الصحافة الإيرانية: ماذا تنتظر إيران في مواجهة الغرب؟
من الضروري لطهران أن تراقب بواقعية الأحداث المحتملة في المستقبل، إذ لن تكون التفسيرات الذهنية للواقع مجدية ما لم تؤخذ السيناريوهات الأسوأ بعين الاعتبار في الحسابات الاستراتيجية.
ميدل ايست نيوز: تعكس التصريحات والدعاية الغربية مفهوماً مختلفاً تماماً عن شكل الهدوء والجمود الحالي في العلاقات مع طهران. وهذا الأمر يفرض على إيران تنشيط قدراتها الاستخباراتية والحسية وعدم الانخداع بالصور المضللة، فاليقظة تتطلب الذكاء والوعي الكامل لطول الطريق أمامها. ومع ذلك، يبقى السؤال قائمًا: ماذا يجب أن نتوقع؟
وقال جلال خوش جهره، صحفي وكاتب إيراني، متسائلاً هل ينبغي انتظار السيناريوهات الأسوأ واعتبارها عنصراً أساسياً في صناعة القرار السياسي، أم يمكن الاكتفاء بتفاؤل حذر حيال الجمود الحالي في مواجهة طهران مع الغرب، وبالتالي مع إسرائيل؟
بعد التوصل إلى هدنة هشة خلال الحرب التي استمرت 12 يوماً، يواصل دونالد ترامب الحديث عن السلام والمصالحة مع طهران، غير أن تعريفه للسلام يتعارض كلياً مع المبادئ الاستراتيجية لطهران. تسعى أوروبا من خلال عزل طهران إلى إرغامها على قبول المطالب التي يصفها ترامب بشروط السلام، بينما تواصل تل أبيب إظهار ولعها بالمغامرات والمواجهة.
في الوقت نفسه، لم تقدم الوكالة الدولية للطاقة الذرية أي مؤشرات على تغيير في علاقاتها مع طهران قبل الاجتماع الفصلي لمجلس المحافظين في نوفمبر. بالإضافة إلى ذلك، فعلت الترويكا الأوروبية “آلية الزناد” في 28 سبتمبر 2025، أي قبل انتهاء مدة الاتفاق النووي بفترة قصيرة، مما يشير إلى تصعيد محتمل.
يعتمد التنفيذ الكامل لهذه الآلية على طبيعة رد طهران خلال الفترة المحدودة القادمة. وتشمل استجابة إيران منذ الاجتماع الأخير لمجلس المحافظين وحتى الاجتماع المقبل تعزيز القدرات الدفاعية والهجومية، وتوقف المفاوضات مع واشنطن والترويكا الأوروبية، وإجراء مشاورات دبلوماسية مع أعضاء حركة عدم الانحياز وبعض الدول الأفريقية والآسيوية، بالإضافة إلى خلق تحالف موقف مشترك مع روسيا والصين ضد تفعيل آلية الزناد باعتبارها إجراءً غير قانوني من قبل الحلفاء الغربيين، والتحضير لإعلان انتهاء اتفاقية الاتفاق النووي في موعدها المحدد في 28 سبتمبر 2025.
هل ستؤدي ردود طهران إلى كسر الجمود الحالي؟ الوقت سيكشف ذلك سريعاً، إذ إن الفرصة التي يسعى الغرب لفرضها على إيران محدودة. تحاول الدول الغربية إرغام طهران على اتخاذ قرار نهائي في وقت ضيق. من جانبها، تسعى طهران رغم إدراكها للتكاليف المترتبة على الجمود الحالي إلى طرح أفكار جديدة من قبل الأطراف الغربية، لكنها لم تقدم بعد تصوراً واضحاً لتحقيق توازن في الوضع المتوتر الحالي.
إذا اعتُبر إعلان طهران وروسيا والصين نهاية الاتفاق النووي خطوة مقابلة، فسيُنظر إليها من الغرب على أنها رد فعل تصادمي. في هذه الحالة، يبقى السؤال حول قدرة العضوين الرئيسيين في مجلس الأمن على التأثير في إرادة الغرب لإجبار طهران على قبول مطالبه. كل ذلك يعتمد على الأطر القانونية للاتفاق النووي، بينما يلعب مستوى التعاون أو الفتور في العلاقات بين القوى الشرقية والغربية دوراً مؤثراً في تطورات الموقف.
من الضروري لطهران أن تراقب بواقعية الأحداث المحتملة في المستقبل، إذ لن تكون التفسيرات الذهنية للواقع مجدية ما لم تؤخذ السيناريوهات الأسوأ بعين الاعتبار في الحسابات الاستراتيجية.
اليوم، تؤكد أجهزة الدعاية الغربية، خصوصاً الإسرائيلية، على عدة نقاط بعد الحرب الأخيرة التي استمرت 12 يوماً؛ فواشنطن وتل أبيب لم تتمكنا من تدمير منشآت أو مخزون اليورانيوم المخصب بالكامل، وفشلت إسرائيل في اغتيال العلماء والمسؤولين الإيرانيين المؤثرين. والأهم من ذلك، أن طهران أظهرت قدرتها على إخفاء قدراتها النووية رغم الهجوم غير المتكافئ، وأن تشديد العقوبات لم يخلق أي مؤشرات لتغيير الموقف الإيراني.



