من الصحافة الإيرانية: غروسي لا يستطيع ضمان عدم وقوع هجوم عسكري على إيران
قال خبير سياسي إن المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي لا يستطيع أن يضمن عدم وقوع هجوم عسكري ضد إيران.

ميدل ايست نيوز: قال خبير سياسي إن المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي لا يستطيع أن يضمن عدم وقوع هجوم عسكري ضد إيران، لكن تعاون طهران مع الوكالة يمكن أن يسحب الذرائع من الدول الغربية ويخفف من مسار التوترات.
وأمس الثلاثاء 9 سبتمبر 2025، التقى رافائيل غروسي بوزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، وذلك في وقت تطالب فيه أوروبا إيران بتوضيحات بشأن اليورانيوم المخصب والمخزّن لديها، واستئناف التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية والدخول في محادثات مع الولايات المتحدة مقابل تمديد مهلة القرار 2231 وتأجيل إعادة فرض العقوبات الأممية على إيران.
وقبيل هذا اللقاء، حذّر غروسي، في اجتماع مجلس محافظي الوكالة، من أن الوقت المتاح للتعاون النووي مع طهران يوشك على النفاد، معبراً في الوقت نفسه عن أمله في أن يؤدي استئناف عمليات التفتيش في المواقع النووية الإيرانية إلى تقليص احتمالات توجيه ضربات عسكرية ضد إيران.
غروسي لا يستطيع التعهد بعدم وقوع هجوم عسكري
وفي هذا السياق، تناول حسن بهشتي بور، الخبير البارز في السياسة الخارجية والمحلل في الشؤون الدولية، هذه التطورات في حديث مع موقع «فرارو»، وقال إن إيران ومصر تتبنيان فكرة مشتركة تقوم على إقامة «شرق أوسط خالٍ من الأسلحة النووية»، ورغم وجود خلافات بينهما في ملفات أخرى، فقد كان هناك تطابق في الموقف بشأن هذا الموضوع، إذ أكدت طهران على ضرورة توقيع جميع دول المنطقة معاهدة تنص على خلو الشرق الأوسط من السلاح النووي. وأشار إلى أن وساطة مصرية محتملة بين إيران والوكالة قد تكون بدافع سعي القاهرة لاكتساب مكانة دولية، بينما في الظروف الطبيعية لا تحتاج طهران والوكالة إلى وسيط.
وأضاف أن تصريحات غروسي حول أن استئناف التفتيش قد تمنع وقوع هجمات عسكرية على إيران تثير علامات استفهام، قائلاً: «السيد غروسي يعلم جيداً أن مثل هذه الهجمات خلال الحرب التي استمرت 12 يوماً قد وقعت رغم أن إيران كانت تحت إشراف الوكالة، وبالتالي فإن حديثه لا يبدو منطقياً».
وتابع: «لا يوجد أي ضمان في هذا المجال، حتى لو قدّم الأمريكيون وعوداً، فقد تتصرف إسرائيل بشكل مختلف. السيد غروسي ليس في موقع يخول له تقديم مثل هذه الضمانات. لو لم تحدث الهجمات على المواقع النووية الإيرانية في 22 يونيو، لكان من الممكن النظر في مثل هذه الوعود، لكن بما أن هذه التجربة حدثت بالفعل، فكيف يمكن تقديم مثل هذه الضمانات؟».
تجاوزات المفتشين لا تعني إدانة الوكالة بأكملها
وفي ما يتعلق بتصريحات المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية حول عمليات تجسس ارتكبها بعض مفتشي الوكالة، قال بهشتي بور: «لا شك أن ما ذكره السيد بقائي دقيق وصحيح، لكن يجب التأكيد أن الانتهاكات التي يرتكبها بعض المفتشين لا ينبغي أن تُحسب على الوكالة ككل. لا يمكننا أن نتهم الوكالة بأسرها لمجرد أن عدداً محدوداً من المفتشين ارتكبوا مخالفات، وبالتالي نوقف التعاون معها. أرى أن إيران ينبغي أن تواصل تعاونها مع الوكالة، لأن ذلك يسحب الذرائع من أعداء إيران، أما التوقف عن التعاون فسيمنح الدول الغربية موضوعات جديدة لزيادة الضغط على طهران. يمكن لإيران أن تتعاون مع الوكالة مع ضمان عدم تكرار هذه التجاوزات».
وأضاف: «المبادرة العملية التي يمكن أن نتخذها تتمثل في وضع آليات تحول دون تكرار مثل هذه الانتهاكات، وذلك من خلال توقيع اتفاق جديد مع الوكالة واعتماد إجراءات تنفيذية إضافية تمنع وقوع أخطاء كبيرة مماثلة. لا ينبغي أن نشكك في التعاون مع الوكالة أو نضعف من مصداقيتها لمجرد أن السيد غروسي يمارس أحياناً مواقف سياسية خارج الإطار القانوني والفني، أو أن بعض المفتشين ارتكبوا مخالفات. عندما نقول إن الطاقة النووية حق مشروع لنا، فإننا نستند إلى معاهدة حظر الانتشار النووي التي تخضع لإشراف الوكالة. إلا إذا قررنا التخلي عن الطاقة النووية تماماً والتوجه نحو إنتاج السلاح النووي، وهو ما لا تسعى إليه الجمهورية الإسلامية الإيرانية على الإطلاق».
إسرائيل وأميركا تستفيدان من التوتر بين إيران والوكالة
وبشأن نتائج اللقاء بين غروسي وعراقجي، قال هذا الخبير البارز في السياسة الخارجية: «وفد إيراني كان قد زار فيينا يوم الاثنين 7 سبتمبر وأجرى مفاوضات هناك، وفي اليوم نفسه تحدث غروسي عن تحقيق تقدم ملموس. ومن ثم فإن الحضور المتزامن لغروسي وعراقجي في القاهرة، بدعوة من مصر، يعكس مؤشرات على وجود تقدم في المسار التفاوضي. ولو كانت هناك انسدادات كبيرة في المحادثات، لما كان هذا اللقاء قد جرى. من المؤكد أن إسرائيل والولايات المتحدة ستكونان غير راضيتين عن أي اتفاق بين إيران والوكالة. فالتوصل إلى تفاهم مع الوكالة يمكن أن يوفر حلولاً عملية ويقلل من ذرائع الغرب. كل هذا لا ينفي نفوذ الولايات المتحدة وإسرائيل وبريطانيا وفرنسا داخل الوكالة ومجلس المحافظين، لكنه أيضاً لا يعني أن الوكالة تتخذ قراراتها حصراً وفق ما يقرره هؤلاء. في نهاية المطاف يجب أن نقبل أن الوكالة هي المؤسسة الدولية الوحيدة في العالم التي تعنى بالإشراف على الأنشطة النووية، ولا بد من مواصلة التعامل معها».