الصحافة الإيرانية: هل تنتهك الصين وروسيا فعلياً تنفيذ آلية الزناد على إيران؟

بعد نحو ستة أسابيع من الادعاء بإعادة قرارات مجلس الأمن ضد إيران، وثلاثة أسابيع من إغلاق القرار الأممي 2231، لا تزال الأطراف المعنية متمسكة بمواقفها.

ميدل ايست نيوز: بعد نحو ستة أسابيع من الادعاء بإعادة قرارات مجلس الأمن ضد إيران، وثلاثة أسابيع من إغلاق القرار الأممي 2231، لا تزال الأطراف المعنية متمسكة بمواقفها. خلال هذه المدة لم يحدث أي تطور يمكن أن يقود إلى حل، كما أن الأبعاد القانونية والمواقف الحالية للدول لا تتيح تصور أي انفراج في هذا الوضع غير المسبوق. الوضع القائم حالياً يُعد سابقة في تاريخ مجلس الأمن، إذ جرت العادة أنه في حال معارضة أحد الأعضاء الدائمين لمشروع قرار، فلا يُطرح للتصويت أو يُستخدم حق النقض (الفيتو) وينتهي الأمر. أما أن تعترف ثلاثة من الدول دائمة العضوية بوجود ووجوب تنفيذ قرارات معينة، فيما تتبنى دولتان دائمتان موقفاً مخالفاً، فهو أمر لم يحدث من قبل. في ظل هذا الغموض القانوني غير المسبوق، يبقى الأهم معرفة ما يجري عملياً على الأرض.

وقال الدبلوماسي الإيراني السابق، كوروش أحمدي، في مقال نشرته صحيفة شرق، إنه في 28 أغسطس من هذا العام، أرسلت إيران والصين وروسيا أولى رسائلهن، بالتزامن مع رسالة فرنسا وبريطانيا وألمانيا حول تفعيل آلية الزناد، حيث أعلنت الدول الثلاث أسباب رفضها لخطوة الدول الأوروبية. وفي هذه الرسالة، كما في الرسائل اللاحقة الفردية والجماعية، تم رفض ادعاء أوروبا بأنها اتبعت الإجراءات المنصوص عليها في المادتين 36 و37 من الاتفاق النووي (خطة العمل الشاملة المشتركة)، واستندت الدول الثلاث إلى مبدأ قانوني يعرف بـ«الأيدي النظيفة»، معتبرة أن أوروبا التي انتهكت الاتفاق لا يمكنها الادعاء بتطبيقه. وأشارت الرسالة إلى أن أي إجراء يتعارض مع القرار 2231 لا يمكن أن يخلق التزاماً قانونياً دولياً على أعضاء الأمم المتحدة.

الرسالة التي وجهتها إيران وروسيا والصين إلى رئيس مجلس الأمن في 18 أكتوبر، وهو يوم انتهاء مفعول القرار 2231، كانت لافتة، إذ تناولت الفقرة الثامنة من القرار التي تتضمن أربعة عناصر أساسية: أولاً، أن جميع أحكام القرار تنتهي في 18 أكتوبر؛ ثانياً، أن القرارات السابقة ضد إيران، التي أُلغيت بموجب الفقرة 7 (أ) من القرار نفسه، لا يجوز إعادة تفعيلها؛ ثالثاً، أن مراجعة البرنامج النووي الإيراني في مجلس الأمن تُعتبر منتهية؛ ورابعاً، أن موضوع «منع الانتشار النووي» المتعلق بإيران يُزال من جدول أعمال المجلس. لكن في الرسالة تم التطرق فقط إلى عنصرين، هما انتهاء القرار 2231 وانتهاء مراجعة الملف النووي الإيراني في المجلس، ولم يُذكر شيء عن عدم إعادة تنفيذ القرارات السابقة أو عن إزالة ملف إيران من جدول أعمال المجلس، وهو ما يثير التساؤل عما إذا كان هذا التغافل نابعاً من موقف صيني محتمل رغم تشدد الموقف الروسي.

