الصحافة الإيرانية: قواعد لعبة إيران في العراق الجديد

رأى خبير في الشؤون العراقية أن مكانة الولايات المتحدة لن تتراجع بعد الانتخابات الأخيرة مشيراً إلى أن واشنطن ستحاول في المقابل زيادة الضغط السياسي على القوى المقرّبة من طهران.

ميدل ايست نيوز: توجه الناخبون العراقيون يوم الثلاثاء 11 نوفمبر إلى صناديق الاقتراع لاختيار برلمان جديد سيحدد ملامح السلطة في بغداد. ووفق النتائج الأولية حتى مساء الأربعاء، فقد تصدرت القوى الشيعية المشهد الانتخابي. ومع ذلك، يثار التساؤل حول ما إذا كان فوز هذه القوى سيضر بالمصالح الأميركية، وكيف يمكن لإيران أن تعزز موقعها داخل العراق في ظل هذه المعادلة الجديدة.

وقال أردشير بشنك، الخبير في الشؤون العراقية، في حديث مع صحيفة «دنياي اقتصاد» الإيرانية، إنه لا يعتقد أن مكانة الولايات المتحدة ستتراجع بعد هذه الانتخابات، مشيراً إلى أن واشنطن ستحاول في المقابل زيادة الضغط السياسي على القوى المقرّبة من طهران. وأضاف أن على القيادة الإيرانية أن تقيّم ما الذي تجنيه فعلياً من هذا النفوذ الواسع في العراق، خصوصاً في المجال الاقتصادي، وما إذا كانت مخرجاته تتناسب مع مصالحها الوطنية.

تقييم أولي للانتخابات

وأوضح بشنك أن نتائج الانتخابات جاءت بشكلٍ مقبول لجميع الأطراف تقريباً، سواء القوى الشيعية أو السنية، لكنه اعتبر أن مقتدى الصدر هو الخاسر الأكبر في هذه الجولة، موضحاً أن نسبة المشاركة ارتفعت مقارنة بالدورة السابقة، بينما كان الصدر يراهن على عزوف الناخبين وتراجع شرعية الحكومة. وأضاف أن زعيم التيار الصدري كان يتوقع أن تؤدي حالة الاستياء الشعبي من ضعف الخدمات إلى انتخابات تصب في مصلحته ومصلحة المعارضة، إلا أن النتائج جاءت عكس توقعاته.

الولايات المتحدة واستمرار نفوذها في العراق

وحول ما إذا كان فوز الأحزاب الشيعية يعني تراجع النفوذ الأميركي، قال الخبير الإيراني إن هذا الطرح غير دقيق. فالولايات المتحدة، بحسب رأيه، تسعى إلى الحفاظ على قدر من الاستقرار في العراق، وتحرص على أن تُجرى الانتخابات بطريقة تضمن استمرار النظام السياسي الذي أسسته منذ عام 2003. وأشار إلى أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب كانت قد وضعت خطوطاً حمراء أمام السياسيين العراقيين، من أبرزها رفض مشاركة أي وزير من «الحشد الشعبي» أو الفصائل المسلحة المقربة من محور المقاومة في الحكومة المقبلة.

وبيّن بشنك أن هذه النقطة ستتضح في المرحلة المقبلة، خصوصاً أن نتائج الانتخابات أظهرت تحسناً في موقع القوى المنتمية إلى الحشد الشعبي أو القريبة من طهران. وأكد أن تنفيذ هذا «الشرط الأميركي» يعتمد على مدى استعداد الحكومة العراقية الجديدة للالتزام به، في ظل اعتماد بغداد على واشنطن اقتصادياً ودبلوماسياً وإقليمياً.

موقف الساسة العراقيين وانعكاساته على طهران

وأضاف الخبير في الشؤون العراقية أن الزعماء العراقيين مثل محمد شياع السوداني ونوري المالكي يحاولون السير في خطٍ متوازن لا يصطدم مباشرة مع الولايات المتحدة، وفي الوقت نفسه يتيح لهم الحفاظ على علاقات إيجابية مع إيران. واعتبر أن واشنطن لم تُهزم في هذه الانتخابات، بل ستواصل استخدام أدوات الضغط السياسي على الجماعات المقرّبة من طهران، وأن على الحكومة الجديدة أن تحدد موقفها في هذا الإطار.

وأشار إلى أن رئيس الوزراء السوداني، رغم كونه محسوباً على التيار الشيعي ويتمتع بعلاقات جيدة مع إيران، فإنه يحتفظ بمسافة سياسية واضحة. واستشهد بمواقفه السابقة حين كان يرفض استخدام تسمية «الخليج الفارسي» في خطاباته الرسمية، إضافة إلى موقفه المتحفظ من توسيع نشاط الشركات الإيرانية العامة والخاصة داخل العراق، ما جعله – بحسب بشنك– أحد من ساهموا بشكل غير مباشر في الحد من الحضور الاقتصادي الإيراني. وتوقع أن يستمر هذا النهج، دون أن يعني ذلك خسارة إيران لنفوذها أو تراجع دورها في العراق.

إيران واستراتيجيتها المقبلة في العراق

ورأى الخبير أن على المسؤولين في طهران إعادة تقييم استراتيجيتهم في العراق من زاوية المصلحة الوطنية. فبرأيه، رغم الحضور الأمني والسياسي الكبير لإيران هناك، فإن الجانب الاقتصادي في العلاقة بين البلدين ما زال ضعيفاً ولا يوازي حجم هذا النفوذ. وأوضح أن طهران لم تستفد بعد بالشكل المطلوب من إمكانات التعاون المشترك لتأسيس علاقة اقتصادية متكاملة ومستدامة.

وأضاف أن التجربة التركية خلال السنوات الأخيرة مثال على كيفية استثمار النفوذ السياسي في مشاريع استراتيجية، مشيراً إلى أن أنقرة مضت في تنفيذ مشروع «طريق التنمية» الذي يتجاوز إيران ويعيد رسم الخريطة التجارية في المنطقة. وختم بالقول إن على إيران، مع تغيّر الحكومات في بغداد، أن تعيد النظر في طريقة تعاملها مع العراق لتتحول العلاقة من مجرد نفوذ سياسي إلى شراكة استراتيجية حقيقية تخدم الطرفين.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

15 − 12 =

زر الذهاب إلى الأعلى