الصحافة الإيرانية: 4 سيناريوهات تواجه إيران

إن التحديات التي تواجه إيران تتطلب أن يُنظر إلى البلاد على أنها قضية تخص جميع الإيرانيين. فبعد كل هذه الأزمات، يبرز أخطرها وهو أزمة اتخاذ القرار.

ميدل ايست نيوز: يحظى الملف الإيراني ومستقبل البلاد بأهمية قصوى، فالتفكير في قضايا إيران يُعد رسالة مشتركة لجميع من هم داخل وخارج هذا البلد. هنا، من الضروري الالتفات إلى الإشارات والتحولات، خصوصاً التطورات الدولية. ولنذكر بعضنا البعض بأن المجتمعات المتقدمة عندما تعترضها أي أزمات، لا تصنع أزمات جديدة، بل تبحث عن حلول. أول الحلول هو منع وقوع الأزمة من الأساس، وإذا ما حدثت أزمة، فإنها تتحول إلى فرصة لمعالجة الخلل.

وقال مهدي مطهرنيا، رئيس مركز أبحاث سيمرغ لاستشراف المستقبل، في مقال نشرته صحيفة هم ميهن، إن إيران تواجه اليوم جملة من الأزمات. من أبرزها أزمة الحوكمة وفقدان الثقة والاعتبار، حيث يشهد المجتمع انهياراً في رأس المال الاجتماعي واتساعاً في فجوة عدم الثقة. كذلك هناك أزمة تركّز السلطة في مؤسسات غير خاضعة للمساءلة. اقتصادياً، يسود نمط الاقتصاد الريعي ــ التنافسي، فيما تقف البلاد في الساحة الدولية أمام مواجهة مستمرة مع الغرب بعد إعادة تفعيل آلية «الزناد» (سناب باك). كما أن إيران تبقى عرضة للتقلبات في النظام الدولي الجديد.

في هذا السياق، طُرحت مجموعة من السيناريوهات حول مستقبل إيران. يُحدد مسار هذه السيناريوهات عاملان رئيسيان: أولهما مستوى المرونة والإجماع الداخلي، سواء كان مرتفعاً أو منخفضاً، وثانيهما حجم وشدة الضغوط الخارجية، وما إذا كانت القوى الدولية والإقليمية ستزيد من وتيرتها أو تخففها. هذان العاملان يشكلان بيئة يمكن تصورها وفق نموذج «2×2».

السيناريو الأول هو الاستقرار التدريجي، حيث يجتمع إجماع داخلي مرتفع مع ضغوط خارجية معتدلة. في هذه الحالة يمكن تحقيق توافق داخلي محدود، غير أن احتمالات تحقق هذا السيناريو تبدو ضعيفة. للوصول إليه، لا بد من إصلاحات اقتصادية مفهومة، وفتح مساحات للحوار الفكري داخل البلاد وفي محيطها الإقليمي، مع الاعتماد على أصحاب الفكر المستقلين الذين يستمدون قوتهم من الناس لا من الدولة، بحيث يتمكنون من مراقبة السلطات ومساءلتها.

السيناريو الثاني هو العزلة والجمود، وهو ناتج عن ضعف الإجماع الداخلي وتزايد الضغوط الخارجية. في هذه الحالة ستتعمق الأزمات الداخلية وتزداد هشاشة المؤسسات، كما ستتصاعد العقوبات والعزلة الدبلوماسية. النتيجة ستكون ركوداً اقتصادياً أعمق واتساع رقعة السخط الاجتماعي، إضافة إلى تصاعد الطابع الأمني ــ البيولوجي في السياسة الخارجية.

السيناريو الثالث هو التوتر الإقليمي غير المسيطر عليه، حيث يجتمع إجماع داخلي مرتفع مع ضغوط خارجية شديدة. هذا السيناريو سيؤدي إلى تقليص مكاسب الداخل بسبب العقوبات والضغوط، والحل يكمن في تعزيز القدرة الاقتصادية على الصمود، وتفعيل دبلوماسية إقليمية نشطة لتخفيف التوترات.

السيناريو الرابع والأخير هو الحوار والتحول البنيوي، حيث ينخفض الإجماع الداخلي، لكن الضغوط الخارجية تكون معتدلة أو تعاونية. ومع ذلك، يبقى هذا السيناريو بعيد المنال في الظرف الراهن.

وفي المحصلة، فإن التحديات التي تواجه إيران تتطلب أن يُنظر إلى البلاد على أنها قضية تخص جميع الإيرانيين. فبعد كل هذه الأزمات، يبرز أخطرها وهو أزمة اتخاذ القرار. ما يجري اليوم يُختصر في ثلاث مراحل: المرحلة الأولى كانت «حرب الروايات»، التي وُصفت منذ سنوات بأنها معركة حول الخطاب لا السلاح. المرحلة الثانية تستهدف إفراغ الخطاب الثوري في الجمهورية الإسلامية من مضمونه، فالمطلوب ليس فقط النظام السياسي بل أيضاً نسف هذا الخطاب. ولن تبدأ المرحلة الثالثة، أي «الحرب البنيوية»، قبل تحقيق هذا الهدف.

تمر الأزمات بثلاث مراحل: الذروة أو الانفجار، ثم الانحسار، وأخيراً النتائج. إيران اليوم ما زالت في مرحلة الذروة، حيث أي خطأ صغير من أي طرف، سواء من المؤيدين أو المعارضين، قد يكلف البلاد ثمناً باهظاً. الحفاظ على إيران مسؤولية مشتركة تقع على عاتق الجميع.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اثنان × 4 =

زر الذهاب إلى الأعلى