محاكمة عادل عبد المهدي بـ”جرائم ضد الإنسانية” في فرنسا رهن ردّ القضاء

ينتظر ناشطون وحقوقيون عراقيون مقيمون في باريس، ردّ القضاء الفرنسي على الدعوى التي تقدّم بها متضررون من العنف الذي مورس ضدّ المتظاهرين العراقيين.

ميدل ايست نيوز: ينتظر ناشطون وحقوقيون عراقيون مقيمون في باريس، ردّ القضاء الفرنسي على الدعوى التي تقدّم بها متضررون من العنف الذي مورس ضدّ المتظاهرين العراقيين منذ العام 2019، في أعقاب الانتفاضة الشعبية التي تفجرت في الأول من أكتوبر/تشرين الأول من ذلك العام، والذي راح ضحيته نحو 800 متظاهر، وأدى إلى إصابة أكثر من 27 ألف محتج.

ورفعت الدعوى ضد رئيس الحكومة السابق عادل عبد المهدي، المتهم بإفساح المجال أمام الفصائل المسلحة، باستخدام الرصاص الحيّ ضد المنتفضين المطالبين بتعديلات قانونية وإنهاء الفساد الإداري ومحاسبة المقصّرين ومختلسي المالي العام.

وبحسب مصادر حقوقية وسياسية عراقية فإن “القضاء الفرنسي تسلّم الدعوى المقدمة ضد عبد المهدي في السادس من إبريل/نيسان الحالي، ويُنتظر ردّه خلال الأسابيع القليلة المقبلة بقبول الدعوى أو رفضها، إذ تتضمّن الشكوى المرفوعة اتهام عبد المهدي بالتورط في جرائم ضد الإنسانية”.

وتستند آلية رفع الدعوى القضائية في فرنسا ضد عبد المهدي، إلى اعتبار أنه مقيم في فرنسا منذ العام 1969، وحصل هناك على شهادة الماجستير في العلوم السياسية من المعهد الدولي للإدارة العامة في باريس، وكذلك الماجستير من جامعة بواتييه الفرنسية. وأثناء إقامته في فرنسا، عمل عبد المهدي في العديد من المراكز البحثية، وتقلّد منصب رئيس المعهد الفرنسي للدراسات الإسلامية، كما ترأس تحرير مجلات عدة صادرة باللغتين العربية والفرنسية. ويقيم في فرنسا لغاية الآن أفرادٌ من أسرة رئيس الحكومة العراقية السابق، في منزل خاص بالعائلة، من دون التأكد حتى الآن بشكل رسمي، ما إذا كان عبد المهدي يملك فعلاً الجنسية الفرنسية أم أنه مسّجل كمقيم رسمي.

وتؤكد مصادر حقوقية عراقية في باريس أن هناك إمكانية كبيرة لقبول القضاء الفرنسي الدعوى، على غرار محاكمات فرنسية سابقة في جرائم وحوادث مماثلة، وذلك سواء أكان عبد المهدي يحمل الجنسية الفرنسية أم لا. ويأتي ذلك كون ما يُعرف بـ”الولاية القضائية الفرنسية”، تملك صلاحية محاكمة أشخاص متورطين بجرائم ضد الإنسانية خارج الأراضي الفرنسية.

وفي حال قبول القضاء الدعوى المقدمة، فإنها ستكون أول محاكمة لمسؤول عراقي بعد العام 2003 (تاريخ الغزو الأميركي للعراق) يتهم بارتكاب جرائم ضد الإنسانية من قبل قضاء غربي.

وفي هذا السياق، يوضح الناشط العراقي المقيم في باريس، هلال العبيدي، أن الدعوى ضد عبد المهدي لم يرفعها متظاهرون أو ناشطون داخل العراق، إنما رُفعت من قبل خمس أسر متضررة بطريقة مباشرة من العنف الذي مورس ضد التظاهرات، وقد سقط لهذه الأسر قتلى، لافتاً أيضاً إلى أن لدى هذه الأسر من تعرض لإصابة خطرة، وهناك أسرة فقدت أحد أبنائها نتيجة إخفاء قسري، وهي اجتمعت وأوكلت محاميين فرنسيين من أجل هذه القضية، هما فرنسوا زيمراي وجيسيكا فينال، اللذان يُعتبران من المحامين المعروفين الذين يتعاملون مع القضايا الدولية من هذا النوع.

ويشرح العبيدي أن “جيسيكا فينال قدّمت دعوى إلى القضاء الفرنسي من 80 صفحة، تضمّنت إدانة كاملة لعبد المهدي بسبب عدم حماية المتظاهرين أو قيامه بأي إجراءات لمنع قتل الناشطين”، مشيراً إلى أن “الدعوى تضمّنت أيضاً شهوداً على العنف الذي جرى في المحافظات العراقية بحق المتظاهرين، إضافة إلى تقارير أممية وتسريبات ومحادثات جرت بين قادة أمنيين أفادت بتعنيف المتظاهرين بدعمٍ من الحكومة العراقية برئاسة عبد المهدي، وأن نشطاء عراقيين في فرنسا ساعدوا الفريق القانوني المكلف بالقضية ببعض المعلومات الحقيقية التي تخدم الملف”. ويلفت الناشط العراقي، إلى أن “القضاء الفرنسي تسلّم الدعوى، وهو حالياً يقوم بدراسة الملف، حيث من المفترض أن يأتي الردّ خلال الأسابيع المقبلة”.

وكان موقع “فرانس 24″ الإخباري باللغة العربية، قد أكد في وقت سابق تقديم خمس عائلات عراقية شكوى ضد عبد المهدي، إلى النيابة العامة المختصة بمكافحة الجرائم ضد الإنسانية في محكمة باريس، تتهمه فيها بـ”جرائم ضد الإنسانية وتعذيب وإخفاء قسري” خلال تظاهرات أكتوبر 2019. ونقل الموقع عن بيان للمحامية فينال، قولها إن الشكوى تستند أيضاً إلى أن رئيس الحكومة العراقية السابق أقام بشكل متقطع في فرنسا خلال 30 عاماً، وفق الجهة المدعية، وأن أسر الضحايا المشتكية تعوّل على المحاكم الفرنسية، بدءاً بالاعتراف بصفتهم ضحايا، وقد تعرض أحدهم لإصابة حرجة، فيما أخفي الثاني قسراً، بينما قضى الثلاثة الباقون قتلاً. وتحدثت فينال أيضاً عن “خطف متظاهرين، وتوقيفات من دون مذكرات قضائية، وأعمال تعذيب والعديد من الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان التي وثّقتها بعثة الأمم المتحدة في العراق”.

وتضمنت الشكوى اتهاماً مباشراً بضلوع “السلطات العراقية، وخصوصاً رئيس الوزراء عبد المهدي، القائد الأعلى للقوات المسلحة، في القمع”، إذ إنه “لم يتخذ التدابير التي يخوله منصبه اتخاذها لمنع هذه الجرائم، وتعمد الدفع باتجاه إرساء مناخ إفلات من العقاب ما شجّع على تكرارها”، وهو “لم يستعمل سلطته التأديبية”.

ورفض مسؤولون في مكتب عبد المهدي في بغداد التعليق على القضية، كما أن الأخير قلّل ظهوره كثيراً عبر وسائل الإعلام، وسجّل آخر ظهور عام له في حفل استقبال البابا فرنسيس مطلع شهر مارس/آذار الماضي في القصر الرئاسي العراقي في بغداد، إلى جانب سياسيين ومسؤولين سابقين.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
العربي الجديد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

14 − تسعة =

زر الذهاب إلى الأعلى