بعهد الرئيس الإيراني المنتخب.. ما مستقبل علاقات طهران مع دول مجلس التعاون؟

في ضوء التطورات السياسية والدبلوماسية المستمرة في منطقة الشرق الأوسط، برزت العلاقات الإيرانية الخليجية محوراً حيوياً يؤثر على استقرار المنطقة وأمنها.

ميدل ايست نيوز: في ضوء التطورات السياسية والدبلوماسية المستمرة في منطقة الشرق الأوسط، برزت العلاقات الإيرانية الخليجية محوراً حيوياً يؤثر على استقرار المنطقة وأمنها.

ومع انتخاب رئيس جديد في إيران، تظهر العديد من التساؤلات حول مستقبل هذه العلاقات وكيفية تأثير التغييرات السياسية في طهران على ديناميكيات التعاون والتوتر مع الدول الخليجية.

بداية مبشرة

مع تولي الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان مقاليد الحكم في إيران، يترقب الخبراء الدوليون والمحليون الاتجاهات التي ستتبعها الحكومة الجديدة في علاقاتها مع دول الخليج.

ويشير الخبراء إلى أن إيران قد تتبنى نهجاً أكثر براغماتية في سياساتها الخارجية، خاصة فيما يتعلق بتخفيف التوترات مع دول الجوار الخليجي وتحسين العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية.

وكان قادة الدول الخليجية قد وجهوا التهاني، في 7 يوليو الجاري، إلى الرئيس الإصلاحي الجديد عقب فوزه بالانتخابات الرئاسية، وفق ما ذكرته بيانات رسمية.

وتمنى الزعماء الخليجيون التعاون مع الرئيس الإيراني الجديد لتطوير العلاقات الثنائية بين بلدانهم.

طبيعة العلاقات المستقبلية

ويتوقع أستاذ العلوم السياسية الاستراتيجية المساعد، الدكتور قحطان الخفاجي، أن طبيعة السياسة الإيرانية تجاه دول الخليج في ظل رئاسة مسعود لا تختلف كثيراً عن سابقيه، وذلك لأن هذا الرئيس أُنتج من الآلية ذاتها، وفي المعتقدات والقناعات ذاتها، وللغايات ذاتها.

ويستدرك بأن المنطق يقول إن هناك متغيرات في المنطقة تجبر إيران على أن تغير بعضاً من آلياتها الظاهرية وليس ثوابتها المبدئية، إلا أن هذا الرئيس الجديد لن يختلف كثيراً عن سابقيه، ولا يخرج عن الخط العام لولايات الفقيه.

وحول الخطوات التي يمكن أن تتخذها إيران تحت القيادة الجديدة لكسب الثقة الخليجية، يبين الخفاجي أنه على إيران أن تتراجع عن فكرة تصدير الثورة، وتتراجع عن فكرة علو مصالحها الذاتية على الأطراف الأخرى، بالإضافة إلى حل المشاكل العالقة بينها وبين الأطراف العربية المختلفة، ومن بينها موضوع الجزر الثلاث، والمناطق النفطية بين الكويت وإيران، فضلاً عن السطوة التي تريد أن تعممها إيران على الخليج.

وبالحديث عن دعم إيران للفصائل المسلحة في العراق وغيرها، يشير أستاذ العلوم السياسية الاستراتيجية إلى أنه لا يمكن لأي عاقل أن يصدق أن تتراجع إيران عنها نهائياً.

ويضيف الخفاجي أن الأحداث والمتغيرات الحالية قد تجبرها على ذلك، بمعنى أن الضغوط الأمريكية على الاقتصاد الإيراني، والنفط والغاز والعملة المحلية والطاقة النووية؛ قد تجبرها على أن تجمد نشاط هذه الجماعات دون إلغائها.

وعلى الجانب الآخر، يعتقد أستاذ العلوم السياسية المساعد، الدكتور عبد الرزاق الطائي، أن طبيعة السياسة الإيرانية التي سوف يتبعها مسعود بزشكيان سوف تكون سياسة انفتاح وتعاون فيما يتعلق بالعلاقات الثنائية والدبلوماسية.

