إيران.. السياسات الخاطئة في مجال الطاقة تعود إلى الواجهة مع تقنين الكهرباء
يتسبب نقص الغاز الطبيعي في الأيام الباردة من العام وأولوية وزارة النفط الإيرانية في توفير الغاز المستدام للقطاع المنزلي والتجاري، في تقليص كمية الغاز المخصصة كوقود نظيف لمحطات الكهرباء.
ميدل ايست نيوز: نشرت وزارة الطاقة الإيرانية جدولا لساعات انقطاع التيار الكهربائي، حيث سيبدأ التقنين الكهربائي في طهران والمدن الأخرى رسميا اليوم الاثنين.
وكتبت وكالة خبرآنلاين في مقال لها، أنه بينما كان المسؤولون الحكوميون في إيران ينكرون على الدوام استخدام المازوت في المدن الكبرى في العقد الماضي، إلا أن الرئيس مسعود بزشكيان أصدر أوامر الأسبوع الماضي بوقف استخدام المازوت في محطات توليد كهرباء في آراك وكرج وأصفهان.
وجاءت أوامر بزشكيان لحماية صحة الناس والتخفيف من تلوث الطقس، حيث قال: من غير المعقول أن “يموت بعض الناس كي نحصل على كهرباء”.
والمازوت هو زيت وقود ثقيل منخفض الجودة، يستخدم في محطات توليد الكهرباء في بعض البلدان ويعتبر منتجًا “نفطًا ملوثا”. وهنا يطرح السؤال نفسه، ماذا يحدث عندما تستخدم محطات توليد الكهرباء في إيران مثل هذا النوع من الوقود؟
استخدام المازوت؛ خيار أم إجبار؟
وتبلغ حصة الغاز الطبيعي في محفظة الطاقة الإيرانية أكثر من 70%، في حين أن الولايات المتحدة، وهي المنتج الأول للغاز الطبيعي في العالم، وتنتج أكثر من 23% من إجمالي إنتاج الغاز في العالم، لا يتم تخصيص سوى 24% من محفظتها للطاقة للغاز.
ويعتمد أكثر من 80% من إنتاج الكهرباء في إيران اليوم على الغاز. في الواقع، وبعيدًا عن محطات الطاقة الكهرومائية والمتجددة، فإن وقود 86% من محطات الطاقة الأخرى التي تنتج الكهرباء يعتمد على الغاز، وأكثر من 101 محطة كهرباء تستخدم الغاز الطبيعي توفر التيار الكهربائي لجميع الصناعات.
ويلعب الغاز دورًا رئيسيًا في توفير الوقود للصناعات، بحيث أصبحت الآن أكثر من 90% من الصناعات ومحطات الطاقة تعتمد على الغاز، وأكثر من 30 ألف وحدة صناعية كبيرة ومهمة في البلاد والتي تنتج 90% من منتجات البلاد تستخدم الغاز.
ويتسبب نقص الغاز الطبيعي في الأيام الباردة من العام وأولوية وزارة النفط الإيرانية في توفير الغاز المستدام للقطاع المنزلي والتجاري، في تقليص كمية الغاز المخصصة كوقود نظيف لمحطات الكهرباء والصناعات أو حتى انقطاعها في هذه المواسم. وهو ما يدفعهم إلى استخدام الوقود السائل (بما في ذلك المازوت وزيت التدفئة وغاز البترول) في الإنتاج.
ووفقا لوزارة النفط الإيرانية، عانت إيران هذا العام 2024 من عجز يومي في الغاز الطبيعي يبلغ حوالي 300 مليون متر مكعب. (وكانت هذه الكمية حوالي 200 مليون متر مكعب يوميا عام 2021).
معضلة أم سياسات خاطئة؟
وكثرت التقارير خلال السنوات القليلة الماضية عن انخفاض ضغط الغاز من حقل بارس المشترك وحقول الغاز الأخرى في إيران، مما يدل على أنه إذا لم يتم النظر في حل جذري، فإن هذا العجز سيستمر في الزيادة.
ولعل أبسط الإجراءات التي يمكن اتخاذها هو تنفيذ مشاريع لترشيد استهلاك موارد الطاقة وتثقيف المجتمع، الأمر الذي يتطلب المزيد من الوقت لتحقيق النتائج.
وبين الفينة والأخرى تطرح مقترحات لتطبيق سياسات سعرية وزيادة أسعار الغاز في إيران، والتي لم يتم دراستها والنظر فيها بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية في البلاد.
في الواقع، نظرا للسياسات طويلة المدى التي تنتهجها الحكومة بعد الثورة الإسلامية لتزويد جميع مدن وقرى البلاد تقريبًا بالغاز وكون إيران ثاني مالك لاحتياطيات الغاز في العالم، فاليوم لم يعد هناك خيار آخر سوى تطبيق سياسات جديدة مثل استخدام الطاقات الأخرى وتنويع سلة الوقود في البلاد.
بالتالي، ومع تطور قطاعات الطاقة النشطة في إيران، يمكن لوزارة الطاقة استخدام الطاقة النووية والطاقة المتجددة والطاقة الكهرومائية وغيرها لإنتاج كهرباء مستقرة في جميع فصول السنة.