“ربط غازي بين إيران والهند وروسيا”… خبير إيراني يقترح خطة لتحييد العقوبات الأميركية

إن الموقع الجيو-اقتصادي المميز لإيران، حيث تقع في قلب حزام الطاقة العالمي وبجوار سوق يضم ما يقارب الملياري نسمة، وفر لها ميزة بنيوية تمكّنها حالياً من استغلالها لتحييد أثر العقوبات.

ميدل ايست نيوز: تقع إيران عند مفترق طرق الطاقة العالمي، وتمتلك فرصة تاريخية للتحول إلى مركز إقليمي للغاز، ما يتيح لها ليس فقط تحييد العقوبات، بل بناء آلية لتحصين مستقبل اقتصادها. وهنا، يعد خط الأنابيب البحري إلى الهند وروسيا المحرك الأساسي لهذه الخطوة.

وفي تصريحات نشرتها وكالة تسنيم للأنباء، قال رسول خسروي راد، الخبير في شؤون الطاقة، حول أهمية الربط المباشر للغاز بين إيران والهند وروسيا، مع تركيز الدور الإيراني في نقل الغاز الروسي إلى الهند: إن العقوبات الغربية خلال العقود الأربعة الماضية فرضت ضغوطاً على الشرايين المالية والتجارية لإيران. ومع ذلك، فإن الموقع الجيو-اقتصادي المميز لإيران، حيث تقع في قلب حزام الطاقة العالمي وبجوار سوق يضم ما يقارب الملياري نسمة، وفر لها ميزة بنيوية تمكّنها حالياً من استغلالها لتحييد أثر العقوبات. إن فكرة الربط المباشر بين قوتين متكاملتين، روسيا (أكبر مالك لاحتياطيات الغاز المؤكدة عالمياً) والهند (واحدة من أسرع الاقتصادات نمواً وثاني أكبر مستهلك للطاقة حتى عام 2040)، تشكل استراتيجية ثلاثية الأبعاد: تثبت موقع إيران كمحور للتصدير والترانزيت، وتقلل من كلفة الطاقة للهند، وتُعزز الترابط المتبادل بين طهران وموسكو ونيودلهي إلى حدّ تُصبح معه العقوبات الثانوية عملياً عديمة الجدوى.

وخلال إشارته إلى الأهمية البالغة للربط المباشر للغاز بين إيران وروسيا، وكذلك بين إيران والهند عبر بحر عمان وخط الأنابيب البحري، أوضح أن “خط الأنابيب يمثل أرخص وأكثر وسائل نقل الغاز استقراراً، وقد شكّل منذ منتصف القرن الماضي البنية التحتية الأساسية لتجارة الغاز الطبيعي. كما أن إيران، بفضل شبكتها الواسعة من خطوط أنابيب الغاز في جميع أنحاء البلاد، متصلة بجميع جيرانها الذين تربطهم بها حدود برية”.

وفيما يتعلق بأهمية الربط المباشر للغاز بين إيران وروسيا بعد الحرب الروسية الأوكرانية، أكد الخبير في شؤون الطاقة أن الهند تُعد حليفاً استراتيجياً لروسيا، ويمكن لإيران أن تُحقق لنفسها منافع اقتصادية وترابطاً متبادلاً من خلال هذا المسار.

وأكمل: في النظرة الأولى، قد يبدو الربط الغازي بين إيران وروسيا أمراً غير مألوف نظراً لكونهما من كبار مالكي الاحتياطيات، لكن هذا الربط لا يقتصر على التصدير والاستيراد، بل يتّخذ طابع المقايضة وإعادة توزيع الغاز. فروسيا، بعد قيود الغرب، باتت مضطرة للبحث عن أسواق جديدة ومسارات متعددة. يمكن لإيران أن تستلم الغاز الروسي عند حدودها الشمالية وتضخ كمية مماثلة إلى الجنوب نحو السوق الداخلية أو تركيا، وهي صيغة ناجحة تم تطبيقها سابقاً مع تركمانستان. علاوة على ذلك، فإن الربط المباشر يتيح لإيران تصدير الغاز بشكل مشترك إلى أسواق جنوب آسيا الواسعة، ويمكن للغاز الروسي أن يصل إلى الهند دون المرور عبر المضائق الجيوسياسية مثل هرمز ومالاكا، مما يعزز أمن الطاقة الهندي ويُضعف فعالية أدوات العقوبات الغربية.

واختتم بالقول إن موقع إيران عند تقاطع مسارات الطاقة العالمية يمنحها فرصة فريدة للتحول إلى مركز إقليمي للغاز، ما يتيح لها تحييد العقوبات وبناء منظومة لحماية مستقبل اقتصادها. ويُعد خط الأنابيب البحري إلى الهند وروسيا المحرك الرئيسي لهذه الاستراتيجية. فالقيمة الجيوسياسية المضافة، والدخل المستقر بالعملات الأجنبية، ودور إيران المحوري في معادلات الطاقة الآسيوية، يمكن أن يعيدوا صياغة معادلة الضغوط الخارجية، شريطة توافر الإرادة السياسية والتنسيق المؤسسي والكفاءة الفنية. وبعبارة أخرى، فإن مفتاح تحييد العقوبات لا يكمن في الالتفاف عليها، بل في إدخال اللاعبين الرئيسيين إلى ساحة اللعب الإيرانية، حيث لم يعد قطع العلاقات خياراً زهيد الكلفة.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

13 − عشرة =

زر الذهاب إلى الأعلى