ما الأسباب التي تخنق سوق السياحة العلاجية في إيران؟

حذرت ناشطة إيرانية في مجال السياحة من فقدان إيران لسوق السياحة العلاجية في المنطقة، مؤكدة أنّ غياب الاستقرار والأمن في البلاد يجعل من الصعب جذب المرضى الأجانب.

ميدل ايست نيوز: حذرت ناشطة إيرانية في مجال السياحة من فقدان إيران لسوق السياحة العلاجية في المنطقة، مؤكدة أنّ غياب الاستقرار والأمن في البلاد يجعل من الصعب جذب المرضى الأجانب، حتى مع انخفاض تكاليف العلاج وكفاءة الأطباء الإيرانيين.

وخلال السنوات الأخيرة، شكّلت السياحة العلاجية إحدى المزايا التنافسية لإيران في قطاع الخدمات الدولية. فقد ساهمت تكاليف العلاج المنخفضة، ومهارة الأطباء الإيرانيين، وتنوع الخدمات من الجراحات التجميلية وطب الأسنان إلى العمليات التخصصية، في جعل إيران وجهة مفضّلة لمرضى من دول الجوار، من العراق وأفغانستان إلى بلدان الخليج.

لكنّ هذه الصناعة، التي كان من الممكن أن تكون ركيزة أساسية للاقتصاد غير النفطي، تواجه اليوم تهديداً حقيقياً، إذ أدت هجرة الأطباء والشعور بانعدام الأمن والعقوبات وتراجع الثقة العامة إلى تقييد تدفق سيّاح العلاج بشكل كبير، وخسارة إيران جزءاً واسعاً من سوقها الإقليمي.

وفي حديث لموقع اقتصاد نيوز، قال الناشطة الإيرانية حبيبة نيك‌ سيرتي: «طالما لم يتحقق الاستقرار والأمن في البلاد، فإنّ انخفاض التكاليف وكفاءة الأطباء الإيرانيين لن يكونا كافيين لجذب السياح العلاجيين».

وحول وضع السياحة العلاجية في إيران بعد موجة هجرة الأطباء والمتخصصين أوضحت أنّ «الأمر واضح تماماً. خلال العامين أو الثلاثة الأخيرة وقعت أحداث متتالية، من بينها موجة الهجرة الواسعة، والحرب الأخيرة أيضاً، ما جعل السيّاح الأجانب، سواء في مجال السياحة العلاجية أو السياحة العامة، أقلّ رغبة في زيارة إيران».

وأضافت أنّ «حتى الإيرانيين المقيمين في الخارج لم يعودوا يزورون البلاد كما في السابق، فبعضهم يعتقد أنه إذا جاء ربما لن يُسمح له بالمغادرة مرة أخرى، وحتى إن لم يكن هذا الاعتقاد واقعياً، فإنّ مجرد هذا الوهم أصبح حاجزاً أمام سفرهم».

وتابعت الناشطة الإيرانية في مجال السياحة موضحة أنّ «الاضطرابات الأمنية الأخيرة أثّرت على سوق السياحة العلاجية في إيران بشكل واضح».

وحول ما إذا كانت الهجرة وحدها السبب في هذا التراجع قالت: «نعم، الهجرة كان لها تأثير كبير، لكنها ليست السبب الرئيسي. كما ذكرت، مسألة انعدام الأمن أكثر تأثيراً. لا يزال هناك أطباء يتنقّلون بين إيران والخارج، كمن يعمل نصف العام هناك ونصفه الآخر هنا، لكن عددهم بات قليلاً جداً».

وأضافت أنّ «الكثير من الأطباء لم يعودوا يرغبون في العمل داخل البلاد، كما أنّ الخدمات الطبية في الداخل أصبحت مرتفعة التكلفة، ما جعل المرضى القادمين من الخارج يدفعون أضعاف ما كانوا يدفعونه سابقاً، في حين أن الحصول على المواعيد العلاجية من الخارج لم يعد أمراً سهلاً».

وحين سُئلت عمّا إذا كانت إيران تخسر سوقها في مجال السياحة العلاجية لصالح دول أخرى، قالت نيك‌ سيرتي: «يمكن القول إنّ هذا ما يحدث فعلاً. فمجموعة من العوامل اجتمعت: الهجرة، العقوبات، الحرب، والشعور بانعدام الأمن. الناس يعتقدون أن الوضع غير مستقر، وربما تندلع حرب مرة أخرى، أو تتدهور الأوضاع فجأة، وفي مثل هذه الأجواء لا الإيراني المقيم في الخارج يرغب بالمجيء، ولا السائح الأجنبي مستعد لتعريض نفسه للخطر».

وأضافت: «حتى السائح العادي بات يتردد في القدوم، وقطاع السياحة لدينا، سواء العلاجية أو الترفيهية، يتجه نحو التلاشي، ويمكن القول إن بعض فروعه لم تعد موجودة عملياً. ومع استمرار هذا الوضع، ستتآكل جميع مقوماته شيئاً فشيئاً».

وتابعت الناشطة الإيرانية حديثها عن ميزة الأسعار التنافسية في إيران قائلة: «صحيح أننا نمتلك أطباء على مستوى عالٍ وكفاءات طبية كبيرة، وخدماتنا أرخص من كثير من الدول الأخرى. إذ في الماضي كان المرضى يأتون من العراق وسوريا، ويمكثون في إيران شهرين لإجراء عمليات تجميل أو علاج أسنان، وكان ذلك مجدياً بالنسبة إليهم، لأن الأسعار رغم ارتفاعها كانت لا تزال أقل من بلدانهم».

وأكملت: «طالما أن البلاد لم تصل إلى حالة من الاستقرار والأمن، فلن يعود السياح. صحيح أن هناك من يأتون بعد، ولكن عددهم أقل بكثير من السابق. لا أملك أرقاماً دقيقة، لكنني أعلم أن تراجع العدد كبير جداً. الحرب الأخيرة أثرت سلباً بشدة، وأوجدت حالة من الخوف النفسي لدى الناس والسياح».

وختمت بالقول: «حتى النساء لم يعدن يقدمن على المجيء لإجراء عمليات تجميل خوفاً من الظروف. انعدام الأمن لم يعد جسدياً فقط بل أصبح نفسياً أيضاً، ومنذ عام 2022 تعمّق هذا الشعور أكثر. أما العقوبات فقد دمّرت الاقتصاد، وبالتالي ارتفعت كلفة الخدمات الطبية على الأجانب، وهو ما أدى إلى تلاشي سوق السياحة العلاجية في إيران».

اقرأ المزيد

غرفة التجارة الإيرانية: كيف تؤثر عودة العقوبات على السياحة الإيرانية؟

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

2 × ثلاثة =

زر الذهاب إلى الأعلى