من الصحافة الإيرانية: ما مدى تأثير القوة البشرية “الأمية” على الاقتصاد الإيراني؟
رأى خبير في الشؤون الاقتصادية أن إيران أمام 9 ملايين شخص عاجزون عن المشاركة بشكل فعال في تقدم وتنمية البلاد، وأمام موجة هروب للعمالة المتخصصة والأفراد المتعلمين وذو الخبرة إلى الخارج.
ميدل ايست نيوز: كشف وزير التربية والتعليم الإيراني منذ أيام أن إجمالي عدد الأميين في إيران بلغ 8 ملايين و795 أمياً وفقاً لإحصائية عام 2016.
ووفق مقال لموقع فرارو، أشار علي رضا عبدي، رئيس منظمة حركة محو الأمية الإيرانية، إلى أوجه القصور والنواقص التي يمكن مشاهدتها في 15 محافظة في البلاد، والتي أدت إلى تراجع مستوى القراءة والكتابة لدى سكان تلك المناطق، غير أنه اعتبر هذا الأمر ليس معياراً واضحاً لمستوى أمية الفرد، موضحاً: تعريف محو الأمية لا يقتصر على كون الإنسان متقناً للقراءة والكتابة وامتلاك لغة أجنبية وإلمامه بالعمل على الحاسوب والمهارات ذات الصلة، بل أيضاً قدرة هذا الفرد على إحداث تغييرات في حياته وحياة الآخرين من خلال العلم الذي اكتسبه.
ومع تردي الأوضاع التعليمية في البلاد والتي برزت أكثر مع إحصائيات الأمية الأخيرة، تطرح العديد من التساؤلات حول إمكانية كفاءة الموارد البشرية الأمية في الاقتصاد الإيراني في ظل نقص القوى العاملة المتخصصة والمتعلمة وحول مدى قدرة الأمية ونتائجها في التأثير على مؤشرات التنمية الاقتصادية؟
يقول الخبير الاقتصادي وعضو هيئة التدريس بجامعة جمران بالأهواز مرتضى أفقه، في هذا الصدد: من النقاط المهمة التي أؤكد عليها في كل بحث اقتصاد هو أن النمو الاقتصادي وتقدم البلاد يعتمد على القوة البشرية، وهذه القوة يجب أن تتمتع بخاصيتين حتى تتمكن من المشاركة في عملية التنمية في البلاد.
وتابع: النقطة الأولى هي أن يكون الفرد سليماً نفسياً وجسدياً، والثانية أن يكون على مستوى عالٍ من الخبرة والمهارة. فإذا لم تتمتع الموارد البشرية بالخاصيتين المذكورتين، فلن يقتصر الأمر على عدم قدرتها على لعب دور في عملية تنمية البلاد فحسب، بل ستصبح بطريقة أو بأخرى عبئًا على اقتصاد البلاد وتستفيد من دخله القومي الذي ينتجه الآخرون.
يضيف الخبير الاقتصادي: إن إحصاءات الأمية البالغة 9 مليون أمي هي أرقام صادمة للغاية بالنسبة لدولة مثل إيران. منذ سنوات مضت، سعت بلادنا إلى القضاء على الأمية من خلال حركة محو الأمية. ولكن للأسف، اقتصرت هذه المساعي على محو الأمية فقط.
ورأى أفقه أن إيران من ناحية، أمام 9 ملايين شخص عاجزون عن المشاركة بشكل فعال في تقدم وتنمية البلاد، ومن ناحية أخرى، أمام موجة هروب للعمالة المتخصصة والأفراد المتعلمين وذو الخبرة إلى الخارج، لا سيما بعد غياب التخطيط والضغوط الثقافية والسياسية.
وقال أيضاً إن هذا التجاهل لمساهمة ودور القوى العاملة في البلاد يخلق في الواقع رؤى مظلمة لمستقبل البلاد؛ ما يعني أن إحصائيات الأمية هذه يجب أن تكون بمثابة إنذار لصانعي القرار في الحكومة الحالية.
وذكر هذا الخبير أن “التنمية في عالم اليوم تعتمد على العقل والفكر والإبداع والابتكار، وكل هذه المؤشرات تعتمد على الموارد البشرية”، موضحاً: في البلدان المتقدمة، يتم التركيز بشكل كبير على تعليم وصحة القوى العاملة، إلى أن يصبح التقاء هذين العاملين رأس مال بشري. كما أن التعليم والصحة إلزاميان ومجانيان في الدول المتقدمة حتى سن الثامنة عشرة. وهذا يعني أن الفقراء هناك لا يعانون من مشاكل صحية وتعليمية.
وشدد: لقد أدركت الدول المتقدمة مدى أهمية القوة البشرية القوية، فإحدى طرق تحديد مدى التطور أو التخلف في أي بلد هو التحقق من إحصائيات مؤشر التنمية البشرية، إذ أن الافتقار إلى الموارد البشرية الموثوقة يلقي بظلاله على جميع المؤشرات الاقتصادية للبلاد.
وأكمل عضو هيئة التدريس بجامعة جمران بالأهواز قائلاً: عندما يحتضن مجتمع ما عددًا كبيرًا من القوى البشرية غير المتعلمة، فإنه سيقع في فخ دائرة الفقر، لا سيما وأن الأمية والفقر معديان. فعندما يكون رب الأسرة أميا وفقيرا، فإنه يربي أطفالا أميين وفقراء، لأنه لا يستطيع توفير التعليم والرعاية الصحية لأبنائه. وهنا تتفرع المشكلة وتتسع دائرة الفقر أكثر فأكثر.
وأردف: رغم وجود فجوة طبقية نسبية في البلدان المتقدمة، إلا أنها تمكنت من القضاء على الفقر المدقع. ويبلغ “معامل جيني” الذي يقيس عدالة توزيع الدخل القومي حوالي 3 أعشار في الدول المتقدمة، ما يعني أنه يعد من أفضل معاملات جيني في العالم.
وقال: يعم الفقر والفجوة الطبقية في المجتمع الإيراني إلى حد كبير لا يمكن تصوره، والأسوأ أن رفاهية المواطنين ومعيشتهم خرجت عن إطار أولويات صناع القرار في البلاد. فمن الأخطاء الشائعة التي يرتكبها خبراء الاقتصاد في البلاد تجاهل جذور الفقر.
إقرأ أكثر
تقرير: المرأة الإيرانية تستحوذ على 70% من نسبة “البطالة” في البلاد