البنك الدولي: الاقتصاد الإيراني يواجه تباطؤًا ومخاطر متزايدة

أشار البنك الدولي إلى أن إيران شهدت تراجعًا في معدل النمو الاقتصادي خلال السنة المالية المنتهية في مارس 2025.

ميدل ايست نيوز: حدّث البنك الدولي في أحدث تقاريره رؤيته بشأن الاقتصاد الإيراني، مشيرًا إلى أن إيران شهدت تراجعًا في معدل النمو الاقتصادي خلال السنة المالية المنتهية في مارس 2025. ووفق التقرير، فإن الانخفاض في صادرات النفط وتأثير نقص الطاقة على الأنشطة غير النفطية، إضافةً إلى تصاعد التوترات الجيوسياسية، تُعد من أبرز الأسباب وراء هذا التباطؤ.

بحسب التقرير، تراجع إنتاج النفط الإيراني في عام 2024 نتيجةً لتشديد العقوبات الأمريكية، إلى جانب انخفاض الطلب العالمي، لا سيما من الصين. كما بقي نمو الأنشطة غير النفطية محدودًا بسبب استمرار العقوبات ونقص الطاقة المزمن والبيئة الاقتصادية غير المستقرة. ويرى البنك الدولي أن العجز الواسع في البنية التحتية للطاقة، وقلة الاستثمارات، والانقطاعات المتكررة في إمدادات الغاز والكهرباء، من أهم معوقات النمو الاقتصادي في البلاد خلال هذه المرحلة.

إلى جانب تباطؤ النمو، يواجه سوق العمل الإيراني تحديات عميقة. فرغم زيادة عدد السكان في سن العمل بنسبة 6% منذ ما قبل جائحة كورونا، انخفض معدل المشاركة الاقتصادية إلى 41%، في حين بلغ بين النساء 14.1% فقط. كما تؤدي هجرة الكفاءات وتقدم السكان في السن إلى ضغوط طويلة الأمد على نظامي الرعاية الاجتماعية والمالية العامة.

في الجانب المالي، يعاني الاقتصاد الإيراني من عجز مزمن في الميزانية. ويشير التقرير إلى أن جزءًا كبيرًا من الإنفاق الحكومي يذهب إلى دعم نقدي غير موجه ورواتب الموظفين ومعاشات التقاعد، ما يقلص مرونة المالية العامة. وفي ظل تآكل القدرة الشرائية نتيجة التضخم، بات من الضروري إعادة تصميم نظام الدعم ليكون أكثر فاعلية واستدامة. مع ذلك، لا يوصي البنك الدولي بإلغاء الدعم، بل يحذر من أن الأساليب غير المنتظمة في صرفه تُثقل كاهل الميزانية العامة.

علامات الركود تلوح في الأفق

في الأشهر التسعة الأولى من السنة المالية 2024، سجل الناتج المحلي الإجمالي نموًا بنسبة 3.7% مقارنةً بالفترة نفسها من العام السابق، مدفوعًا بشكل رئيسي بقطاع الخدمات. بينما تراجع نمو الناتج المحلي النفطي إلى 6% (مقارنة بـ20.3% في العام السابق)، وبلغ النمو في القطاعات غير النفطية 2.9%. أما على صعيد التوظيف، فحقق الاقتصاد نموًا بنسبة 1.2% خلال الفترة نفسها.

وتزامنًا مع انخفاض عائدات النفط وزيادة النفقات، ازداد الضغط على الميزانية العامة. وعلى الرغم من تحصيل نسبي للإيرادات الضريبية، إلا أن الإيرادات النفطية لإيران انخفضت بشدة في النصف الثاني من العام. وارتفعت نفقات الحكومة على السلع والخدمات بنسبة 3.1% بالقيمة الحقيقية خلال التسعة أشهر الأولى من السنة. ويُقدّر أن العجز في ميزانية عام 2024 بلغ 3.1% من الناتج المحلي الإجمالي، ما دفع الحكومة إلى السحب من صندوق التنمية الوطنية والاقتراض من النظام المصرفي.

من الناحية النقدية، ساهم انخفاض أسعار السلع الأساسية عالميًا، إلى جانب السياسات الانكماشية، في الحد من تصاعد الأسعار. إلا أن انخفاض قيمة الريال وارتفاع التوقعات التضخمية بسبب التوترات الجيوسياسية زاد من الضغوط على الأسعار. وقدّر البنك الدولي معدل التضخم في مارس 2025 بنحو 35.4%.

في قطاع التجارة الخارجية، تجاوزت الصادرات غير النفطية الواردات بنسبة نمو بلغت 15.5% مقابل 8.2% للواردات، مما أدى إلى تقليص العجز في الميزان التجاري غير النفطي إلى 14.5 مليار دولار.

وعلى الرغم من الصعوبات الاقتصادية، تراجع معدل الفقر عن ذروته خلال أزمة كورونا. وبناءً على خط الفقر الدولي للبلدان ذات الدخل المتوسط الأعلى (6.85 دولار في اليوم حسب القوة الشرائية لعام 2017)، قُدر معدل الفقر في عام 2023 بنحو 19.9%، مقابل الذروة التي سجلت 29.3% في عام 2020.

التوقعات المتوسطة المدى والمخاطر

يتوقع البنك الدولي أن يشهد الاقتصاد الإيراني مزيدًا من التباطؤ في السنوات المقبلة. فبسبب تشديد العقوبات وضعف الطلب العالمي، خاصة من الصين، يتوقع انكماش قطاع النفط، فيما يبقى نمو القطاعات غير النفطية مقيدًا نتيجة استمرار العقوبات ونقص الطاقة والضبابية في السياسات.

ويحذر البنك من أن الاقتصاد الإيراني يواجه مخاطر كبيرة تتمثل في التوترات الجيوسياسية والصدمات العالمية وتراجع فرص الوصول إلى الأسواق المالية. كما أن اضطراب العلاقات التجارية مع الجيران، والاعتماد على التمويل المصرفي لسد عجز الميزانية، قد يزج بالبلاد في دوامة من التضخم الحاد وتراجع الرفاه الاقتصادي وعدم الاستقرار. وفي حال تباطؤ الاقتصاد الصيني واستمرار حالة عدم اليقين في التجارة العالمية، فقد تتعرض صادرات واستثمارات إيران لمزيد من الضغوط.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اثنان × واحد =

زر الذهاب إلى الأعلى