إيران… صحف أصولية تهاجم بزشكيان بسبب مقابلته مع تاكر كارلسون
أثارت مقابلة الرئيس الإيراني مسعود بزشکیان، مع الإعلامي الأمريكي تاكر كارلسون، جدلاً واسعاً في الداخل الإيراني، خصوصاً بسبب مواقفه الداعية إلى استئناف المفاوضات النووية والتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

ميدل ايست نيوز: أثارت مقابلة الرئيس الإيراني مسعود بزشکیان، مع الإعلامي الأمريكي تاكر كارلسون، جدلاً واسعاً في الداخل الإيراني، خصوصاً بسبب مواقفه الداعية إلى استئناف المفاوضات النووية والتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بشرط “عودة الثقة” و”ضمان عدم تكرار الاعتداءات الإسرائيلية خلال المفاوضات”، وهي مواقف اعتُبرت لدى الأوساط المحافظة خروجا عن الخط الرسمي ومحاباة للغرب، رغم تميز المقابلة بعبارات لافتة مثل “إلقاء قنبلة على طاولة التفاوض”.
وخلال المقابلة، شرح بزشکیان موقف إيران من التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والحرب الأخيرة مع إسرائيل، وشروط إيران لاحتمال استئناف المفاوضات مع الولايات المتحدة، قائلاً: “نأمل بعد تجاوز هذه الأزمة، أن نتمكن من العودة إلى طاولة المفاوضات، لكن ذلك مشروط بوجود ثقة. لا ينبغي السماح لإسرائيل بشن هجوم خلال الحوار، ما يؤدي إلى إشعال الحرب”.
وأضاف: “كنا على طاولة التفاوض، والرئيس الأمريكي دعانا لتحقيق السلام. قالوا لنا حينها إنه ما دامت إيران لا مستمرة في التفاوض، فلن تهاجم إسرائيل، لكن في الجلسة السادسة، وبينما كنا نفاوض، أُلقيت قنبلة فعلاً على الطاولة، وتم تدمير الدبلوماسية”. وأكد استعداد بلاده للتعاون مجدداً في مجال الرقابة والتفتيش، موضحاً أن إيران لم تهرب يوماً من عمليات التحقق، لكنها تواجه حالياً صعوبات بعد تدمير منشآت نووية بسبب الهجمات الأمريكية، ما يعرقل الوصول إليها.
لكن هذه التصريحات لم تحظ بقبول واسع في الأوساط الأصولية. إذ صحيفة خراسان، المقربة من رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف، كتبت: “كان من المتوقع أن يتخذ الرئيس موقفاً أكثر هجومية، لمحاسبة أمريكا على جرائمها الأخيرة، لا أن يقدّم خطاباً معتدلاً يراهن على شق محور واشنطن-تل أبيب”. وتابعت الصحيفة: “بدأت المقابلة بجملة لافتة عن قنبلة على طاولة التفاوض، لكن عبارات مثل ‘لا نعتمد على موسكو وبكين، بل على الله’ لم تُخفِ ضعف التفريق بين الصهاينة وأمريكا، والتغاضي عن دور ترامب في الهجمات الإسرائيلية، ما جعل الفرصة الدبلوماسية منقوصة”. وانتقدت الصحيفة أيضاً الإخراج البصري للمقابلة، قائلة إن “الديكور والإضاءة لا تليقان برئيس دولة”.
صحيفة كيهان الأصولية، المعروفة بنهجها المتشدد، وصفت المواقف بأنها “بعيدة عن السياسات الرسمية للدولة”، وهاجمت الرئيس مباشرة بعنوان: “السيد بزشکیان، غيّر مستشاريك!”. وجاء في افتتاحيتها: “الرئيس عبّر عن مواقف مستشاريه الميالين للغرب، لا عن مواقف إيران العزيزة”. وأضافت: “كيف يمكن أن تتحدث عن ‘انفجار طاولة التفاوض’ ثم تعود لتأمل باستئناف المفاوضات؟! هذا يعني تجاهل جريمة أمريكا والوقوع في فخّ جديد”.
كما كتب مدير الصحيفة، حسين شريعتمداري: “كل المسؤولين الأمريكيين والصهاينة، من ترامب إلى نتنياهو، أكدوا أن الهجوم تم بتنسيق ومشاركة مباشرة من واشنطن. فكيف يتحدث الرئيس وكأن أمريكا لا علم لها؟!”.
وأضاف شريعتمداري مخاطباً الرئيس: “أبعد مستشاريك الذين يدفعونك نحو مفاوضات عبثية. استمرار التفاوض مع أمريكا، إن لم يكن خيانة، فهو حماقة”.
أما صحيفة جوان، المقربة من الحرس الثوري، فانتقدت المقابلة من زاوية أخرى، معتبرة أنها “لم تعبّر عن غضب الشعب الإيراني”. وفي افتتاحيتها بعنوان “لماذا لم يقل لتاكر ما كان يجب قوله؟”، كتبت الصحيفة: “حين يتحدث الرئيس عن قدرة ترامب على جلب السلام، فإنه يفصل بين ترامب الحقيقي والمتخيل، في حين أن الواجب هو تسمية أمريكا والصهاينة صراحةً، والإصرار على أنهما كيان واحد”.
وتابعت: “ربما اعتقد مستشارو الرئيس الإيراني أن هذه نبرة نفسية فعالة مع ترامب، لكنها لا تنفع مع شخصية يهودية متغطرسة، ولا يمكن تهدئة رجل مثل ترامب بكلمات رومانسية منزوعة الغضب. في زمن الحرب، لا يُقابَل العنف بالابتسامة”.
وأشارت جوان إلى أن مقابلة بهذا المستوى تُشاهَد من قبل العالم، لذا لا يكفي القول إن الرسالة موجهة للأمريكيين، بل يجب أن يسمعها كل أحرار العالم، ويشاهدوا في كلمات طهران ما يشعرون به من كراهية تجاه الاحتلال والإمبريالية.
وبينما قيّمت الصحيفة تصريحات الرئيس حول العودة للمفاوضات بأنها “مدروسة”، فإنها رأت أن إغفال إظهار الغضب الشعبي يفوّت اللحظة السياسية، ويُضعف الرسائل الموجهة للمجتمع الدولي، خصوصاً في ظل الغضب العالمي من العدوان الإسرائيلي حتى داخل الجامعات الأمريكية.