ويضيف أنه فيما يتعلق بملفات السياسة الخارجية تجاه القضايا العربية، فمن المعتقد أن يكون هناك تقاطع في المواقف؛ لكون تلك القضايا مسؤولية مؤسسة المرشد الأعلى والحرس الثوري الإيراني.

ويرى الطائي أنه من أجل تعزيز الثقة بدول الخليج، يمكن أن تكون دول الخليج أول الدول التي سيقوم بزيارتها الرئيس الإيراني المنتخب، خاصة أنه ينتمي للتيار الإصلاحي الذي دائماً يدعو إلى علاقات مميزة مع دول الجوار الجغرافي وخاصة دول الخليج.

ويلفت أستاذ العلوم السياسية إلى أنه من غير المتوقع حدوث أي تغيير للدعم الإيراني للجماعات والفصائل المسلحة في المنطقة العربية.

فرص وتحديات

يُعتبر مسعود بزشكيان من الشخصيات الإصلاحية البارزة في السياسة الإيرانية، وقد شغل سابقاً منصب وزير الصحة وكذلك عضوية البرلمان، حيث أظهر توجهات براغماتية وإصلاحية.

ويتطلب توليه للرئاسة، في وقت تشهد فيه إيران ضغوطاً اقتصادية وسياسية داخلية وخارجية، سياسات ذكية ومتوازنة للتعامل مع هذه التحديات الأمنية والسياسية.

وتُعد المخاوف الأمنية من أبرز التحديات التي تواجه العلاقات الإيرانية الخليجية، خاصة السعودية والإمارات، التي تشعر بالقلق من الدعم الإيراني للجماعات المسلحة في المنطقة، مثل الحوثيين في اليمن وحزب الله في لبنان.

وبدورها، ذكرت جريدة “الدستور” الأردنية، في 6 يوليو الجاري، أن “بزشكيان لا يعتبر من المحافظين ولا من الإصلاحيين بل هو حالة هجينة براغماتية تعرف حدود القوة والدور”.

ويُعتقد أن وجوده رئيساً -وفقاً للجريدة- يعد الإنجاز الأكبر في هذه الظرفية، إلا أنه لا مجال للتغيير في ظل قوة المرشد ومصلحة تشخيص النظام، وقوة وحضور الحرس الثوري.

ونقلت “الدستور” أن التأثير العربي الوحيد حالياً هو “فاعلية وقوة ونفوذ السعودية، اقتصادياً وسياسياً ودينياً، وقوة دول الخليج عموماً”.

وعلى صعيد العلاقات مع السعودية في عهد الرئيس الجديد، أعلن وزير الخارجية الإيراني أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان سيزور طهران بعد تشكيل الحكومة الجديدة.

وتأتي هذه الزيارة في إطار الاتفاق السعودي – الإيراني الذي رعته الصين في مارس 2023، والذي تم اختباره في العديد من القضايا، ورغم التحديات يبدو أنه لا يزال ثابتاً، مع وجود تحولات دولية وإقليمية تساهم في استمراره وتطويره.

وعلى الرغم من التحديات الأمنية، توجد فرص كبيرة لتعزيز التعاون الاقتصادي بين إيران والسعودية وبقية دول الخليج، ومع رفع العقوبات الاقتصادية عن طهران يمكن أن يفتح الأبواب أمام استثمارات جديدة وتعاون تجاري أوسع.

ومن المحتمل أن تساهم المشاريع المشتركة في البنية التحتية والطاقة والتكنولوجيا في تعزيز التكامل الاقتصادي وتخفيف التوترات السياسية، وتسعى دول الخليج لتنويع اقتصادها بعيداً عن النفط، وقد تجد في إيران شريكاً استراتيجياً لتطوير قطاعات جديدة.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
الخليج أونلاين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

خمسة + واحد =

زر الذهاب إلى الأعلى