إيران.. خسائر بالمليارات سنويا بسبب التأخير في تطوير حقل “بارس الجنوبي”
في الوقت الذي تسارع فيه قطر تنفيذ مشروع تعزيز ضغط حقل بارس الجنوبي المشترك بالتعاون مع عمالقة الطاقة العالميين، لا تزال إيران غارقة في البيروقراطية والتأخير من جانب صناع القرار.

ميدل ايست نيوز: في الوقت الذي تسارع فيه قطر تنفيذ مشروع تعزيز ضغط حقل بارس الجنوبي المشترك بالتعاون مع عمالقة الطاقة العالميين، لا تزال إيران غارقة في البيروقراطية والتأخير من جانب صناع القرار.
ويعتبر حقل بارس الجنوبي الغازي المشترك مع قطر، أكبر مصدر للغاز الطبيعي في العالم، العمود الفقري لتأمين الطاقة والإيرادات بالعملات الأجنبية للاقتصاد الإيراني. ومع ذلك، فإن دخول الحقل في مرحلة انخفاض الضغط الطبيعي يعرض اقتصاد الغاز الإيراني لتحديات جسيمة.
وقامت قطر منذ عدة سنوات بتنفيذ مشروع تعزيز الضغط بشكل منظم وباستثمارات خارجية. وقد أسهم التعاون مع شركة توتال وغيرها من عمالقة الطاقة في الحفاظ على إنتاج الغاز، بل وزيادة حصتها من الحقل المشترك. وتعتبر هذه الخطوة مثالاً واضحاً على “اللعبة ذات المكاسب الصفريّة” في اقتصادات الموارد المشتركة: فكل متر مكعب من الغاز الذي لا تستخرجه إيران، يصب في مصلحة قطر. لكن وفق ما أفادت وكالة مهر للأنباء، فإن إيران اكتفت بتوقيع عقد مع بعض الشركات المحلية، وبسبب عدم تأمين التمويل (من صندوق التنمية الوطني) وغياب القرارات اللازمة في المجلس الاقتصادي، لم يتم اتخاذ أي خطوات تنفيذية تشغيلية.
في هذا السياق، صرح حسين أحمد زاده شهروادي، الخبير الاقتصادي، في حديثه مع مهر أن هذا التأخير له تداعيات اقتصادية رئيسية. وقال: “وفقاً للتقديرات الفنية، فإن كل سنة تأخير في تعزيز الضغط تقلل من الإيرادات المحتملة لإيران بمليارات الدولارات.”
وأضاف: “في ظل العقوبات التي يعاني منها الاقتصاد الإيراني والعجز المالي الكبير، فإن فقدان هذه الإيرادات يمكن أن يزيد من حدة الأزمة المالية والتضخم الهيكلي في البلاد”.
وأشار الخبير الاقتصادي إلى الخطر الذي يهدد زيادة التكاليف المستقبلية في مجال استخراج الغاز، فقال: “يُظهر ذلك أنه كلما تأخرت تنفيذ المشاريع الأساسية، زادت تكاليفها بسبب التضخم الداخلي والتغيرات في السوق العالمية. لذا فإن التأخير في تنفيذ مشروع تعزيز الضغط يعني فقدان الإيرادات، وفي المستقبل سنواجه تكاليف أكبر لتعويض هذا الفقد.”
ولفت أحمد زاده شهروادي إلى مسألة المخاطر الهيكلية في سوق الطاقة الإيراني، قائلاً: “إن انخفاض الإنتاج من الغاز قد يهدد أمن الطاقة الداخلي لإيران. فالصناعات التي تعتمد على الغاز، مثل صناعة الغاز، وتوليد الكهرباء، والبتروكيماويات، تعتمد بشكل كبير على غاز بارس الجنوبي. ومن الممكن أن يؤدي انخفاض الإنتاج إلى تقنين الطاقة وزيادة الأسعار وفي النهاية الضغط على الإنتاج والعمالة.”
وأوضح أن هذه التأخيرات تعكس ضعفاً في إدارة الموارد الطبيعية وعدم القدرة على تحويل “ريع الطاقة” إلى تنمية مستدامة، معتبرا أن “إيران بهذا التأخير لا تترك ثروتها تحت الأرض فقط لجارتها، بل تضعف أيضاً فرصتها (أي إيران) في تطوير صناعتها واقتصادها.”
ووفقاً لآراء العديد من الخبراء، يُعتبر حقل بارس الجنوبي أكثر من مجرد حقل غازي، فهو مرتبط بمستقبل إيران الاقتصادي والجيوسياسي. إن العجز عن دفع مشروع تعزيز الضغط قد يتحول إلى واحدة من أكبر الهزائم الاستراتيجية في مجال الطاقة. لذلك، من الضروري أن تتبنى الحكومة نظرة واقعية وتقيم الفوائد والتكاليف بدقة، وأن تعطي هذا المشروع الأولوية العاجلة قبل أن تصبح تكاليف الفرص المفقودة غير قابلة للتعويض.