هل تنقذ الصين صناعة السيارات في إيران؟

بعد زيارة رئيسي الأخيرة للصين، عادت مسألة التعاون بين الجانبين تلوح في الأوساط الإعلامية، إلا أن هذا التعاون بقي مقصورًا على الاجتماعات والمحادثات بين الطرفين لا أكثر.

ميدل ايست نيوز: هل يمكن أن تكون الزيارة الأخيرة التي قام بها الرئيس الإيراني إلى الصين سبباً للعديد من التغيرات في قطاع صناعة السيارات في البلاد؟ يطرح هذا السؤال في سياق وصف نائب وزير الدبلوماسية الاقتصادية بوزارة الخارجية الإيرانية توقيع عدة عقود، بالإضافة إلى خطة نقل التكنولوجيا والتعاون المشترك في قطاع السيارات، كأحد إنجازات رحلة رئيسي الأخيرة إلى الصين.

وبحسب صحيفة دنياي اقتصاد الإيرانية، على الرغم من أن العقود وكذلك خطط نقل التكنولوجيا التي تم الاتفاق عليها في الصين من قبل الجانبين لم يتم الكشف عنها بعد بشكل رسمي في البلاد، إلا أن اتخاذ الصين خطوة جادة وواقعية بشأن التعاون مع قطاع صناعة السيارات الإيراني (وفقًا لتصريحات بعض مرافقين رئيسي إلى الصين) يمكنه أن يحدث العديد من التغييرات والتطورات في هذا القطاع.

ويعود الموضوع الأساسي، أي التعاون الجاد بين إيران والصين، الذي سلطنا الضوء عليه، بعد إعلان الحكومة الإيرانية في سبتمبر من العام الماضي، إبرام 12 اتفاقية تعاون بين شركات السيارات وقطع الغيار الإيرانية والروسية بقيمة 700 مليون يورو، ووفقًا لبعض مصنعي قطع الغيار والناشطين في قطاع صناعة السيارات في إيران، لا توجد حتى الآن أخبار عن تنفيذ الاتفاق وتعاون جاد ونهائي بين البلدين.

ومع زيارة “رئيسي” الأخيرة للصين، عادت مسألة التعاون بين الجانبين تلوح في الأوساط الإعلامية، إلا أن هذا التعاون بقي مقصورًا على الاجتماعات والمحادثات بين الطرفين لا أكثر.

الصين مترددة في دعم إيران رغم التحالف الظاهري بينهما

ويعود تاريخ الاتفاقية بين إيران والصين إلى عام 2017، حيث أصدر البلدان في ذلك العام بيانا استراتيجيا مشتركا شاملا واتفقا على إبرام برنامج تعاون شامل، لكن لم يتم تسريب أي تفاصيل عن هذا البرنامج.

وفي 14 يناير 2022، أعلن وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبداللهيان خلال زيارته للصين، بدء تنفيذ وثيقة التعاون الاستراتيجي الشامل التي تبلغ مدتها 25 عامًا بين إيران والصين في نفس اليوم، أي 14 يناير.

والآن، مر أكثر من عام على “إعلان تنفيذ العقد البالغ 25 عامًا”، حيث عادت للأسماع مجدداً أنباء عن تغيرات جديدة في قطاع صناعة السيارات الإيراني بمشاركة ودعم صيني، ودخول عقد الـ 25 عام حيز التنفيذ. عقد مضى عليه قرابة الـ 6 سنوات.

وبالنظر إلى وثيقة التعاون الشامل بين إيران والصين، تم التوصل إلى أنه مع دخول هذه الوثيقة حيز التنفيذ يمكن أن تكون صناعة السيارات الصينية مصدرًا للعديد من التغييرات في صناعة السيارات في إيران.

ووفقًا لوثيقة التعاون الشامل هذه، ستلتزم أكبر شركتين لتصنيع السيارات في إيران، وهما “إيران خودرو” و”سايبا”، بالتعاون مع شركات تصنيع السيارات الصينية في مجال نقل المعرفة والتكنولوجيا.

ويتخصص التعاون بين شركات السيارات في البلدين في مجال نقل التكنولوجيا والإنتاج المشترك للتوريد في سوق البلدين والدول الأخرى. وتشارك شركات السيارات الصينية مع شركتي تصنيع سيارات إيرانيتين، في مجال تبادل المعرفة التقنية وإنشاء منصات مشتركة وتصميم مدينة صناعية لإنتاج السيارات والصناعات المتعلقة بهذا القطاع، فيما يعد التركيز على استخدام تكنولوجيا الطاقة المتجددة أحد بنود السيارات المهمة في وثيقة إيران – الصين التي تبلغ مدتها 25 عامًا.

ووفقًا للعديد من الخبراء، إذا تم تنفيذ هذه المقررات على المدى الطويل، فيمكن أن يكون لها العديد من الفوائد لقطاع صناعة السيارات الإيراني، بشرط أن يكون هناك ضمان أداء قوي وراء هذا العقد.

لكن حتى الآن، لم يتم تنفيذ أي من بنود هذه الوثيقة، واقتصر تعاون الصينيين في إيران على تجميع بعض المنتجات وتوريدها بأسعار خارج السوق العادية الإيرانية.

ولا يخفى على أحد، أن المانع الرئيسي للصين من التعاون الجاد مع قطاع صناعة السيارات الإيراني هو العقوبات الدولية على إيران والخوف من العقوبات الأمريكية.

وتدور هذه القضية في الغالب حول شركات السيارات التي لديها تعاون جاد مع الدول الغربية وأمريكا. لهذا السبب تجاهلوا السوق الإيرانية. أما السبب الآخر يتعلق بسياسة “الحياد النشط” التقليدية للصين ضد هجمات الدول الغربية على إيران.

وبغض النظر عن زيارة الرئيس الإيراني للصين وتوقيع عدة مذكرات وعقود خاصة في قطاع السيارات، فإن ما يتم تقديمه تحت مسمى “التعاون الثنائي” هو لعدم رغبة الصينيين في الاستثمار في إيران. الجاني ليس المستثمر الصيني أو حكومة هذا البلد، بل السياسات التي زادت من مخاطر الاستثمار في إيران.

إذا استمرت هذه السياسات تجري على هذا المنوال، فلن يكون هناك أي احتمال لتدخل وثيقة الـ 25 عامًا حيز التنفيذ، على الرغم من أن مصنعي السيارات الإيرانيين يعترفون بأن الصين ستكون شريكهم الاستراتيجي في السنوات القادمة، إلا أن الواضح هو أن تجربة عقد من التعاون مع الصينيين أظهرت أن هذه الشركات قد حددت نشاطها في إيران وليست على استعداد لقبول خطر التواجد والاستثمار في إيران.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أربعة + أربعة =

زر الذهاب إلى الأعلى