صواريخ إيرانية لدمشق: هل تستطيع مواجهة الضربات الإسرائيلية؟
أعلنت إيران عن استعدادها لتزويد النظام السوري بمنظومة صواريخ دفاع جوي بهدف التصدي للغارات الجوية الإسرائيلية.
ميدل ايست نيوز: مع عودة القصف الإسرائيلي على سورية، وتحديداً الغارات الأخيرة التي طاولت، فجر الأحد الماضي، أهدافاً في حي كفرسوسة في قلب العاصمة دمشق، يُعتقد أن لها علاقة بأهداف إيرانية، أعلنت الأخيرة عن استعدادها لتزويد النظام السوري بمنظومة صواريخ دفاع جوي بهدف التصدي للغارات الجوية الإسرائيلية.
وذكرت وكالة “تسنيم” الإيرانية، أمس الأول الجمعة، على “تويتر” أرفقتها مع صور للمنظومة الصاروخية: “قريباً ستكون منظومة خرداد 15 للدفاع الجوي الإيراني، الشبح الذي يلاحق سلاح الجو الإسرائيلي في سورية، لأنها ستصبح بحوزة الجيش العربي السوري”.
كما ذكر التلفزيون الرسمي الإيراني أنه من المرجح أن تبيع إيران صواريخ أرض- جو لسورية، لمساعدتها على تعزيز الدفاعات الجوية في مواجهة الضربات الجوية الإسرائيلية المتكررة.
ونقلت وكالة “رويترز” عن التلفزيون قوله إن “سورية بحاجة إلى إعادة بناء شبكة دفاعها الجوي، وتطلب قنابل دقيقة لطائراتها المقاتلة”. وتوقع التلفزيون أن يتم تزويدها من جانب إيران “بالرادارات والصواريخ الدفاعية مثل نظام خرداد 15 لتعزيز الدفاعات الجوية السورية”، مضيفاً أن هذا جزء من اتفاق دفاعي جرى أخيراً بين الطرفين.
ومن المعتقد أن اللمسات الأخيرة للاتفاق المشار إليه، جرى وضعها خلال زيارة أجراها قائد القوات الجوية والدفاع الجوي في قوات النظام، صلاح الدين كاسر الغانم، مع نائبه مدير الدفاع الجوي اللواء علي سمرة، إلى طهران الخميس الماضي، التقى خلالها وزير الدفاع الإيراني محمد رضا آشتياني، ومسؤولين في وزارة الدفاع الإيرانية.
إيران حريصة على تعزيز الدفاعات السورية
ونقلت وكالة أنباء “تسنيم” عن آشتياني قوله إن بلاده حريصة على “تعزيز القاعدة الدفاعية السورية، للحفاظ على الردع وتحسينه ضد التهديدات”، معتبراً أن الرؤية الإيرانية للتعاون الدفاعي مع النظام في دمشق “طويلة الأمد في المجالين الاستراتيجي والتكتيكي” وأن الهجمات الإسرائيلية المتكررة على الأراضي السورية، تستوجب ضرورة تواصل التشاور بين الطرفين.
وقال إن “إيران هي عمق استراتيجي لسورية، وسورية هي العمق الاستراتيجي لإيران”. من جهته، أشاد الغانم، وفق وكالة “تسنيم”، بـ”القدرات الدفاعية لإيران في مجال الطيران والدفاع الجوي”. وسبق ذلك، زيارة قام بها وزير الدفاع في حكومة النظام علي محمود عباس إلى طهران في 23 يناير/كانون الثاني الماضي.
وتأتي هذه التطورات، بعد غارة إسرائيلية قبل أيام استهدفت مقراً في حي كفرسوسة بالعاصمة دمشق. ووفق وكالة “رويترز”، فإن الهجوم الصاروخي جرى خلال اجتماع لمسؤولين إيرانيين لدفع برامج تطوير طائرات مسيّرة وقدرات صاروخية للنظام، فيما نفت طهران وجود إيرانيين بين ضحايا القصف الإسرائيلي.
وبات من المعتاد أن تشن إسرائيل غارات على الأراضي السورية بشكل مستمر في السنوات العشر الماضية، من دون أن تعلن غالباً مسؤوليتها عن هذه العمليات، التي تقول إنها تستهدف مكافحة الوجود الإيراني في سورية.
أنظمة الدفاع الجوي الإيرانية
ووفق وسائل إعلام إيرانية، فإن منظومة “خرداد 15” المعلن عنها في 2019، والمزودة بصواريخ طويلة المدى، هي التي سيتم تزويد النظام السوري بها، وهي من إنتاج وزارة الدفاع الإيرانية، وقادرة، وفق المصادر الإيرانية، على كشف ستة أهداف تقليدية تقع على مسافة تصل إلى 100 كيلومتر، بينما يتقلص هذا المدى إلى 45 كيلومتراً بالنسبة للأهداف الخفية.
