من الصحافة الإيرانية: لماذا تغير موقف أوروبا من إعادة إحياء الاتفاق النووي إلى حظر تخصيب اليورانيوم في إيران؟

بعد أن كانت الترويكا الأوروبية حتى وقت قريب تُجري مفاوضات مع إيران لإحياء الاتفاق النووي وتُبدي رغبة في عودة طهران إلى التزاماتها باتت تطالب الآن بإلغاء كامل لأنشطة التخصيب النووي، والدخول في مفاوضات جديدة تتناول البرنامج الصاروخي الإيراني ونشاطات إيران الإقليمية.

ميدل ايست نيوز: غيّرت الدول الأوروبية الثلاث المعنية بالاتفاق النووي، ألمانيا وبريطانيا وفرنسا، موقفها بشكل جذري في الأشهر الأخيرة. فبعد أن كانت حتى وقت قريب تُجري مفاوضات مع إيران لإحياء الاتفاق النووي، وتُبدي رغبة في عودة طهران إلى التزاماتها، بما يشمل استئناف عمليات التفتيش الموسّعة وخفض مستوى التخصيب إلى 3.67%، باتت تطالب الآن بإلغاء كامل لأنشطة التخصيب النووي، والدخول في مفاوضات جديدة تتناول البرنامج الصاروخي الإيراني ونشاطات إيران الإقليمية.

وكتبت صحيفة هم ميهن في تقرير، أن هذا التحول في الموقف الأوروبي بدأ تدريجيًا منذ تولّي دونالد ترامب الرئاسة في الولايات المتحدة، لكنه أخذ طابعًا صريحًا منذ يونيو الماضي، حيث عبّر دبلوماسيون أوروبيون عن هذا المطلب بشكل مباشر في تصريحاتهم. أولى هذه التصريحات جاءت من السفير البريطاني لدى الولايات المتحدة، بيتر ماندلسون، الذي قال في جلسة أسئلة وأجوبة نظمها مركز “مجلس الأطلسي”: “قدرات الدفاع الجوي الإيرانية تضرّرت، وإيران أظهرت عدم قدرتها على توجيه ضربة فعالة لإسرائيل. ومع ذلك، ما تزال تمتلك منشآت تخصيب يمكن استخدامها لإنتاج سلاح نووي، وهذا أمر لا يمكن قبوله. ولهذا تدعم بريطانيا بقوة مبادرة الرئيس الأميركي للتفاوض بهدف تفكيك منشآت التخصيب والبنية التحتية المرتبطة بها داخل إيران”.

لكن هذه التصريحات لم تقتصر على المستوى الدبلوماسي فقط، فبعد بدء الهجمات الإسرائيلية على إيران، أصبح المسؤولون الأوروبيون أكثر وضوحًا في المطالبة بوقف تخصيب اليورانيوم من قبل طهران. ففي 20 يونيو، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في مؤتمر صحفي قبيل اجتماع خماسي لوزراء خارجية إيران وألمانيا وبريطانيا وفرنسا، بالإضافة إلى الممثل الأعلى للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي في جنيف: “من الضروري للغاية إعطاء الأولوية للدخول في مفاوضات جدية تشمل المسألة النووية، وتهدف إلى الوصول إلى مستوى صفر من التخصيب، والحد من الصواريخ الباليستية، وتقليص الأنشطة والقدرات الإيرانية، ووقف تمويل جميع الجماعات الإرهابية التي تُزعزع استقرار المنطقة”.

هذه التصريحات من الرئيس الفرنسي اعتُبرت سابقة في لهجتها. وفي اليوم نفسه، قال يوهان فادفول، وزير الخارجية الألماني، عقب اجتماعه مع نظيره الإيراني في جنيف: “نجاح المفاوضات يتطلب من إيران إظهار إرادة حقيقية لإلغاء كامل أنشطة تخصيب المواد النووية التي يمكن استخدامها في تصنيع أسلحة. كذلك، ينبغي أن يشمل التفاوض البرنامج الصاروخي. إذا توفرت هذه الإرادة الجادة، فنحن مستعدون لمواصلة المفاوضات في المستقبل”.

ويرى عدد من الخبراء أن هذا التغيير في الموقف الأوروبي يعود لأسباب متعددة. وهناك إجماع بين المحللين على أن المزاعم المتعلقة بتقديم إيران مساعدات عسكرية لروسيا في حربها ضد أوكرانيا ساهمت في تغير النظرة الأوروبية لطهران، من شريك محتمل إلى تهديد أمني.

كذلك، كان للهجوم الإسرائيلي الموسع في المنطقة بعد 7 أكتوبر 2023، والاعتداءات الإسرائيلية على إيران، أثر في تعزيز قناعة الأوروبيين بأن إيران باتت في موقع ضعف إقليمي، مما يجعل الوقت مناسبًا لانتزاع أكبر قدر ممكن من التنازلات، سواء في الملف النووي أو في ملفات أخرى تتعلق بقدراتها الدفاعية.

إلى جانب ذلك، كان لصعود إدارة ترامب في الولايات المتحدة دور بارز. فقد مارس وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، خلال زياراته للعواصم الأوروبية، ضغوطًا كبيرة على القوى الأوروبية الثلاث لتفعيل “آلية الزناد” المنصوص عليها في الاتفاق النووي، بهدف إعادة فرض ستة قرارات عقابية صادرة عن مجلس الأمن ضد إيران، كانت تطالبها بوقف أنشطة التخصيب بشكل كامل.

ومع ذلك، يرى بعض المحللين أن تهديد أوروبا باللجوء إلى هذه الآلية وإعادة العقوبات السابقة، قد لا يحقق النتيجة المرجوة، والمتمثلة في دفع إيران إلى التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية ووقف أنشطة التخصيب، بل قد يؤدي إلى نتائج عكسية.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إحدى عشر + 17 =

زر الذهاب إلى الأعلى