من الصحافة الإيرانية: هل رفع العقوبات مدرج على جدول الأعمال الأميركي؟
في وقتٍ تُصرُّ فيه الولايات المتحدة على وقف تخصيب اليورانيوم في إيران، يبدو أنها لم تُحدد التنازلات التي ستقدمها في المقابل.

ميدل ايست نيوز: في وقتٍ تُصرُّ فيه الولايات المتحدة على وقف تخصيب اليورانيوم في إيران، يبدو أنها لم تُحدد التنازلات التي ستقدمها في المقابل. من تصريحات المسؤولين الإيرانيين وردود أفعالهم على المقترحات الأمريكية الأخيرة، يتضح أن الجانب الأمريكي لم يقدم أي اقتراح حول كيفية أو جدول زمني لرفع العقوبات خلال الجولات الخمس الماضية من المفاوضات.
في خطابه يوم الأحد الماضي، قال محمد باقر قاليباف: “حتى مجرد الإشارة إلى رفع العقوبات في المقترح الأمريكي غائبة، مما يُظهر بوضوح أن سلوك الولايات المتحدة في المفاوضات غير المباشرة حول الملف النووي متناقض ويفتقر إلى الصدقية”. هذه الإشارات تعزز الافتراض بأن الجانب الأمريكي لم يكن مهتمًا بالدخول في نقاش حول كيفية رفع العقوبات بالتوازي مع الإجراءات التي تتخذها إيران في مجال التخصيب.
لم يُعلن المسؤولون الأمريكيون علنًا عن أي تفاصيل بشأن العقوبات أو كيفية رفعها. بالمقابل، يمكن استنتاج من بعض إشاراتهم أنهم يعتبرون أن التنازل في مجال التخصيب يجب أن يُقابل بتنازلات أمنية فقط، مثل إزالة التهديدات العسكرية الأمريكية أو منع العمليات العسكرية والإرهابية الإسرائيلية ضد إيران، بالإضافة إلى الحد الأدنى من القيود على تصدير النفط الإيراني، كما تم الاتفاق عليه ضمن تفاهم غير مكتوب في عمان في مايو 2022. بعبارة أخرى، قد تكون الولايات المتحدة تفكر في الحفاظ على هيكل العقوبات إلى أقصى حد ممكن، والاكتفاء بعدم تطبيقها بشكل صارم كما حدث مع كوريا الشمالية بعد اجتماعات ترامب مع كيم جونغ أون في 2018.
دليل آخر على ذلك هو تصريحات ویتکوف، في مقابلة نادرة مع موقع “بريتبارت” الإخباري، حيث قال: “أولاً، نحن لن نفعل ما فعلناه في الاتفاق النووي الإيراني، حيث تم رفع العقوبات وتحديد مواعيد نهائية لالتزامات إيران. في الاتفاق الجديد، لن نفعل ذلك أبدًا”. وأضاف: “الاتفاق النووي الإيراني كان يحتوي على بنود غروب، مما جعل التزاماتها غير قابلة للتنفيذ ورفع العقوبات. في الاتفاق الجديد، لن نفعل ذلك”. كما أشار إلى أن الولايات المتحدة تنوي الضغط على إيران في المستقبل لوقف الدعم المالي والعسكري لمجموعات مثل حماس وحزب الله والحوثيين، لكنه أكد: “لا نريد خلط هذه القضايا مع الملف النووي؛ لأن الملف النووي بالنسبة لنا هو مسألة وجودية”.
هذا التصريح يمكن أن يُعتبر مؤشرًا على نية الولايات المتحدة في الحفاظ على العقوبات كأداة للضغط على إيران في مراحل لاحقة تتعلق بالقضايا الإقليمية. من الجدير بالذكر أن نموذج تقليل التوتر على المستوى الإقليمي من خلال مواجهة بين مجموعات المقاومة والولايات المتحدة مقابل تخفيف بعض القيود على العقوبات وإمكانية تصدير النفط تم تطبيقه في حكومة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، لكن هذا النموذج لم يشمل التخصيب.
من جانبها، ركزت إيران منذ البداية على رفع العقوبات. من المحتمل أن تكون إيران قد اقترحت في مقترحها الذي قدمته في الجولتين الأولى والثانية من المفاوضات، رفع العقوبات عن صادرات النفط مقابل تقليص التخصيب إلى 3.67%، وإلغاء آلية الزناد مقابل وقف التخصيب الدائم فوق 3.67%، وأخيرًا رفع جميع العقوبات الأولية والثانوية مقابل نقل مخزون اليورانيوم المخصب عالي النقاء إلى الخارج.
في قانون “الخطوة الاستراتيجية لرفع العقوبات” الذي أقره البرلمان الإيراني في عام 2020، تم التأكيد على استعداد إيران لرفع جميع العقوبات والتمتع بالمزايا الاقتصادية مع الحفاظ على التخصيب على أراضيها، شريطة بناء الثقة لإثبات سلمية الأنشطة النووية. هذا القانون، الذي أغلق يد الحكومة السابقة عن أي مفاوضات، ليس واضحًا كيف سيؤثر في الظروف الحالية.
أما مصير آلية الزناد، فهي عامل آخر يمكن أن يُعتبر بمثابة تعويض مقابل إجراء إيران في تقليص التخصيب. في هذا الصدد، هناك غموض كبير.
ترامب، وويتكوف وغيرهما من المسؤولين الأمريكيين، انتقدوا دائمًا “بنود الغروب” في الاتفاق النووي الإيراني، وقالوا إنهم لن يوافقوا على شيء مشابه لتلك البنود في أي اتفاق جديد. أهم موعد نهائي أو بند غروب في قرار مجلس الأمن رقم 2231 هو آلية الزناد. نظرًا لأن هذه الآلية كانت تُعتبر ضمانًا لالتزام إيران بتعهداتها في الاتفاق النووي، فمن الصعب تصور أن إدارة ترامب ستوافق على إلغاء هذه الآلية حتى في حال التوصل إلى اتفاق جديد. من غير المستبعد أن يكون الموقف الأمريكي في هذا الصدد هو تمديد هذا الموعد النهائي إلى أجل غير مسمى. في هذه الحالة، ستصبح المشكلة المتعلقة بالتعويض مقابل تقليص التخصيب في إيران أكثر تعقيدًا.
کوروش أحمدي
دبلوماسي إيراني سابق