“هل سُفكت هذه الدماء بلا جدوى؟”.. صحيفة إيرانية ترد على المشككين في عملية طوفان الأقصى

أكدت صحيفة جوان الإيرانية أن مکانة الحق والباطل في معركة غزة لم تتغير، ودافعت عن عملية "طوفان الأقصى"، واصفةً منتقدي المقاومة بأنهم أصحاب "منطق الخضوع للهيمنة".

ميدل ايست نيوز: في وقت يرى فيه بعض المحللين أن أي اتفاق محتمل بين حركة حماس وإسرائيل يعني نهاية طريق المقاومة، نشرت صحيفة “جوان” المقربة من المكتب السياسي للحرس الثوري الإيراني مقالاً افتتاحياً بعنوان “هل سُفكت هذه الدماء بلا جدوى؟”، أكدت فيه أن مکانة الحق والباطل في هذه المعركة لم تتغير. ودافعت الصحيفة عن عملية “طوفان الأقصى”، واصفةً منتقدي المقاومة بأنهم أصحاب “منطق الخضوع للهيمنة”.

بعد مرور عامين على الهجوم المفاجئ الذي شنّته حماس على المناطق المتاخمة لقطاع غزة، ما زالت تبعاتها الإنسانية والسياسية مستمرة؛ إذ خلّفت أكثر من 60 ألف قتيل في قطاع غزة ودماراً غير مسبوق في المنطقة وأزمة تجاوزت حدود فلسطين وإسرائيل لتشمل الشرق الأوسط بأكمله.

وفي مقال للكاتب محمد جواد إخوان بعنوان “هل كانت هذه الدماء تستحق الثمن؟”، انتقدت صحيفة “جوان” من يشككون في مشروعية عملية حماس، وكتب إخوان: “على مدى العامين الماضيين منذ عملية طوفان الأقصى، طرح البعض سؤالاً أساسياً: هل كانت هذه العملية تستحق أن تؤدي إلى رد دموي بهذا الحجم من قبل الصهاينة؟”.

وأضاف الكاتب أن مثل هذه التساؤلات تنبع من “منطق الخضوع”، قائلاً: “إنه منطق الخضوع للهيمنة، أي أنه إذا كان أحدهم أقوى منك أو أكثر إجراماً، فعليك أن تخضع له وتستسلم لمطالبه حتى لا يؤذيك. وإذا ساد هذا المنطق بين البشر، فسيبقون إلى الأبد أسرى دائرة الظلم والاستبداد”.

لكن من زاوية أخرى، يرى بعض المراقبين أن تساؤلات المنتقدين لا تعبّر عن “استسلام”، بل عن قلق إنساني وسياسي من نتائج القرار. فخلال العامين الماضيين، كانت الكلفة الإنسانية لعملية طوفان الأقصى على سكان غزة باهظة للغاية، حتى إن بعض التيارات المقاومة في العالم العربي بدأت تشكك في جدوى استمرارها.

وموقف صحيفة “جوان”، مثل كثير من وسائل الإعلام المحافظة في إيران، ما زال يستند إلى الثنائية التقليدية بين “الحق والباطل”، وهي نظرة يغلب عليها الطابع الأيديولوجي الذي يطغى على التحليل الواقعي للميدان وتقييم النتائج الإنسانية.

ويضيف إخوان في مقاله: “كلما زاد الكيان الصهيوني من القتل والجرائم، فلن يكتسب أي شرعية من ذلك. فبطشهم بحق الإنسان لا يعني أن على الفلسطينيين التنازل عن حقوقهم”. وهي عبارة صحيحة من الناحية الأخلاقية، لكن سؤال المنتقدين مختلف: إذا كان الدفاع عن الحق يؤدي إلى مقتل آلاف الأطفال والنساء الأبرياء، فهل لم تكن هناك طريقة أخرى لتحقيق العدالة؟

في الواقع، لا أحد في العالم ينكر حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، لكن الخلاف يدور حول كيفية تحقيق هذا الحق. ويعتقد كثير من المحللين المستقلين أن عملية “طوفان الأقصى” منحت إسرائيل ذريعة لشن حرب شاملة، كانت نتيجتها عدم تحقيق أي مكسب سياسي للفلسطينيين، فيما دُمّر قطاع غزة وقتل آلاف المدنيين.

وفي ختام المقال، كتبت جوان: “لأول مرة، كان الشعب الفلسطيني هو الذي فرض إرادته المستقلة بعيداً عن أي معادلات إقليمية، وهذه الإرادة، بصرف النظر عن النتيجة، تستحق الاحترام. فمهما ارتكب الصهاينة من قتل وجرائم، فإن موقع الحق والباطل في هذه المعادلة لم ولن يتغير”.

لكن ربما يكمن السؤال الحقيقي في هذه الجملة نفسها: هل يمكن الدفاع عن الإرادة المستقلة إذا لم تُحسب نتائجها وتكاليفها؟ وهل في عالم يقوم على منطق القوة يمكن للمقاومة المسلحة، من دون دعم سياسي واضح، أن تحقق سوى تكرار دورة الدم والدمار؟

يبدو أن مقال صحيفة “جوان” هو محاولة لإعادة تعريف المقاومة في مواجهة “منطق الخضوع”، لكنه يقدم تحليلاً أحادي البعد. فالدفاع عن القضية الفلسطينية يظل قاسماً مشتركاً بين مختلف التيارات الفكرية في إيران، غير أن تجاهل المعاناة الإنسانية يُفقد التحليل واقعيته.

وبعد مرور عامين على “طوفان الأقصى”، ربما آن الأوان لجميع الأطراف الإقليمية، بما في ذلك حلفاء المقاومة، لأن يتجاوزوا السرديات البطولية القديمة ويفكروا في استراتيجيات جديدة لا يدفع ثمنها أطفال غزة.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ستة عشر + 12 =

زر الذهاب إلى الأعلى