كيف يمكن أن يكون انتقام إيران لاغتيال قادتها؟

فقدت إيران هذا العام اثنین من أبرز قادتها وهما اللواء قاسم سلیماني ومحسن فخري زاده.

ميدل ايست نيوز: شهد هذا العام مقتل اثنين من أبرز القادة الإيرانيين هما قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني الجنرال “قاسم سليماني” ومهندس المشروع النووي الإيراني “محسن فخري زاده“.

ففي وقت مبكر جدا من 2020، أمر الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” باغتيال “سليماني”، وهو أمر اتفق الجميع على أنه خطوة خطيرة. وتعهدت طهران بالانتقام، ولكن مع مرور الوقت كانت الحكمة هي شعارها. وكان الإنذار المبكر للقاعدة الأمريكية “عين الأسد” قبل قصفها يهدف إلى تجنب قتل الجنود الأمريكيين. ومن الواضح أن النية كانت تجنب التعرض لهجوم مضاد ومنع اندلاع الحرب.

وكانت خسارة “فخري زاده” كبيرة للغاية، لكن لا يُتوقع لها أن تشل البرنامج النووي الإيراني. ومن الطبيعي أن يكون عدد العلماء والمهندسين في إيران قد نما على مر السنين لتلبية احتياجات صناعة الطاقة النووية الإيرانية.

وقد نفت إيران وجود أي جهد على الإطلاق لبناء برنامج أسلحة نووية، وهو موقف يقول النظام الإيراني أنه “يستند إلى تعاليم الإسلام” لكن إسرائيل تستخدم حجة الأسلحة النووية كاستراتيجية مناسبة لتقويض الجهود الإيرانية لبناء قوتها الاقتصادية والدفاعية. وتقاتل إسرائيل من أجل الحفاظ على غرب آسيا، أو الشرق الأوسط الأوسع، كساحة لا ينافسها فيها أحد، حيث تملك القوة النووية الوحيدة وإن كانت غير معلنة.

وإذا كان مقتل “فخري زاده” لن يعيق قدرة إيران على بناء صناعتها للطاقة النووية، التي تفترض إسرائيل أنها ستنقلب وتتحول إلى أسلحة، فلماذا ترتكب إسرائيل مثل تلك الجريمة؟ حسنا، يقول المراقبون إن النية هي تقييد يدي الرئيس المنتخب “بايدن” في حالة محاولته إحياء مشاركة الولايات المتحدة في خطة العمل الشاملة المشتركة، أو ما يعرف بالاتفاق الإيراني النووي، ما يجعل الحرب الخيار الأقرب.

لكن الافتراض بأن جرائم القتل ستعيق قدرة إيران على العودة إلى الاتفاق النووي، في حين أنه معقول، إلا أنه يفشل في إدراك البراجماتية التي قادت قرارات طهران حتى الآن.

الطريق إلى السلام في الصراع مع إيران

وفي حين يرى معظم المراقبين أن إيران لن تعلن الحرب لمقتل هذا أو ذاك، لكن الفشل في تأمين سلامة “فخري زاده” كان إحراجا كبيرا لطهران.

ويعد تحقيق العدالة مبدأ يعتز به الشيعة، ويتلخص في شعارهم: “كل يوم هو عاشوراء. كل أرض هي كربلاء”، و”عاشوراء” بالنسبة للشيعة هو يوم استشهاد الإمام “الحسين”، وكربلاء هي حيث استشهد في كفاحه من أجل العدالة.

وفي نظر الإيرانيين، كانت الجمهورية الإسلامية هي الطرف المتعرض للظلم كثيرا بسبب دفاعها عن سيادتها ومقاومة ميول الهيمنة من الولايات المتحدة. ولم تكن الحرب العراقية الإيرانية، التي استمرت 8 أعوام، سوى حرب لعب فيها العراق دور الوكيل للولايات المتحدة.

وتسببت العقوبات الأمريكية المستمرة ضد إيران، بما في ذلك المتعلقة بالإمدادات الطبية بالرغم من جائحة “كوفيد-19″، في سقوط ضحايا مدنيين. وقد استهدفت هذه العقوبات إشعال انتفاضة شعبية ضد الحكومة الإيرانية، ولكن هذه الاستراتيجية لا تدرك جوهر العقيدة الشيعية التي تحرك وعي الشعب الإيراني وتجعل القوى الخارجية هي عدو الدولة. ومن الواضح  أن الحكومة تعي أهمية هذه الأيديولوجيا وتوليها اهتماما كبيرا.

ولكن بالنظر إلى تجنب طهران قتل القوات الأمريكية عندما هاجمت الصواريخ الإيرانية القواعد الأمريكية في العراق، وإنقاذ إيران لطائرة تجسس أمريكية مأهولة في حين أسقطت أخرى بدون طيار، فإن الانتقام لمقتل “فخري زاده” و”سليماني” لن يكون عبر حرب تقليدية ساخنة.

وفي الوقت الذي تُخاض فيه الحروب بوسائل يمكن أن تحدث تدميرا مباشرا للمجتمعات، ما الذي يمكن لإيران أن تستخدمه لتقويض إسرائيل؟ ربما تكون هناك إجابة محتملة في متناول اليد. ففي 17 ديسمبر/كانون الأول 2020، بدأ تقرير في صحيفة “هآرتس” بعبارة “إسرائيل وسط هجوم إلكتروني ضخم من قبل مجموعة إيرانية” ويتحدث التقرير عن قيام قراصنة مرتبطين بإيران باستهداف بيانات ما لا يقل عن 80 شركة إسرائيلية.

وعلى ما يبدو، فإن هذا الهجوم من قبل مجموعة “Pay2Key”، هو الأحدث في “سلسلة من الحملات الإلكترونية ضد إسرائيل”. ويشير الخبراء الإسرائيليون إلى أن هذه حرب ضد اقتصادهم. وما يقود الخبراء إلى هذا الاعتقاد هو أنه على عكس ​​طلبات مجرمي الإنترنت التقليديين، فإن الفدية المطلوبة كانت صغيرة نسبيا، بالرغم أن تقريرا في صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” قال إنه “لم يتم طلب فدية على الإطلاق”، ربما لأن الهدف سياسي وليس تجاري.

وكان عنوان التقرير “ينتظر الإيرانيون الرد الإسرائيلي”. وإذا كان التقرير دقيقا وحدثت حرب سيبرانية مستقبلا، فمن المرجح أن يكون الهدف إحداث شلل اقتصادي كما فعلت روسيا بأوكرانيا عام 2015.

ولا يمكن أن يكون هناك نصف رد من الجانب الإيراني إذا أرادوا الانتقام حقا لأنفسهم بشكل فعال. ويمكن لهندسة البيانات المسروقة إحداث شلل كبير وربما يكون الهدف سلسلة التوريد الإسرائيلية بالنظر إلى طبيعة الأهداف السابقة.

وتتناسب الحرب السيبرانية مع مبادئ الجمهورية الإسلامية، وقد انتهزت طهران كل فرصة لإظهار مهاراتها العلمية والتكنولوجية، لكنها غير راغبة في استغلال أي منها دون داع.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
بواسطة
الخليج الجديد
المصدر
Global Research

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

9 + تسعة عشر =

زر الذهاب إلى الأعلى