وقال المحلل العسكري العقيد فايز الأسمر، لـ”العربي الجديد”، إن هذا الإعلان يأتي بعد زيارة لقائد القوات الجوية والدفاع الجوي السوري لطهران، حيث أعلنت إيران أنها ستزود نظام بشار الأسد بمنظومة الدفاع الجوي “خرداد 15″، إضافة إلى معدات ووسائط تشويش وحرب إلكترونية.
ورأى الأسمر أن إيران قد تُقدم فعلاً على هذه الخطوة، لكن من المرجح أن تسعى إسرائيل إلى تدميرها عبر الصواريخ الجوالة (كروز) أو أنواع أخرى من الصواريخ والغارات، وشلّها عن طريق التشويش الإلكتروني.
عبد الناصر العايد: الإعلان عن تزويد النظام بهذه الصواريخ هدفه فقط شرعنة وجودها
واستبعد الأسمر أن تكون المنظومة الإيرانية قادرة على التعامل مع طائرات “إف 35” (الشبح) إذا حلقت فوق الأراضي السورية، أو حتى طائرات “إف 16” من فوق الأراضي المحتلة، بالإضافة إلى استهداف سورية بالصواريخ الجوالة التي تطلق من قواعد أرضية.
ولفت إلى أن شبكات الدفاع الجوي في جيش النظام تعاني من ضعف جلي في مواجهة الغارات الإسرائيلية، معتبراً أن هذا التطور يشير أيضاً إلى رغبة إيران في الانخراط أكثر داخل الهياكل العسكرية الرسمية للنظام السوري، وربما محاولة تصنيع وتطوير أنظمة دفاع جوي ومسيّرات ضمن جيش النظام.
شرعنة وجود الصواريخ الإيرانية في سورية
من جهته، أعرب الباحث عبد الناصر العايد، وهو ضابط منشق عن سلاح الجو السوري، عن اعتقاده بأن الصواريخ الإيرانية موجودة من قبل في سورية، ولم يكن لها أي فاعلية. وأضاف، في حديث مع “العربي الجديد”، أن الإعلان عن تزويد النظام بهذه الصواريخ هدفه فقط شرعنة وجودها، ومحاولة نفي حقيقة أن شبكة الدفاع الجوي التابعة للنظام لا تسيطر عليها المليشيات الإيرانية، بل الجيش النظامي السوري.
وأوضح أن منظومة الدفاع الجوي الإيراني مبنية كلها بطريقة الهندسة العسكرية الروسية، بينما المنظومات الروسية “الأصلية” موجودة عند النظام ولم تحقق أي نتائج جيدة. وبشأن منظومة “خرداد” تحديداً، قال العايد إنها مجهولة نوعاً ما، لكن لا يعتقد أنها قادرة على مواجهة الطيران الإسرائيلي.
من جهته، رأى العميد أحمد بري، رئيس أركان “الجيش الحر” سابقاً، أن لجوء النظام إلى إيران لطلب أنظمة دفاع جوي يشير إلى تقاعس الروس في الاستجابة لطلباته بهذا الشأن، علماً أن منظومة صواريخ “إس 300” التي نشرتها روسيا، في وقت سابق، ظلت تحت سيطرة ضباط روس، إلى أن تم سحبها في أغسطس/آب الماضي بعد الحرب في أوكرانيا.
وأوضح أن الدفاعات الجوية للنظام السوري تكبدت خسائر خلال العقد الماضي نتيجة الغارات الإسرائيلية، وهي غير قادرة على تعويض هذه المعدات بسبب التكلفة المادية، وبسبب القيود التي تضعها روسيا.
وأضاف بري، أن إيران فقدت أيضاً العديد من الضباط والخبراء العاملين في مجال الدفاع الجوي نتيجة الغارات الإسرائيلية خلال السنوات الماضية، ومنهم مقتل سبعة خبراء إيرانيين، بينهم ضابطان برتبة عقيد، في الهجوم الذي استهدف مطار التيفور العسكري في ريف حمص في إبريل/نيسان الماضي، وربما باتت تفضل الاعتماد على عناصر سوريين لكي تتجنب المزيد من الخسائر البشرية.
ورأى أن الخيار الإيراني ربما يكون مناسباً للنظام السوري بسبب رخص ثمن المعدات الإيرانية، وكون طهران وخبرائها والجماعات التابعة لها، هي المستهدفة أساساً بالغارات الإسرائيلية، ومن الطبيعي أن تتساهل في هذه الحالة مع النظام في تسديد ثمن هذه المعدات، بغض النظر عن مدى فاعلية الأنظمة الإيرانية في مواجهة التهديدات الإسرائيلية.
وأضاف بري أن “هناك أزمة ثقة بين النظام والروس والإيرانيين، وربما أرادت إيران بهذه الخطوة تجنّب المزيد من الخسائر بين ضباطها ومستشاريها، ووضع ضباط النظام في الواجهة، وهي تعلم أن العديد من ضباط النظام هم الذين يقدمون المعلومات لإسرائيل بشأن الوجود الإيراني في سورية”.