضات.
وعدد التقرير موانع الوساطة الروسية بين إيران وأميركا وهي: “عدم ثقة الطرفين الإيراني والأميركي بروسيا والحسابات الاستراتيجية الروسية التي تميل إلى لعب دور فاعل في الشرق الأوسط بهدف ارتقاء مكانة موسكو وتأمين مصالحها أكثر من السعي وراء اتفاق مستدام بين إيران وأميركا. وعدم رغبة إيران بالتفاوض مع أميركا تحت الضغوط، حيث إن إيران تصر على موقفها من عدم التفاوض مع الولايات المتحدة في ظل ظروف غير متكافئة وهذا يجعل نجاح الوساطة الروسية أصعب. والقدرات النووية الإيرانية حيث إن إيران تؤكد على التقدم في برنامجها النووي وعلى سلميته، غير أن زيادة مخزون اليورانيوم الإيراني المخصب بنسبة 60 في المئة وقلق الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن ذلك يجعلان المفاوضات والحراك الدبلوماسي أكثر تعقيدا”.
وتابع التقرير أن روسيا لا يمكنها أن تكون وسيطا محايدا وفاعلا بين إيران والولايات المتحدة لأن لموسكو مصالح مباشرة في الملف النووي والقضايا الأخرى العالقة بين طهران وواشنطن كما أن روسيا أظهرت خلال الأزمة الأوكرانية أنها تسعى إلى إدارة الأزمة بناء على مصالحها وليس بالضرورة حل الأزمات.

ورأى السفير الإيراني السابق في روسيا نعمة الله إيزدي في حوار مع صحيفة “شرق” أن “على الوسيط أن يكون محايدا وقادرا على بناء الثقة بين الطرفين، ولذلك فإن روسيا لا تستطيع أن تكون وسيطا محايدا بسبب مصالحها المباشرة في كل القضايا التي ترتبط بإيران، ومنها البرنامج النووي والاتفاق النووي والعقوبات ونفوذ إيران الإقليمي. وتحاول موسكو أن تقيم التوازن بين علاقاتها مع كل من إيران وأميركا ولكن هذا لا يعني أنها ستكون وسيطا فاعلا… قد تستطيع روسيا القيام بدور الوسيط ولكن الحقيقة أن التوترات العميقة بين إيران وأميركا أكثر تعقيدا من قدرة بلد ثالث وسيط على حلها… إن آفاق الوساطة بين إيران والولايات المتحدة مرهونة بمستوى مرونة الطرفين والتطورات في السياسات الإقليمية والدولية”.

ونشرت صحيفة “کیهان” تقريرا رأت فيه أن “إيران ليست بحاجة إلى الوساطة من قبل أي أحد”، مشيرة إلى التقرير الصادر من وكالة “بلومبرغ” حول موافقة الرئيس الروسي على مساعدة الإدارة الأميركية في المفاوضات النووية مع إيران.

وأضافت “كيهان”‌ أن “دونالد ترمب أرسل إشارات متناقضة إلى إيران منذ توليه الرئاسة الأميركية حيث إنه أعاد حملة الضغط الأقصى على إيران بهدف تصفير الصادرات النفطية الإيرانية ومنع إيران من الحصول على الأسلحة النووية”.

وتابعت “كيهان” أن “تقرير (بلومبرغ) يشير إلى معارضة مرشد الثورة للمفاوضات بين إيران وأميركا… ولكن الإعلام الأميركي يشن بين فترة وفترة حملة بشأن المفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران… الجمهورية الإسلامية الإيرانية لديها مشكلة حقيقية مع الولايات المتحدة وترمب. لا تكمن المشكلة في غياب الدول التي تقوم بدور الوساطة بل في نهج الإدارة الأميركية وترمب الذي يقوم على الخداع وتجاهل الالتزامات والخيانة. ولم تلتزم الإدارات الأميركية المتتالية خلال العقود الماضية بالتزاماتها مع إيران وكان آخرها الاتفاق النووي”.

وقالت “كيهان”: “كانت إيران من الدول القليلة التي تنتقد الإدارات الأميركية بسبب سياساتها لكن الآن يقول حلفاء الولايات المتحدة بدءا من أوكرانيا والدنمارك وألمانيا وفرنسا مرورا بكندا أن الإدارة الأميركية غير قابلة للثقة على الإطلاق… إضافة إلى ذلك، يتم تسجيل انتهاك حقوق الشعب الإيراني في الاتفاق النووي الذي انسحب منه ترمب وأيضا دماء (الشهيد) قاسم سليماني (قائد “فيلق القدس” الذي قتل في ضربة جوية أميركية في العراق) باسم دونالد ترمب”.

وقالت الصحيفة: “ينبغي تذكير الروس بأنه لا يمكن الوثوق بالإدارات الأميركية سواء كانت ديمقرطية أم جمهورية. لذلك ننصح روسيا بأن لا تقع في فخ خصمها الأميركي حتى في إطار المفاوضات حول القضايا الثنائية لأن روسيا ستجد (الناتو) فجأة خلف حدودها في أوكرانيا”.

وهاجمت “كيهان” الصحف الإصلاحية وتلك المحسوبة على حكومة الرئيس مسعود بيزشكيان متهمة إياها “بالحماس الشديد لاحتمال أن تلعب روسيا دور الوسيط بين إيران وأميركا”. وأضافت أن كل هذا الحماس الصادر عن وسائل إعلام الإصلاحيين بشأن المفاوضات بين واشنطن وطهران بوساطة روسية في الوقت الذي نفى فيه وزير الخارجية عباس عراقجي بصراحة أن يكون وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قد نقل رسالة من الإدارة الأميركية إلى طهران.

وقالت “كيهان” إن الإعلام الموالي للغرب في إيران شن خلال الأشهر الأخيرة حملة واسعة داعمة للمفاوضات بين إيران والإدارة الأميركية، وذلك بالرغم من أنه يعلم “بلطجة” ترمب وإدارته في الشؤون الدولية وعدم جدوى المفاوضات بين طهران وترمب بسبب تجاربنا السابقة معه. وستؤدي أية مفاوضات بين طهران وترمب إلى خسارة المصالح الوطنية وعدم بناء الثقة ولكن التغطية الإعلامية للإصلاحيين تروج مجددا الفكرة الساذجة وغير العقلانية حول المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة.

وأشارت “كيهان” إلى “التاريخ الحافل من عدم الثقة بالولايات المتحدة”، قائلة: “يغض الموالون للغرب في البلاد النظر عن الخداع والضغوط والسياسات غير البناءة الأميركية في أية مفاوضات مع إيران… إذا غضضنا النظر عن كل التاريخ الحافل بعدم الثقة وعدم جدوى المفاوضات مع أميركا فكيف لنا أن ننسى التعامل المهين للإدارة الأميركية مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وهذا يجب أن يكون الدليل القاطع الذي يظهر طبيعة الإدارة الأميركية”.

ودعت “كيهان” الإصلاحيين والموالين للغرب في إيران إلى “أخذ الدرس من التعامل المشين من الإدارة الأميركية بحق الرئيس زيلينسكي”، وعدم الحماس والبهجة لدور روسي محتمل كوسيط بين إيران وأميركا.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
المجلة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ستة عشر − خمسة =

زر الذهاب إلى الأعلى