المهاجرون الأفغان يكبدون الاقتصاد الإيراني 18 مليار دولار سنويا
قال الرئيس السابق لغرفة تجارة إيران إن هناك حالياً أكثر من 6.7 مليون مهاجر في إيران، معظمهم أفغان، يكلّفون الدولة نحو 18 مليار دولار سنوياً.

ميدل ايست نيوز: نشرت صحيفة “جمهوري إسلامي” الإيرانية مقالاً بقلم حسين سلاح ورزي، الرئيس السابق لغرفة تجارة إيران، حذّر فيه من خطورة مشروع قانون “تأسيس الهيئة الوطنية للهجرة”، الذي يسعى عدد من النواب إلى تمريره خلال الأيام المقبلة بهدوء ومن دون ضجيج إعلامي، معتبراً أن المشروع أشبه بسيف ذي حدين قد يطعن قلب المصالح الوطنية لإيران.
وأوضح الكاتب أن هذا المشروع، الذي يُطرح تحت عنوان تنظيم أوضاع المهاجرين المقيمين في إيران، قد يؤدي فعلياً إلى تثبيت إقامة الموجودين حالياً بشكل دائم، وفتح أبواب البلاد أمام موجات أكبر من المهاجرين، خصوصاً من أفغانستان، ما يشكّل تهديداً جدياً للاقتصاد والمجتمع والأمن.
وأضاف أنه في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها الإيرانيون من تضخم وبطالة وتزايد في معدلات انعدام الأمن، فإن هذا المشروع لا يقدم حلاً، بل يعمّق الجراح القديمة، مطالبا رئيس البرلمان بالتصدي بكل حزم لهذا المشروع وعدم السماح بتقديم مستقبل إيران كضحية لقرارات غير مدروسة.
وأشار سلاح ورزي إلى أن هناك حالياً أكثر من 6.7 مليون مهاجر في إيران، معظمهم أفغان، يكلّفون الدولة نحو 18 مليار دولار سنوياً، وهو رقم يتجاوز الناتج المحلي الإجمالي لأفغانستان البالغ 17 مليار دولار، ويُصرف على التعليم، والرعاية الصحية، والكهرباء، والمياه، والنقل.
وبيّن أن تعليم 700 ألف طالب أفغاني فقط كلّف في عام 2024 نحو 420 مليون دولار، بينما لم تسهم الأمم المتحدة سوى بـ5.5 بالمئة من هذا المبلغ. وفي قطاع الصحة، أنفقت إيران 2.4 مليار دولار على خدمات مثل اللقاحات المجانية وعلاج الأمراض الخاصة.
وقارن هذه الأرقام بميزانية بقيمة 83 مليون دولار مخصصة لتنمية المحافظات المحرومة، في وقت لا يجد فيه كثير من الإيرانيين حتى مركزاً صحياً بسيطاً. وانتقد تبرير المدافعين عن المشروع بأنه يساعد سوق العمل، واعتبر أن دخول أعداد كبيرة من المهاجرين إلى سوق الوظائف البسيطة زاد من بطالة الشباب الإيراني وخلق اختلالاً في سوق العمل. وأكّد أن منح الإقامة والملكية للمهاجرين سيؤدي إلى مزيد من الضغط على الموارد الوطنية واتساع الفجوة الاجتماعية.
واعتبر الرئيس السابق لغرفة تجارة إيران أن هذا المشروع قد يزعزع استقرار المجتمع، حيث إن الوجود غير المنظَّم للمهاجرين قد يغير النسيج السكاني والثقافي ويؤدي إلى زيادة الجرائم والنزاعات. وكشف عن تقارير تفيد بأن بعض المهاجرين غير الشرعيين أسّسوا جماعات تطالب بمطالب سياسية، محذّراً من وجود نوايا لتغيير التركيبة السكانية لبعض المناطق الإيرانية بدوافع سياسية، خصوصاً تحت شعار “الوحدة الإسلامية”، ما يشكل تهديداً مباشراً للهوية والوحدة الوطنية.
ورأى سلاح ورزي أن غياب الرقابة على دخول وإقامة المهاجرين يفتح الباب أمام انعدام الأمن ومخاطر أكبر. وأشار إلى أن الولايات المتحدة، رغم قوتها الاقتصادية واحتوائها على 3.5 مليون مهاجر فقط، تواجه تحديات كبيرة، فكيف لإيران ذات الاقتصاد الهش والبنية التحتية المحدودة أن تتحمل ضعف هذا العدد؟
وأعرب المسؤول الإيراني السابق عن قلقه من غياب الشفافية في هذا المشروع، مما عزز الشكوك حول النوايا الحقيقية وراءه، واعتبر أن البعض يراه “خيانة خفية” تُهدر الموارد النادرة للبلاد من أجل دوافع شعبوية. وطالب بأن يُعاد النظر فيه بمشاورة الخبراء واستطلاع رأي الشعب، مؤكداً أن السياسات المتعلقة بالهجرة يجب أن تصبّ في مصلحة إيران وشعبها فقط، وأن الحفاظ على الأمن والموارد والمستقبل الوطني هو خط أحمر لا يجوز تجاوزه.
وختم الكاتب بالتأكيد على أن الهدف من هذا المقال والتحذير لا يتعلّق بالتحريض على كراهية الهاجرين أو التمييز ضدهم، ولا يتنافى مع القيم الإنسانية أو تقاليد الضيافة الإيرانية، بل هو دعوة إلى التعقل في إدارة الموارد المحدودة وتجنّب التبعات الخطيرة لاستخدام الهجرة كورقة سياسية. وفي ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية العميقة التي تواجهها إيران، يجب أن تُصاغ السياسات والقوانين بدقة وشفافية، مع إعطاء الأولوية لمصلحة المواطنين، تفادياً لأضرار لا يمكن إصلاحها مستقبلاً.