من الصحافة الإيرانية: ما هو “المشروع الإقليمي” لإيران في المنطقة؟

لم يكن هناك مشروع من هذا النوع قيد التنفيذ. أولئك الذين يتحدثون عن فشل هذا المشروع، هدفهم في الواقع هو اتهام إيران بالتدخل في شؤون الدول الأخرى من أجل التوسع وبسط النفوذ وكسب أوراق تفاوضية.

ميدل ايست نيوز: لطالما دارت النقاشات في الأوساط السياسية والإعلامية في المنطقة العربية والإسلامية حول ما يُسمى بـ “المشروع الإقليمي للجمهورية الإسلامية الإيرانية”، وخلفية هذا المشروع وأهدافه. تتمثل أبرز عناصر هذا المشروع، وفقًا لتلك الدول، في التدخل في الشؤون الداخلية للدول عبر إنشاء فصائل تابعة ومرتزقة بهدف توسيع النفوذ أو نشر المذهب الشيعي في المجتمعات السنية، وكسب أوراق قوة للتفاوض مع القوى الغربية.

ذكر بعض المحللين أن إيران تسعى إلى تدمير إسرائيل وتحرير فلسطين، في حين أوضح آخرون أن الهدف من هذا المشروع هو خلق هلال أمني استراتيجي يمتد من سواحل البحر الأبيض المتوسط إلى البحر الأحمر والخليج. ولا يمكن إغفال أن بعض المواقف والتصريحات من قبل أفراد غير مسؤولين في الداخل الإيراني قد عززت هذه الأفكار.

وفي الآونة الأخيرة، وبعد أحداث 7 أكتوبر ووقائع لبنان، وخاصة بعد انفجار البيجرز واغتیال قادة المقاومة، وسقوط نظام بشار الأسد في سوريا، بدأ النقاش حول ما إذا كان “المشروع الإقليمي الإيراني” قد فشل أو ضعُف، وحول ما إذا كان هناك إمكانية لإحيائه أم لا. الحقيقة هي أن مثل هذا المشروع، كما يراه الآخرون، لم يكن موجودًا أساسًا ولن يكون.

إن إعداد أي مشروع يتطلب خطة واستراتيجية محددة، حيث يقوم مجموعة من الخبراء والمتخصصين بوضعه، ويتم دراسة مراحل التنفيذ والتكاليف والآليات اللازمة، إضافة إلى تحديد دور كل جهة معنية. وبعد ذلك، يتم تصحيح المسودة واعتمادها من قبل السلطات التشريعية وصناع القرار، ثم يتم توجيهها إلى الجهات التنفيذية. لكن ما حدث في الجمهورية الإسلامية هو خطوات متفرقة استنادًا إلى التزام ديني وأخلاقي لمساعدة المظلومين الذين طلبوا العون. وفيما يلي بعض الأمثلة على ذلك باختصار:

  1. 1982: عندما هاجم الجيش الإسرائيلي لبنان ودمره وقتل العديد من الأبرياء، وصل بشير الجميّل، قائد الميليشيات الفالانجية، إلى رئاسة الجمهورية. في تلك الأثناء، بدأ أتباع الدكتور مصطفى شمران المقاومة المسلحة بقيادة الشهيد محمد سعد. ولأنهم كانوا يفتقرون إلى الإمكانيات، زار وفد من الشيعة اللبنانيين، بمن فيهم الشهيد عباس موسوي والشهيد حسن نصرالله، طهران لطلب المساعدة في مقاومة الاحتلال. قدمت الجمهورية الإسلامية الدعم لهم بناءً على التزامها الديني والأخلاقي، ونتيجة لذلك، استطاعت المقاومة بعد 18 عامًا من النضال أن تحقق النصر في مايو 2000، وأن تخرج القوات الإسرائيلية من لبنان، مما أوجد نوعًا من الردع.
  2. 2011: شهدت اليمن ثورة شعبية أطاحت بنظام علي عبدالله صالح. ومن ثم، شنت المملكة العربية السعودية حربًا مدمرة ضد اليمن، رغم أن اليمنيين لم يقترفوا أي جرم ضد السعودية. طلب بعض اليمنيين المساعدة من طهران، فاستجابت الجمهورية الإسلامية لهم بنفس الدوافع الأخلاقية والدينية لدعم استقلالهم وحفظ ثورتهم.
  3. 2013-2014: حينما هاجمت داعش سوريا والعراق وارتكبت مجازر مروعة، طلبت حكومة بشار الأسد المساعدة من إيران. وفي العراق، وصلت داعش إلى بغداد وأربيل، فطلب رئيس الوزراء العراقي آنذاك نوري المالكي، ورئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني، المساعدة من طهران. كما أصدر آية الله العظمى السيستاني فتوى بالجهاد لمكافحة داعش. في هذه الظروف، تدخل الشهيد قاسم سليماني وقاد محور المقاومة في كلا البلدين، مما أدى إلى هزيمة داعش وإحباط مؤامرة الأعداء.

الخلاصة أن هذه الخطوات لم تكن جزءًا من “مشروع إقليمي” معروف كما يُزعم، ولم يكن هناك مشروع من هذا النوع قيد التنفيذ. أولئك الذين يتحدثون عن فشل هذا المشروع، هدفهم في الواقع هو اتهام إيران بالتدخل في شؤون الدول الأخرى من أجل التوسع وبسط النفوذ وكسب أوراق تفاوضية، في حين أن حزب الله في لبنان، وأنصار الله في اليمن، والحشد الشعبي في العراق ليست أوراقًا يمكن المتاجرة بها. والأهم من ذلك، أن إيران ترفض أساسًا مبدأ المفاوضات والتجارة، وبالتالي فإن ادعاء جمع الأوراق يتناقض مع منطق الموضوع ذاته!

 

محمد علي مهتدي

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

4 × ثلاثة =

زر الذهاب إلى الأعلى