نوروز: الإيرانيون يودعون عاما مثقلا بالأحداث
كان عام 1403 الإيراني (بدأ من 21 مارس/ آذار 2024 وينتهي غدا الخميس 20 مارس/ آذار) بلا شك عامًا مضطربًا وغير مسبوق في الوقت ذاته. حيث بلغت التوترات الإقليمية ذروتها.

ميدل ايست نيوز: كان عام 1403 الإيراني (بدأ من 21 مارس/ آذار 2024 وينتهي غدا الخميس 20 مارس/ آذار)) بلا شك عامًا مضطربًا وغير مسبوق في الوقت ذاته. حيث بلغت التوترات الإقليمية ذروتها؛ فقد شنت إيران وإسرائيل هجمات مباشرة على بعضهما البعض، واغتيلت شخصيات مثل السيد حسن نصر الله وإسماعيل هنية، وسقط بشار الأسد… مما وضع الشرق الأوسط وسياسات إيران الإقليمية في وضع جديد.
في الأشهر الأخيرة، عاد دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، مما زاد من العقوبات والضغوط الدولية على إيران بشكل ثقيل.
أما داخليًا، فقد أدت وفاة الرئيس إبراهيم رئيسي المفاجئة وتشكيل حكومة وبرلمان جديدين إلى تغيير المشهد السياسي تمامًا. هذا بالإضافة إلى استمرار أزمة الطاقة، لا سيما في تأمين الغاز والكهرباء، التي لا تزال تثقل كاهل الاقتصاد الإيراني.
وفي الوقت الحالي، تزايدت المخاوف بشأن تأمين المياه، مما أضاف تحديًا جديدًا للعام الإيراني المقبل (يبدأ في 21 مارس القادم). لذا، لا بد من الإقرار بأن عام التالي، بالنظر إلى التركة التي سيحملها من العام الحالي، يحيط به الغموض والترقب. فإذا هدأت التوترات، فقد يكون هناك مجال لتحسين العلاقات والاقتصاد، لكن استمرار حالة عدم الاستقرار قد يجعل هذا العام أحد أصعب الفترات. ستكون التحديات الرئيسية القادمة هي الأمن الداخلي وإدارة أزمة الطاقة والتعامل مع العقوبات.
ولهذا، أجرت صحيفة “شرق” مقابلات مع شخصيات سياسية في محاولة لتقديم رؤية أكثر دقة حول المخاوف والآمال لعام 2025، والتي نعرضها في ما يلي:
محمد مهاجري: آمل في تغيير مسار السياسة الخارجية خلال العام الجديد
في إجابته عن هذا السؤال، صرّح محمد مهاجري في حديث مع “شرق” بدايةً بأن “مجمل التطورات التي شهدها عام 1403، سواء كانت إيجابية أو سلبية بالنسبة للجمهورية الإسلامية الإيرانية، كانت أحداثًا صادمة للغاية”، مضيفًا أن “هذا الكم من التغيرات خلال أقل من عام لم يسبق له مثيل في تاريخ الثورة”.
وأشار هذا الناشط السياسي إلى أحداث مثل “استشهاد رئيس إيران وتولي رئيس من الجناح المقابل حكم البلاد وسقوط بشار الأسد واغتيال السيد حسن نصر الله واغتيال قادة الفصائل الفلسطينية والهجوم المباشر بين إيران وإسرائيل لأول مرة وعودة ترامب إلى البيت الأبيض وغيرها الكثير…”، والتي يراها بمثابة “مخاوف تُلقي بظلالها على السياسة الخارجية لعام 1404، إذ قد تخلق هذه التحولات ظروفًا أكثر تعقيدًا أمام صناع القرار”.
من ناحية أخرى، يرى مهاجري أن “تحولات السياسة الداخلية والتطرف المتزايد في الأشهر الأخيرة ضد حكومة بزشكيان وشخصه، إلى جانب بعض الاحتجاجات التي جرت باسم الدفاع عن الحجاب والقانون المصادق عليه، وكذلك الإهانات والتخريب، كلها أمور مقلقة”. لأنه برأيه، “هناك احتمال لاستمرار هذه النزعات المتطرفة وتصاعدها في عام 1404، مما سيؤدي إلى تداعيات سياسية سلبية وزيادة التكلفة على إيران”.
صادق زيباكلام: عام 2025 سيكون إما أسودا أو أبيض
أما صادق زيباكلام، فقد قدّم في حديثه مع “شرق” رؤية متفائلة للعام الإيراني المقبل، قائلاً: بشكل عام، أتوقع أن يكون عام 1404 أفضل من عام 1403. لم يحدث أي تغيير جوهري في جذور المشكلات خلال عام 2024، لكن يبدو أن الوضع سيكون مختلفًا في العام القادم.
ويرجع هذا التفاؤل، حسب هذا المحلل السياسي، إلى “التحولات الإيجابية التي حدثت في الأشهر الأخيرة من عام 1403في المنطقة، مثل التطورات في سوريا ولبنان، والعلاقات بين إسرائيل وفلسطين، إلى جانب انخفاض تكاليف إيران في سياساتها الخارجية، وخاصة فيما يتعلق بدعم القوات الموالية لها في سوريا ولبنان والعراق واليمن وفلسطين، مما قد يمهد الطريق لتحولات إيجابية”. هذا الانخفاض في النفقات “سيسمح لإيران بتركيز مواردها بشكل أكبر على حل المشكلات الداخلية”.
لكن السبب الأساسي للتفاؤل، وفقًا لزيبا كلام، هو “إصرار الرئيس الأمريكي على حل القضايا الجوهرية مع إيران”.
وأوضح هذا الأستاذ الجامعي أن “المشكلة الرئيسية التي يسعى ترامب لحلها هي البرنامج النووي الإيراني. فهو يريد إنهاء هذا الملف نهائيًا، بحيث لا تتمكن الجمهورية الإسلامية بأي شكل من الأشكال من إنتاج سلاح نووي”.
أما النقطة الثانية التي يركز عليها ترامب، بحسب زيبا كلام، فهي “أنه بغض النظر عما إذا كانت إيران تعتزم مهاجمة إسرائيل أو دول أخرى، فإنه (ترامب) عازم على تقييد قدرات إيران في مجال الأسلحة الاستراتيجية والصواريخ الباليستية”.
أما الهدف الثالث الذي أشار إليه زيبا كلام، فهو أن “إضعاف قوات إيران الموالية في المنطقة قد تحقق عمليًا قبل وصول ترامب إلى البيت الأبيض”.
من وجهة نظر هذا المحلل، “لم تعد هذه الجماعات قادرة على التأثير الكبير في العراق ولبنان، وخاصة سوريا، وفي الوقت الحالي، لم يعد الوجود الإيراني في هذه الدول يشكل تهديدًا كبيرًا للدول الأخرى أو للأنظمة المحلية فيها”. ويؤكد أن “ترامب يسير بقوة في هذا الاتجاه، إلا إذا قررت الجمهورية الإسلامية مواجهته بجدية”.
ويعتقد زيبا كلام أن “بعض المسؤولين في إيران، وخاصة من يُعرفون بالواقعيين، لا يرغبون في الدخول في مواجهة عسكرية مع أمريكا، ولهذا فمن المحتمل جدًا أن يتم تجنب هذا الصراع”.