بارزاني وطالباني تحت ضغط أمريكي.. بوادر انفراج سياسي في كردستان

يرى باحثون وسياسيون أن الحزبين الكرديين في طريقهما نحو كسر الجليد بينهما قبل الانتخابات التشريعية العامة في العراق، واحتمال تجدد التوتر الإقليمي بين إيران وإسرائيل.

ميدل ايست نيوز: يقف إقليم كردستان أمام ضغوط متزايدة لإعادة الحياة السياسية بعد أشهر من الجمود، حيث كشفت مصادر سياسية عن تعرض رئيس الاتحاد الوطني الكردستاني بافل طالباني إلى ضغوط أمريكية خلال زيارته إلى واشنطن تحثه على تسريع تشكيل الحكومة وتفعيل البرلمان، وسط قلق من تقارب الاتحاد الوطني مع طهران.

ويرى باحثون وسياسيون أن الحزبين الكرديين في طريقهما نحو كسر الجليد بينهما قبل الانتخابات التشريعية العامة في العراق، واحتمال تجدد التوتر الإقليمي بين إيران وإسرائيل، الأمر الذي قد يفتح الباب أمام استئناف جلسات برلمان كردستان في وقت قريب.

طالباني بين واشنطن وطهران

وتقول مصادر سياسية مطلعة، لموقع ”العالم الجديد”، إن “رئيس الاتحاد الوطني الكردستاني بافل طالباني، وخلال زيارته الأخيرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، واجه ضغوطا كبيرة، بهدف دفعه للإسراع في إعادة الحياة السياسية للإقليم، من خلال تفعيل عمل البرلمان، وتشكيل الحكومة”.

وتضيف المصادر، أن “طالباني وأثناء وجوده في الولايات المتحدة مع شقيقه نائب رئيس حكومة كردستان قوباد طالباني، حاول اللقاء بمسؤولين كبار في الولايات المتحدة، لكنه لم يفلح”.

وتشير إلى أن “طالباني تلقى رسائل من اللوبيات الكردية في واشنطن، وأعضاء في الكونغرس الأمريكي، مفادها أن إدارة البيت الأبيض ترغب في تشكيل حكومة إقليم كردستان بشكل سريع، وأنها غير راضية عن التقارب الكبير بين الاتحاد الوطني وطهران التي تتحكم بالمشهد السياسي في السليمانية”.

وفي الانتخابات التي جرت بتاريخ 20 تشرين الأول أكتوبر 2024، حصل الحزب الديمقراطي الكردستاني على 39 مقعدا، بينما حصل الاتحاد الوطني الكردستاني على 23 مقعدا من أصل 100 مقعدا في برلمان الإقليم، وبما أن تشكيل الحكومة يتطلب أغلبية 51 مقعدا، فإن أي حزب لا يستطيع تشكيلها منفردا، ما يفرض تحالفات سياسية معقدة قد تؤخر تشكيل الحكومة لفترة أطول.

وبعد تأجيل دام أكثر من عامين، شهد الإقليم إجراء انتخابات برلمانية، غير أن نتائج هذه الانتخابات كشفت عن مشهد سياسي معقد، إذ لم يتمكن أي من الحزبين التقليديين، الديمقراطي والاتحاد الوطني الكردستانيين، من تحقيق الأغلبية المطلقة لتشكيل حكومة منفردة، ووضع هذا الأمر الحزبين أمام تحد جديد، إذ يجب عليهما التفاوض والتحالف مع قوى سياسية أخرى لتشكيل الحكومة المقبلة.

خطوة استباقية 

في الأثناء، يؤكد الباحث في الشأن السياسي آرام مجيد، “تعرض الحزبين الكرديين لضغوط دولية، وخاصة من قبل الولايات المتحدة، التي ترغب بمنطقة مستقرة في الإقليم، وسط تحديات المرحلة المقبلة، واحتمال تجدد الحرب الإسرائيلية الإيرانية”.

ويوضح مجيد أن “الاتحاد الوطني، وبعد الضغوط التي تعرض لها، يدرك بأن الوقت الحالي هو الأفضل لمفاوضات تشكيل الحكومة، وذلك ليسبق أي تطور للأوضاع في المنطقة بين أمريكا وإيران، وكذلك ليحسم الأمر قبل موعد الانتخابات العراقية العامة، لأن غريمه الديمقراطي، سوف يسعى بعد الانتخابات لوضع مناصب بغداد والإقليم في سلة واحدة، وهذا ليس في صالح الاتحاد الوطني”.

وشهدت أربيل يوم السبت الماضي، اجتماعات مكوكية، بدأت بلقاء رئيس الاتحاد الوطني بافل طالباني، مع زعيم الحزب الديمقراطي مسعود بارزاني، ثم تلاها اجتماعان منفصلان للمكتب السياسي للاتحاد الوطني، والمكتب السياسي للحزب الديمقراطي، انتهت بالتأكيد على ضرورة الإسراع بتشكيل حكومة الإقليم بأسرع وقت.

الحفاظ على المكتسبات

من جهته، يؤكد عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني وفا محمد كريم، المعلومات التي أدلت بها المصادر حول الضغوط الدولية على طالباني لتشكيل حكومة الإقليم.

