محافظة أصفهان الإيرانية تخوض معركة وجودية مع ظاهرة الانخساف الأرضي

تتعرض محافظة إيرانية لأخطر أنواع الانخسافات الأرضية، محافظة تمتلك ثاني أكبر حصة في الناتج المحلي الإجمالي وواحدة من الوجهات الرئيسية للسياحة الداخلية والخارجية، وتضم أكثر من 5 ملايين نسمة.

ميدل ايست نيوز: تتعرض محافظة إيرانية لأخطر أنواع الانخسافات الأرضية، محافظة تمتلك ثاني أكبر حصة في الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الأساسية لليوم دون احتساب النفط، وواحدة من الوجهات الرئيسية للسياحة الداخلية والخارجية، وتضم أكثر من 5 ملايين نسمة.

يحدث الانخساف الأرضي نتيجة الإفراط في استهلاك الموارد المائية الجوفية. على مدى السنوات الماضية، أدى توسع النشاط الزراعي حول أصفهان، وجفاف نهر زاينده‌ رود، وانخفاض معدلات الأمطار إلى زيادة استهلاك المياه من الموارد الجوفية، وهذه العوامل أسهمت في حدوث انخسافات أرضية في هذه المدينة. كما سجلت مدن أخرى في إيران حالات مشابهة لهذه الظاهرة لأسباب مماثلة.

قدّم متخصصو علوم الأرض والباحثون في أزمة الانخساف الأرضي ثماني حلول خاصة للحد من هذه الظاهرة في أصفهان، وهي كالتالي: السيطرة على استهلاك المياه من 4000 بئر موجودة ضمن نطاق 400 متر من نهر زاينده‌ رود؛ تحديد وضع 1200 سدّ تجميع مياه في الجزء العلوي من نهر زاينده‌ رود؛ مراقبة استهلاك المياه من الآبار المصرح بها في المدينة من خلال تركيب عدادات؛ تنظيم الزراعة ذات الكفاءة المنخفضة وعدم الجدوى الاقتصادية؛ إدارة استهلاك المياه في جميع المستويات، خصوصاً القطاع الزراعي؛ الحد من استهلاك المياه في الآبار المخصصة للفلل؛ إدارة مياه الصرف الرمادية في الصناعات بهدف إعادة ضخها إلى الطبقات الجوفية؛ تعزيز صمود المباني المعرضة لأقصى درجات الخطر.

وفي هذا السياق، صرّح مهدي جمالي نجاد، محافظ أصفهان، في حديث مع صحيفة «دنياي اقتصاد» حول وضع الانخساف الأرضي في المحافظة قائلاً: “في الوقت الحالي، وصل معدل الانخساف السنوي للأرض في هذه المحافظة إلى 15–18 سنتيمتراً، وتواجه 31 مدينة في المحافظة الظاهرة، هذه الأزمة تحولت من زلزال محتمل إلى بركان نشط يبتلع المناطق الحضرية. في الوقت الحالي، نحو مليون شخص في أصفهان مهددون بتأثيرات الانخساف الأرضي. منع حدوث انخسافات أرضية في هذه المحافظة ليس أمراً سهلاً”.

وتشير توصيفات محافظ أصفهان لحالة الانخساف الأرضي، وخصوصاً في مدينة أصفهان، إلى أن المشكلة تحولت من أزمة لا تتجاوز حدود المحافظة إلى أزمة وطنية. فقد استحوذت محافظة أصفهان على 6.5% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد دون احتساب النفط بناءً على بيانات عام 2021، وهي ثاني أكبر حصة لمحافظة بعد طهران. في الوقت نفسه، تُعد أصفهان واحدة من أقدم وأعرق المدن الإيرانية وأكثرها احتواءً على آثار تاريخية مسجلة عالمياً.

بين الحفاظ على البساتين وحضارة أصفهان

أكد بهرام نادي، متخصص الجيوتكنيك وعضو فريق عمل انخساف الأرض في أصفهان، في حديث مع دنياي اقتصاد، أن انخساف الأرض في أصفهان ومدن إيرانية أخرى يمكن اعتباره بمثابة “حمى المريض”. فالحمى، رغم ما تسببه للمريض من إزعاج، لا يمكن اعتبارها المرض نفسه، بل هي علامة على وجود مرض مزمن. وأضاف: “على الرغم من أن الانخساف الأرضي يخلق تحديات عديدة، إلا أنه ليس المشكلة الأساسية، فالمشكلة الحقيقية تكمن في انخفاض مستوى المياه الجوفية الذي يهدد استمرار الحياة في العديد من المناطق.”

وتابع: “خلال الخمسين سنة الماضية، جفت أكثر من 300 كيلومتر من القنوات الكبيرة في محافظة أصفهان. في خمسينيات القرن العشرين، كان من الممكن الوصول إلى المياه على عمق 8 أمتار في أي مكان يتم فيه الحفر، أما الآن، في القرب من مجرى النهر، يجب حفر آبار بعمق يزيد عن 150 متراً للوصول إلى المياه، ما يعني أن مستوى المياه الجوفية في المحافظة انخفض بأكثر من 100 متر. والحياة بدون مياه غير ممكنة؛ فالأزمة الحالية في مدن البلاد هي أزمة المياه.”

وفيما يتعلق بالحلول الممكنة لإيقاف ظاهرة الانخساف الأرضي في أصفهان، قال نادي: “في هذه المرحلة، هناك خيار يجب اتخاذه. على سبيل المثال، في الجزء العلوي من نهر زاينده‌ رود يتم إطلاق 25 متر مكعب من المياه في الثانية من السد، يصل 12 متراً مكعباً منها إلى محطة معالجة المياه، بينما تُستخدم 13 متراً مكعباً لري بساتين لم تكن موجودة قبل 20 عاماً. هنا، يجب اتخاذ قرار حول ما إذا كان الحفاظ على مدينة أصفهان وحضارتها التي تمتد لآلاف السنين أولوية، أم الحفاظ على هذه البساتين.”

وشدد متخصص الجيوتكنيك على أن غياب حوكمة المياه في إيران أدى إلى اعتماد سياسات متناقضة من قبل مختلف المؤسسات؛ فبينما تواجه أصفهان تحديات شح المياه، تقوم وزارة الطرق والإسكان بتنفيذ مشروع بناء 30 ألف وحدة سكنية ضمن خطة الإسكان الوطني حول المدينة و30 ألف وحدة أخرى في فولادشهر. وبينما تهدف هذه المشاريع إلى منع ارتفاع أسعار المساكن، فإنها تؤدي إلى جذب مزيد من السكان إلى أصفهان وزيادة حدة أزمة المياه في المنطقة، في حين كان بالإمكان استخدام الأموال المستثمرة في هذه المشاريع لتصحيح أنماط استهلاك المياه في مختلف القطاعات.

اقرأ المزيد

“زلزال صامت”.. آلاف المواقع التاريخية في إيران مهددة بالزوال بسبب الانخساف الأرضي

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

9 + 5 =

زر الذهاب إلى الأعلى