من الصحافة الإيرانية: 4 أولويات أمنية ودبلوماسية لما بعد التصعيد
يجب تعزيز وقف إطلاق النار لأسباب عسكرية واستخباراتية وأمنية، والحفاظ عليه. المهدد الرئيسي لهذه التهدئة هو الطبيعة العدوانية والتوسعية لرئيس الوزراء نتنياهو، والمعارضة المتطرفة في حكومته.

ميدل ايست نيوز: في البداية، يجب أن نشيد بالقرار الشجاع للسلطات الإيرانية بشأن وقف إطلاق النار. بلا شك، إن أهم مسؤولية لأي حكومة هي أن تبعد البلاد وشعبها جاشتعالها. في ظل الوضع الراهن، بعد الحرب التي استمرت 12 يومًا، ينبغي أن ندعم جهود المسؤولين في الخروج من حالة الحرب، والحفاظ على أمن الوطن، ومنع الفوضى، وإعادة بناء الدفاع الوطني. بلا شك، دخلت البلاد والنظام مرحلة جديدة تتطلب اتخاذ تدابير جديدة.
من بين هذه التدابير:
- يجب تعزيز وقف إطلاق النار لأسباب عسكرية واستخباراتية وأمنية، والحفاظ عليه. المهدد الرئيسي لهذه التهدئة هو الطبيعة العدوانية والتوسعية لرئيس الوزراء نتنياهو، والمعارضة المتطرفة في حكومته، والتذبذب المستمر فيها. لقد شهدنا نماذج مشابهة في غزة ولبنان، حيث استلزم الضغط الدولي، لا سيما من الولايات المتحدة، وقوف إسرائيل عند التهدئات المؤقتة في سبيل سياستها التوسعية، التي تهدف إلى ترسيخ هيمنتها الإقليمية، وإجهاض مشروع الدولة الفلسطينية، وإخضاع غزة قسريًا، وتعطيل جهود دبلوماسية، إلى جانب دوافع داخلية شخصانية بعضها يستهدف نتنياهو. هذه العوامل المشتركة تؤكد الطبيعة العدوانية المستمرة لإسرائيل.
- تحتاج إيران إلى استراتيجية واضحة للأمن القومي عبر مراجعة ما تم إنجازه خلال العقود الماضية. تحديد وضع البرنامج النووي هو أمر أساسي ضمن هذه الاستراتيجية. للأسف، تبنّى بعض المحللين والأطراف في الداخل فكرة امتلاك القنبلة النووية كأداة ردع، ما كان له تأثير معاكس لأن ظروف إيران والمحيط الإقليمي لا تسمح بذلك. ورغم أن القيادة العليا نأت بنفسها عن هذه الدعوات، فإن وجود أصوات داعية للانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي (NPT) يجعل إعداد استراتيجية أمنية واضحة أمرًا أكثر صعوبة. فإيران، التي تؤكد عدم اتجاهها لتصنيع القنبلة، ستدخل في متاهات جديدة وتمنح ذريعة لأولئك المعارضين لوحدة وقوة إيران.
- يجب أن تستند الاستراتيجية الأمنية الجديدة إلى تأمين مصالح البلاد وتعزيز سياسة “خفض التوتر”. ويتجلّى هذا في الابتعاد عن سياسات “التحكم بالتوتر” التي لم تجد لها طريقًا. وفي حال رغبت إيران في دعم حركات العدل عالميًا، فإن ذلك لن يكون ممكنًا إلا إذا كانت قوية ومستقرة. التهديد الرئيس لدولة متوسطة الحجم يبقى من الجوار، وغالبًا ما تتآمر القوى الكبرى مع دول الجوار. والوضع الداخلي، خاصةً المشكلات الاقتصادية والاجتماعية، يشكّل محفّزًا للاستغلال، علاوة على ضعف الجاهزية التي ظهرت أثناء الحرب. والتصدي للتأثير الخارجي يجب أن يكون عبر كفاءة الكوادر والاختيار المبني على الجدارة. كما أن تعزيز القدرة الدفاعية يتطلب تحالفات وشراكات دفاعية فعلية.
- الإجراءات الفورية تشمل وضع سياسة واقعية بشأن استئناف المفاوضات مع الغرب. يجب توضيح بعض النقاط رسميًا، على رأسها رفع العقوبات. قد تُخفّف الولايات المتحدة من قيود عقوباتها، لكن ذلك يبقى “حلًّا مؤقتًا” — كما وصفه مسعود بزشكيان— ولن يؤدي إلا إلى حلول مقبولة جزئيًا. إن رفع العقوبات مرتبط باتفاق رسمي حول البرنامج النووي، مع احتمال إحالة الملف إلى مجلس الأمن وتفعيل آلية الزناد. كذلك، يجب التعامل بواقعية مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية؛ فملف إيران في مجلس حكام الوكالة، المكون من 35 دولة، ولم تُدِن أي منها الهجوم على المرافق النووية الإيرانية، مما يتطلب منا تعاملًا عمليًا متزنًا.
کوروش أحمدي
دبلوماسي إيراني سابق