إيران تتكبد 15 تريليون تومان خسائر في اقتصادها الرقمي خلال 12 يوماً من الحرب
أشارت منصة "دیوار" الإلكترونية المختصة في البيع والشراء في تقرير تحليلي إلى أن الانقطاعات والاضطرابات في الإنترنت تمثل هجوماً على "قلب الاقتصاد الرقمي في إيران".

ميدل ايست نيوز: في أعقاب الحرب التي استمرت 12 يوماً بين إيران وإسرائيل، تعرضت البُنى التحتية في إيران، ولا سيما في مجالي الاتصالات والاقتصاد، لاختبار من بين الأكبر في تاريخها. وقد كانت القطاعات المرتبطة بالاقتصاد الرقمي والأعمال التجارية عبر الإنترنت الأكثر تضرراً.
وقال ستار هاشمي، وزير الاتصالات الإيراني، يوم الثلاثاء، خلال جلسة علنية في مجلس الشورى الإسلامي، إن الاقتصاد الرقمي في إيران تكبّد خسائر بلغت 15 تريليون تومان خلال فترة الحرب، معتبراً أن هذا الرقم يعادل الميزانية السنوية لبعض الوزارات في البلاد.
وأوضح هاشمي أن نحو 10 ملايين إيراني يعملون بشكل مباشر أو غير مباشر ضمن نطاق الاقتصاد الرقمي، لكن خلال فترة الحرب، انخفضت نسبة العمل في هذا القطاع بنسبة 30%، وتعرضت العديد من الأنشطة التجارية لأضرار جسيمة.
وأشار إلى أن القيود المفروضة على الإنترنت، والتي تم تطبيقها “بناءً على تقدير الجهات الأمنية”، كانت من أبرز العوامل وراء هذه الخسائر، مُقدّراً حجم الأضرار الشهرية التي يتعرض لها الاقتصاد الرقمي في إيران بـ15 تريليون تومان.
كما كشف وزير الاتصالات أن أكثر من 20 ألف هجوم سيبراني مصدرها خارج البلاد استهدفت البُنى التحتية الإيرانية خلال الحرب، وقد تم صدّ بعضها، إلا أن عدداً من البُنى التحتية الحيوية تعرضت لأضرار.
وفي ظل هذه الظروف، حمّل هاشمي أدوات كسر الحجب (VPN) مسؤولية التدهور في أداء الشبكة، قائلاً إن استخدام هذه الأدوات تسبب في “تلويث” شبكة الإنترنت الوطنية، وإن 30% من طلبات المستخدمين لا تصل إلى وجهتها. كما أرجع الانخفاض في جودة الشبكة إلى غياب الاستثمار خلال السنوات الماضية.
خسائر تتجاوز الأرقام
وسلّطت تقارير نُشرت في وسائل إعلام مستقلة داخل إيران الضوء على أبعاد أوسع لهذه الأزمة. إذ أشارت منصة “دیوار” الإلكترونية المختصة في البيع والشراء في تقرير تحليلي إلى أن الانقطاعات والاضطرابات في الإنترنت تمثل هجوماً على “قلب الاقتصاد الرقمي في إيران”.
وفي السياق نفسه، قدّر موقع “نت بلاكس” الدولي أن كل ساعة من انقطاع الإنترنت الكامل تُكلّف الاقتصاد الإيراني نحو 1.5 مليون دولار.
وأشار تقرير “دیوار” أيضاً إلى أن هذه الاضطرابات تحرم إيران من التحديثات الأمنية، وهو ما يشكل – بحسب وصف المنصة – نوعاً من “العقوبات الذاتية” التي تترك الأنظمة المصرفية والمالية والخدمية في البلاد من دون حماية في وجه الهجمات الإلكترونية.
كذلك، أدى فقدان الاتصال بالبُنى التحتية السحابية العالمية إلى تعطل أنظمة الذكاء الاصطناعي في منصات مثل “دیوار”، ما أضعف قدرتها على مكافحة الاحتيال والاختراق.
موت بيئة الشركات الناشئة؟
من جهتها، وجّهت الجمعية النقابية للأعمال التجارية عبر الإنترنت رسالة إلى وزير الاتصالات الإيراني حذّرت فيها من أن الاضطرابات المتعمدة في الإنترنت، بما في ذلك التلاعب بخوادم DNS وحجب البروتوكولات، ألحقت أضراراً تهدد وجود “بيئة الشركات الناشئة” في البلاد. وذكرت الجمعية أن كل ساعة من انقطاع الإنترنت تُسبب خسائر تتجاوز 1.5 مليون دولار، وأن أكثر من 400 ألف مشروع تجاري صغير ومتوسط في إيران مهدد بالزوال التام.
وأضافت الجمعية أن الخسائر المالية ليست وحدها ما يُقلق، بل إن هجرة الكفاءات التكنولوجية، وتراجع ثقة الجمهور، وتآكل رأس المال البشري هي من بين أبرز التهديدات التي تواجه هذا القطاع. وخلصت إلى أن الإنترنت في إيران لم يعد يُنظر إليه كـ”أداة تنموية”، بل بات يُعامل كـ”مشتبه أمني” بحسب تعبير وسائل الإعلام.
حجب أم مواجهة عمياء للتكنولوجيا؟
وفي المقابل، يرى منتقدو سياسات الحجب والقيود على الاتصالات أن الضرر الأكبر لم ينجم عن الحرب فحسب، بل من السياسات الداخلية القائمة على الحظر.
وكتب عالم الاجتماع محمد رهبري في مقال نشره عبر قناة “امتداد” على تلغرام: “إذا كانت أدوات الاتصال تُستغل للاختراق والتجسس، فيجب التصدي لهذا الاستغلال، لا حظر كل أشكال الاتصال من جذورها”. وأضاف أن المطلوب هو تأمين أدوات الاتصال، لا إغلاقها.
وأشار إلى أن أنظمة تشغيل الهواتف الذكية نفسها من صنع أمريكي، متسائلاً عن جدوى حذف تطبيقات مثل واتساب أو حجب المنصات الأخرى، مؤكداً أن مثل هذه الإجراءات لا تجلب لا الأمن ولا الفاعلية. وبحسب رأيه، فإن حرمان ملايين الأشخاص من أدوات الاتصال خوفاً من استغلالها في التهديدات الأمنية يُعد في حد ذاته نوعاً من سوء التدبير.