ويوضح كريم أن “طالباني، سارع إلى زيارة رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني، بعد عودته من واشنطن مباشرة، حيث اتفق الطرفان خلال اجتماعهما السبت الماضي، على الإسراع بتشكيل حكومة الإقليم، وتفعيل البرلمان كخطوة أولى، بالإضافة إلى توحيد الصف الكردي في بغداد، وإعادة إحياء التحالف الكردستاني بعد الانتخابات البرلمانية العراقية”.

ويرى أن “هذا التوجه اللافت، مؤشر على أن طالباني خلال زيارته الولايات المتحدة، قد واجه ضغوطا من أجل الإسراع بالتقارب مع الحزب الديمقراطي لتشكيل الحكومة”، نافيا في الوقت ذاته وجود ضغوط أمريكية على حزبه.

ويلفت عضو الديمقراطي الكردستاني، إلى أن “طالباني أدرك بأن اشتعال فتيل الحرب الإسرائيلية الأمريكية على إيران، مرة أخرى، سيجعل منه الخاسر الأكبر في هذه المعادلة، لأنه سوف يخسر الداعم الأكبر، وهي طهران وحلفاؤها، لذلك فهو يريد الحفاظ على مكاسبه وتثبيتها، قبل أي تطورات في المنطقة”.

وتضرب إقليم كردستان أزمة سياسية مستمرة منذ الانتخابات الأخيرة، حيث تعثرت مفاوضات تشكيل الحكومة بين الحزبين الرئيسين، بسبب تباين الرؤى حول تقاسم السلطة، وصلاحيات المناصب الرئيسة.

الحزبان أمام طريق واحد

إلى ذلك، يشير رئيس تحرير صحيفة التأخي، التابعة للحزب الديمقراطي الكردستاني، جواد ملكشاهي، إلى أن “هناك حقيقة ينبغي الاعتراف بها، وهي أن الحزبين الكردستانيين الرئيسين، ليس أمامهما حل أو خيار ثان غير التعاون، لتشكيل حكومة ائتلافية مع القوى الفائزة الأخرى في الانتخابات النيابية التي جرت العام الماضي”.

وينوه ملكشاهي إلى أن “العراق وعموم المنطقة تشهد تطورات سريعة، لا سيما وأن العراق يواجه تحديات سياسية وأمنية واقتصادية كبرى، يمكن أن تقلب الأوضاع رأسا على عقب، في ظل استعداداته لإجراء الانتخابات التشريعية المرتقبة”.

ويردف أن “المشكلة الوحيدة التي وقفت عائقا أمام تفعيل برلمان كردستان، وتشكيل الحكومة، هي عدم قناعة الأحزاب بحجمها واستحقاقها الانتخابي”.

وشهد برلمان الإقليم في دورته السادسة انعقاد جلسته الأولى في مطلع كانون الأول ديسمبر 2024، والتي تضمنت تأدية اليمين القانونية لأعضائه، وإبقاء الجلسة مفتوحة بسبب عدم حسم المناصب الرئيسة في الإقليم.

وكان من المقرر أن يتم تفعيل دور برلمان كردستان وعقد الجلسات خلال شهر أيلول سبتمبر الماضي، إلا أن الخلافات الأخيرة والحرب الإعلامية بين الحزبين الرئيسين حالت دون ذلك.

تقارب كردي مرتقب

إلى ذلك، يرى عضو الاتحاد الوطني الكردستاني برهان شيخ رؤوف، أن “اللقاء الأخير بين طالباني وبارزاني، مهّد للخطوة الأولى من التقارب، وهي تشكيل حكومة إقليم كردستان التي تأخرت كثيرا”.

وإذ ينفي رؤوف خضوع رئيس الاتحاد الوطني لأية ضغوط تُذكر، إلا أنه يعزو الحراك الأخير إلى “حل المشكلة الاقتصادية مع الحكومة الاتحادية، والتي كانت تشكل معضلة كبيرة أمام الحزبين وجميع الكرد، ما شجع الطرفين على المضي قدما بحلحلة باقي المشكلات، واستئناف مفاوضات تشكيل الحكومة، وتفعيل دور البرلمان”.

ويضيف أن “الخطوة الأولى والممكنة حاليا، هي استئناف برلمان كردستان لعقد جلساته خلال فترة قريبة، وفي ظل التطورات الحالية، فقد يكون هذا ممكنا، قبل موعد الانتخابات البرلمانية العراقية، خاصة في ظل الخشية من تطورات الأوضاع في المنطقة”.

يذكر أن حزب بارزاني يشترط في تشكيل الحكومة الجديدة أن تتشكل وفق معيار “الاستحقاق الانتخابي” مع أهمية أن تكون “مؤسسات الإقليم موحدة”، في إشارة إلى الفجوة القائمة بين إدارته في أربيل مع نظيرتها في السليمانية بقيادة حزب طالباني، في حين يرفع الأخير شعار “تصحيح مسار الحكم” بهدف ما يعتبره إنهاء حال احتكار القرار من قبل الديمقراطي.

وسيطر الحزب الديمقراطي الكردستاني على منصبي رئاسة الإقليم والحكومة، حيث ترأس نيجيرفان بارزاني رئاسة إقليم كردستان، وابن عمه وصهره مسرور بارزاني، منصب رئاسة حكومة الإقليم، فيما حصل الاتحاد الوطني في الدورة الأخيرة على منصب رئاسة البرلمان.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
العالم الجديد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

4 × 1 =

زر الذهاب إلى الأعلى