نطنز وفوردو.. كنز إيران النووي “المحمي تحت الأرض”
أعلنت إيران، اليوم الخميس، عن "إنشاء محطة جديدة لتخصيب اليورانيوم في مكان آمن"، رداً على اتخاذ مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية قراراً يدين "عدم امتثال" إيران لالتزاماتها النووية.

ميدل ايست نيوز: أعلنت إيران، اليوم الخميس، عن “إنشاء محطة جديدة لتخصيب اليورانيوم في مكان آمن”، رداً على اتخاذ مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية قراراً يدين “عدم امتثال” إيران لالتزاماتها النووية.
وقال رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، محمد إسلامي، إن “موقع التخصيب الجديد بني بالفعل وجاهز للتشغيل بمجرد تزويده بالمعدات” بحسب ما نقلت عنه وكالات أنباء إيرانية.
ومع المنشأة الجديدة يرتفع عدد منشآت تخصيب اليورانيوم في إيران إلى ثلاث. ومع تكتم السلطات الإيرانية على تفاصيل موقع وحجم المنشأة الجديدة، نلقي الضوء في هذا التقرير على المنشأتين الأخريين.
منشأة نطنز
تعدّ منشأة نطنز أو منشأة “الشهيد مصطفى أحمدي روشن”، العالم النووي الإيراني الذي اغتالته إسرائيل عام 2012، الأهم في إيران لتخصيب اليورانيوم، إذ تحتوي على أكبر عدد لأجهزة الطرد المركزي المستخدمة في التخصيب، وتستوعب طاقتها تشغيل 54 ألف جهاز طرد مركزي. وتقع المنشأة في منطقة نطنز بمحافظة أصفهان، على بعد أكثر من 220 كم عن طهران.
وتقع أقسام من صالات تخصيب اليورانيوم في نطنز على عمق 40 إلى 50 متراً تحت الأرض، ورغم ذلك فإن وجودها في صحراء مفتوحة يجعلها مهددة بالاستهداف عبر هجمات جوية، لاسيما مع استمرار التهديدات الإسرائيلية والأميركية ضد البرنامج النووي الإيراني. غير أنّ إيران عملت على حفر شبكة أنفاق ضخمة جنوب منشأة نطنز، عام 2022، اعتبرته “نيويورك تايمز” حينها بأنه أكبر جهد إيراني حتى الآن لبناء منشآت نووية جديدة في أعماق الأرض قادرة على الصمود بوجه القنابل والهجمات الإلكترونية.
وأكدت منظمة الطاقة النووية الإيرانية صحة التقارير عن الإنشاءات المحصنة الجديدة جنوب نطنز، مشيرة إلى أن الهدف منها تعزيز التدابير الأمنية. وكذلك، نُقل مصنع تسا لصناعة أجهزة الطرد المركزي إليها، وكان موجوداً سابقاً في منطقة كرج، غربي طهران، بعد استهداف المصنع عام 2021.
وكشف رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية السابق، البرلماني فريدون عباسي، مطلع مايو/ أيار 2021 أنّ منشأة نطنز تعرضت لـ”خمس عمليات تخريبية كبيرة خلال السنوات الـ15 الأخيرة”، مع الحديث عن وقوع عمليات “صغيرة” أخرى في هذه المنشأة. وبدأت الهجمات “التخريبية” في المنشآت النووية الإيرانية عام 2010 بهجمات إلكترونية، حيث استهدف فيروس ستاكس نت، المصنف على أنه أخطر فيروس عسكري، عام 2010 منشأة نطنز الكبرى في البلاد لتخصيب اليورانيوم، ومفاعل بوشهر النووي بالقرب من الخليج.
منشأة فوردو
تُعتبر منشأة فوردو الموقع النووي الأكثر تحصيناً بين المنشآت النووية الإيرانية. وعملت السلطات الإيرانية النووية على إنشائها على عمق 90 متراً داخل جبال منطقة تحمل الاسم نفسه في محافظة قم، التي تقع بين أصفهان وطهران على بعد 160 كم عن العاصمة الإيرانية.
ولم تكن المنشأة معروفة قبل سبتمبر/ أيلول 2009 عندما تسربت معلومات استخباراتية أميركية وفرنسية كشفت عنها، ثم أعلنت الحكومة الإيرانية أنها بنت المنشأة في عمق الجبال لتخصيب اليورانيوم حفاظاً على أمن المواطنين، وفي إجراء احترازي لمواجهة أي هجوم جوي محتمل. وأعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في 9 يناير/ كانون الثاني 2011، قيام إيران بتخصيب اليورانيوم بدرجة نقاء 20% لأول مرة في منشآت فوردو، فجلبت انتقادات لها من أميركا والاتحاد الأوروبي ومجلس الأمن الدولي.
حرم الاتفاق النووي، الموقّع في 2015، إيران من تخصيب اليورانيوم في منشأة فوردو، وسمح لها بتخصيب بنسبة 3.67% في منشأة نطنز فحسب، لكن طهران في إطار تنفيذ المرحلة الرابعة من خفض تعهداتها النووية، اعتباراً من 6 نوفمبر/ تشرين الثاني 2019، رداً على تداعيات الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي عام 2018، فعّلت منشأة فوردو الحساسة واستأنفت تخصيب اليورانيوم فيها عند مستوى 5%. وفي 28 يونيو/ حزيران 2022، أعلن رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، محمد إسلامي، قيام طهران أخيراً بتشغيل أجهزة طرد مركزي جديدة في منشأة فوردو.
إيران: خطوات أخرى قادمة
وأعلنت وزارة الخارجية الإيرانية ومنظمة الطاقة الذرية الإيرانيتان في وقت سابق اليوم الخميس، في بيان، عن “إنشاء محطة جديدة لتخصيب اليورانيوم في مكان آمن واستبدال أجهزة طرد مركزي من الجيل الأول بالجيل السادس في منشأة فوردو”، كما لفتت طهران إلى أنه “تجري أيضاً التحضيرات لتنفيذ خطوات أخرى سيتم الإعلان عنها لاحقاً”، وذلك رداً على قرار الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وندد البيان الإيراني بتمرير أميركا، فرنسا وبريطانيا وألمانيا مشروع قرارها في مجلس المحافظين، متهماً إياها باستخدام المجلس “أداة لأجل أغراض سياسية”، مؤكداً أنّ طهران لطالما التزمت بتعهداتها بموجب اتفاق الضمانات التابع لمعاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية. وأضاف البيان أن الدول الغربية “تجاوزت التقرير السياسي المنحاز بالكامل” للوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وتطرّقت طهران في بيانها إلى “صمت الدول الأربع تجاه بقاء البرنامج النووي للكيان الصهيوني خارج معاهدة حظر الانتشار وتطويره برنامج أسلحة دمار شامل”، مؤكدة أنها “لم تفعل أيضاً شيئاً إزاء تهديدات هذا الكيان لمهاجمة المنشآت النووية السلمية للدول الأعضاء في المعاهدة”.