من جهة أخرى، وبعد اكتمال عملية “الزناد” في 27 سبتمبر، أصدر المتحدث باسم الأمم المتحدة بياناً أعلن فيه عودة قرارات مجلس الأمن ضد إيران، وتحديث قائمة الأفراد والكيانات الإيرانية الخاضعة للعقوبات، واستئناف عمل لجنة العقوبات 1737. إلى جانب اعتراض إيران، بعث وزير الخارجية الروسي برسالة إلى الأمين العام عبّر فيها عن احتجاج شديد على هذا الإجراء، معتبراً أنه يتماشى مع مواقف الدول الغربية ويشكل انتهاكاً صريحاً للمادة 100 من ميثاق الأمم المتحدة، التي تمنع الأمين العام من تنفيذ تعليمات من الدول الأعضاء.

المسألة التي يجب متابعتها الآن هي ما إذا كانت الدول غير المنضوية تحت الموقف الغربي ستلتزم بإعادة تنفيذ القرارات الستة ضد إيران أم لا. وبالنظر إلى الموقف الروسي الحازم الرافض لعودة هذه القرارات، وتصريحات كل من السفير الروسي لدى الأمم المتحدة والمتحدثة باسم الخارجية الروسية بعدم الاعتراف بقرارات العقوبات، فمن المرجح أن موسكو ستضع عراقيل أمام تعيين رئيس للجنة العقوبات 1737، وتعطيل عملها وكذلك أمام إنشاء فريق الخبراء المنبثق عن القرار 1929.

أما السؤال الأهم فهو ما إذا كانت الصين وروسيا ودول أخرى ستقوم فعلياً بانتهاك القرارات الستة، مثلاً عبر بيع الأسلحة لإيران. الادعاء الأخير الذي أوردته شبكة «سي إن إن» حول بيع ألفي طن من مادة «سديم بيركلورات» لإيران، التي تُعد من المكونات المستخدمة في وقود الصواريخ، لا يُعتبر دليلاً على خرق القرارات، إذ أن القرار 1929 يقتصر على حظر أنشطة إيران المتعلقة بالصواريخ الباليستية القادرة على حمل رؤوس نووية، كما يمنع نقل تكنولوجيا هذه الصواريخ إلى إيران.

وتعد مادة سديم بيركلورات مادة مزدوجة الاستخدام، ولم تُذكر بشكل مباشر في قرارات مجلس الأمن، وهي مجرد مادة أساسية تُستخدم في إنتاج «أمونيوم بيركلورات» الذي يدخل في تركيب الوقود الصلب للصواريخ. لذلك، حتى لو كان الخبر صحيحاً، فإنه لا يشكل دليلاً على خرق القرارات من جانب الصين.

تطور آخر يرتبط بالصين يتمثل في النقاط الجديدة التي وردت في بيان الاجتماع العام لمجموعة العمل المالي (FATF) بتاريخ 25 أكتوبر. في هذا البيان، الذي جاء تحديثاً لبيان 13 يونيو، ورد ما يلي: «نظراً لقرارات مجلس الأمن المتعلقة بعدم التزام إيران بتعهداتها الخاصة بمنع الانتشار النووي، تذكّر FATF جميع القطاعات المالية بالتزاماتها ضمن معايير المجموعة بشأن الانتباه إلى المخاطر المرتبطة بتمويل الانتشار النووي من جانب إيران».

تجدر الإشارة إلى أن الصين وثماني دول أعضاء في حركة عدم الانحياز هم أعضاء أيضاً في الجمعية العامة لمجموعة FATF، وتُتخذ قراراتها بالإجماع (علماً بأن عضوية روسيا معلقة بسبب أزمة أوكرانيا). كما تمتلك FATF آليات لمتابعة مدى التزام الدول بتوصياتها.

ومن النقاط الجديرة بالاهتمام أيضاً ما ورد في البيان المشترك بين الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي، إذ جاء في البند 49 منه: «يُلاحظ المجلس المشترك عودة العقوبات والقيود التي فرضتها الأمم المتحدة سابقاً بشأن البرنامج النووي الإيراني والتي كانت قد أُلغيت من قبل».

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ستة + 9 =

زر الذهاب إلى الأعلى