من الصحافة الإيرانية: ما الذي قد يجعل تكرار التجربة السوفيتية في إيران ممكنا؟
لماذا توصل العالم الغربي إلى نتيجة مفادها أن تكرار التجربة السوفيتية فيما يتعلق بإيران هو الطريق المناسب؟
ميدل ايست نيوز: بعد تكثيف تحركات وأعمال التيارات السياسية والإعلامية الغربية والإقليمية ضد إيران مع التركيز على قضايا حقوق الإنسان ومزاعم التدخل الإيراني لصالح روسيا في الأزمة الأوكرانية، دخلت علاقات إيران مع العالم الغربي حقبة جديدة حيث أصبحت التوترات والصراعات بين الجانبين أكثر وضوحا من أي وقت مضى.
وحسب تقرير لموقع “فرارو” الإيراني، يشير بعض المحللين ومراكز الفكر الغربيين إلى أن الغرب وحلفاءه الإقليميين يسعون إلى تنفيذ استراتيجيته القديمة، التي استخدموها لإيقاع الاتحاد السوفيتي في الهاوية، هذه المرة ضد إيران. استراتيجية في إطارها تُبذل محاولات لإضعاف إيران قدر الإمكان سياسياً (ولا سيما التسبب بسخط الشعب عن النظام السياسي القائم) واقتصادياً وصولاً في نهاية المطاف إلى مرحلة الانهيار.
لو صح ذلك، علينا أن نطرح سؤالين رئيسيين ومحوريين في هذا الصدد، وهما مهمان للغاية:
قبل كل شيء لماذا توصل العالم الغربي إلى نتيجة مفادها أن تكرار التجربة السوفيتية فيما يتعلق بإيران هو الطريق المناسب؟
من الصحافة الإيرانية: هل الغرب بصدد تكرار سناريو الاتحاد السوفيتي مع إيران؟
لقد تبنى الغرب استراتيجية شبيهة بالإمبريالية السابقة فيما يتعلق بإيران، لأن هيكل الحكم في إيران أصيب بنوع من “التنمية الغير متوازنة”، أي نفس المشكلة التي عانت منها الاتحاد السوفيتي.
انطلاقاً من فكرة “التنمية غير المتوازنة”، استطاعت إيران بعد انتصار الثورة الإسلامية أن تحقق تقدماً ملموساً في بعض المجالات مثل القضايا العسكرية والأمنية والعلمية، وتغيرت مصادر قوة البلاد.
في هذا الفضاء بالتحديد نشهد وضعًا أدت فيه صواريخ إيران وطائراتها بدون طيار أو قوتها النووية إلى ترويع القوى الإقليمية والخارجية وخصوم إيران، وفي الوقت نفسه تعاني البلاد من الضعف في القوة الاقتصادية والازدهار المحلي وعدم الإدارة السليمة للقضايا الاجتماعية والثقافية ما أدى إلى خلق صورة وإطار متفاوتين لسلطة الحكم الإيراني، مما يعطي في الواقع فرصًا كبيرة للمنافسين وأعداء البلاد للاستغلال. وفي هذا الإطار، على سبيل المثال، نشهد ظهور بعض الاحتجاجات الاجتماعية في البلاد.
بالنظر إلى التاريخ، من الواضح في الاتحاد السوفيتي أن العالم الغربي، بقيادة الولايات المتحدة، قاد البلاد بالفعل إلى هاوية الانهيار وتقسيمها إلى أشلاء من خلال تكثيف التناقضات الداخلية وفي نفس الوقت التحريض للاحتجاجات والاضطرابات.
حان الوقت الآن للسؤال الثاني: لماذا لم يراجع صانع السياسة الإيراني التاريخ جيدًا حتى لا تقع البلاد في الفخاخ التي شهدناها في التاريخ؟ للإجابة على هذا السؤال، يمكن النظر في العدد من المسائل الأساسية:
أولاً، يبدو أن التحدي والمشكلة الرئيسيين لم يتم تحديدها وتشخيصها من قبل رجال الدولة، الأمر الذي أدى إلى تعميق نطاق الأزمة في هذا المجال.
ثانيًا، يبدو أنه نظرًا للأجواء الخاصة التي سادت البلاد بعد انتصار الثورة والتغلب على الأزمات والتحديات الأمنية، فقد خص واضعو السياسات وكبار رجال الدولة جزءً كبيرًا من قدرات البلاد وقوتها في المجال العسكري والأمني، وهذا هو السبب في أن هذا القطاع أصبح أقوى وأكثر هيبة من القطاعات الأخرى، ومن ناحية أخرى، بقيت القطاعات الأخرى تعاني من الضعف.
ومع اشتداد الضغوط الغربية ضد إيران وتغير نموذج عداوتها لإيران من نزاع مباشر إلى صراع ذكي وبالطبع مشترك، تأخذ هذه الحالة الغير متوازنة أبعادًا وعواقب أكثر خطورة، وفي حين يستعمل الخصم جميع خياراته في مواجهة إيران، فإن الأدوات الفعالة للبلد تقتصر بشكل أساسي على المجالات العسكرية والأمنية.
ولذلك، وفي مجال رد الفعل والمواجهة، إيران تواجه تحديا يمكن تحديده بالـ”رد الفعل غير المتوازن”. وفي هذا النظام، إذا كان أداء جنود إيران وقواتها الأمنية جيدًا في ساحة المعركة، فإن العدو لديه روافع فعالة أوسع في المجالات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والتكنولوجية الأخرى التي يمكن أن تفرض تكاليف باهظة على البلد.
والآن، في وضع يتم فيه تشويه مبدأ التفاعل بسبب علاقات إيران الملتهبة مع الغرب (وحلفائه الإقليميين)، ليس من الواقعي الاعتقاد بأنه من الممكن بناء القوة في هذه المناطق بطريقة فعالة. فإيران نظرًا لموقعها الاستراتيجي والجيوسياسي، فضلاً عن مواردها الكبيرة من الطاقة وبالطبع قدراتها الاقتصادية العديدة، لا يمكن لها أن تتصرف على الساحة الدولية كفاعل منعزل وموجّه محليًا فقط.
هذه مشكلة أظهرت تجلياتها الملموسة مرات عديدة في السنوات الأخيرة. ربما أمكن القول بأن علاقات إيران الأكثر استقرارًا في مجال السياسة الخارجية لبلدنا هي مع أولئك النشطاء الذين علاقتهم مع إيران ذات طابع اقتصادي. من وجهة النظر هذه فإن حاجة الآخرين وليس فقط التزامهم الأيديولوجي تضمن بناء قوة إيران.