تشكيل حكومة كردستان.. انسداد سياسي جديد ولجوء إلى القضاء

بعد أن شهدت قضية تشكيل حكومة إقليم كردستان انفراجة الشهر الماضي، عاد المشهد مجددا إلى حالة من التعقيد والانسداد السياسي.

ميدل ايست نيوز: بعد أن شهدت قضية تشكيل حكومة إقليم كردستان انفراجة الشهر الماضي، عاد المشهد مجددا إلى حالة من التعقيد والانسداد السياسي نتيجة عدم الاتفاق على تسمية المناصب، بالرغم من مرور حوالي سبعة أشهر على انتخابات برلمان الإقليم.

وإضافة إلى عدم الاتفاق بين الحزبين الرئيسيين على المناصب، تقدمت قوى معارضة (حراك الجيل الجديد وحزب العدل الكردستاني) بدعوى لدى المحكمة الاتحادية ضد رئيس إقليم كردستان نجيرفان بارزاني بسبب عدم إصداره أمرا بحل برلمان الإقليم، الأمر الذي رآه حزب بارزاني مناورة ودعاية سياسية.

وأكد من جهته، رئيس الجلسة الافتتاحية لبرلمان إقليم كردستان، محمد سليمان، في 1 أيار مايو الجاري، أن الدورة السادسة الحالية تُعد “ملغاة قانونيا”، بسبب عدم انتخاب هيئة رئاسة البرلمان في أول جلسة، داعيا إلى إصدار مرسوم رسمي لحل البرلمان.

وبهذا الصدد، يقول عضو حراك الجيل الجديد ميران محمد، إن “الدعوى القضائية في المحكمة الاتحادية هي لمعالجة الخرق القانوني الذي ترتكبه أحزاب السلطة، في الإبقاء على الجلسة الأولى للبرلمان مفتوحة”.

ويضيف محمد أن “ما يجري هو تجاوز على الأعراف الدستورية والقانونية، وعدم احترام لإرادة الشعب الذي خرج وصوت في الانتخابات، ولكن الأحزاب الحاكمة تتعامل مع إقليم كردستان، وكأنه ملك خاص لعوائلهم”، لافتا إلى أن “الحكومة الموجودة في الإقليم هي حكومة تصريف أعمال، وغير قانونية، ووجودها حاليا لا يستند لأي معايير، وترتكب مخالفات كبيرة، وتوقع اتفاقات، خارج صلاحياتها”.

ويذكر أن حزبه مع باقي أطراف المعارضة “وصلوا إلى قناعة تامة بعدم المشاركة في حكومة الإقليم المقبلة، لأنهم يعرفون بأن مصيرها سيكون الفشل المحتوم، لأن الوجوه نفسها عادت للسلطة مجددا، دون أي تغيير، والأحزاب الحاكمة تريد من الدورة المقبلة تكرار مشهد الفساد والاحتفاظ بسرقاتها ونهب الثروات، على حساب معاناة الشعب الكردي، لهذا لن نكون شهود زور”.

وخلال الشهرين الماضيين، عقد الحزبان الديمقراطي والاتحاد الوطني جولات عدة من المفاوضات، انتهت بتشكيل لجنة مشتركة، هدفها صياغة مسودة يجري الاتفاق عليها للبرنامج الحكومي المقبل، وآلية توزيع المناصب التنفيذية لحكومة الإقليم، لكن الاتفاق لم يفض إلى أي نتائج تدفع نحو الإسراع بحسم ملف تشكيل الحكومة.

وعقد صباح الإثنين 27 نيسان أبريل الماضي، الاجتماع الثالث للقمة بين نائب رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني، مسرور بارزاني، ورئيس الاتحاد الوطني الكردستاني، بافل طالباني، في قضاء دوكان بمحافظة السليمانية، بحضور اللجنة العليا المشرفة على تشكيل حكومة الإقليم، لوضع اللمسات الأخيرة على البرنامج الحكومي المقبل، ومناقشة توزيع المناصب بين الأحزاب الفائزة في الانتخابات، بالإضافة إلى مناقشة مجموعة من القضايا السياسية والإدارية ذات الصلة بتشكيل الحكومة الجديدة في إقليم كردستان، إلا أنه لم يسفر عن أي نتائج تذكر.

إلى ذلك، يوضح الخبير في الشأن القانوني بكر شيرزاد، أنه “لا يوجد دستور في إقليم كردستان تستند عليه رئاسة الإقليم في دعوتها لعقد الجلسات، أو حل البرلمان، في حال ارتكب مخالفات كبيرة”.

ويشير شيرزاد إلى أن “النظام الداخلي لبرلمان كردستان تحدث عن عقد الجلسة الأولى لأداء اليمين القانونية بعد 10 أيام من إعلان نتائج الانتخابات، وهذا حصل فعلا، لكن النظام لم يشر إلى قضية إبقاء الجلسة الأولى مفتوحة”.

ويتابع أن “هذا الأمر طبق أيضا في أيام تشكيل الحكومة العراقية التي تأخرت لأشهر عديدة، ولم يصدر قرار بحل البرلمان من المحكمة الاتحادية، ولهذا ما يسري على البرلمان العراقي، يسري على برلمان كردستان”.

ويضيف أن “هناك مخالفات كبيرة وخروقات قانونية فعلا، ولكن في المشهد السياسي في العراق وإقليم كردستان اعتدنا على الأمر، بعدم احترام إرادة الناخب، وعدم الالتزام بالمعايير القانونية والديمقراطية”.

وطبقا للنظام الداخلي لبرلمان الإقليم، يتعين على رئيس الإقليم دعوة البرلمان المنتخب إلى عقد جلسته الأولى خلال 10 أيام من المصادقة على نتائج الانتخابات، وإذا لم يدع الرئيس إلى عقد الجلسة الأولى يحق للبرلمانيين عقدها في اليوم الحادي عشر للمصادقة على النتائج، فيما يترأس العضو الأكبر سنا جلسات البرلمان قبل انتخاب الرئيس الدائم بعد تأدية القسم الدستوري.

وشهد برلمان الإقليم بدورته السادسة انعقاد جلسته الأولى في مطلع كانون الأول ديسمبر 2024، والتي تضمنت تأدية اليمين القانونية لأعضائه، وإبقاء الجلسة مفتوحة بسبب عدم حسم المناصب الرئيسة في الإقليم.

ويشار إلى أن إقليم كردستان، وخلال الأشهر الخمسة الماضية، شهد استعصاء بالمشاورات والاجتماعات بين الحزبين الحاكمين في الإقليم (الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني، والاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة بافل طالباني)، حول تشكيل الحكومة الجديدة، إذ يصر كل طرف منهما على الظفر برئاستي الإقليم ومجلس الوزراء، إلا أن الأيام الأخيرة الماضية شهدت تقاربا سياسيا بين الحزبين، لكن الوضع عاد للتأزم مع اختلاف وجهات النظر ودخول قوى المعارضة طرفا في الصراع.

ومن جهته، يعتبر عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني وفاء محمد كريم، أن “قضية الشكوى في المحكمة الاتحادية هي دعاية سياسية، ولن يحصل فيها أي شيء، وأن حراك الجيل الجديد أراد مناصب معينة، وبعدما فشل بالحصول عليها، ذهب لقضية المطالبة بحل البرلمان، فيما حزب العدل الكردستاني برئاسة علي بابير، لم يحصل سوى على 3 مقاعد، ويريد تعطيل تشكيل الحكومة”.

ويضيف كريم أن “الحزب الديمقراطي ليست لديه أي مشكلة في قضية حسم المناصب، وتقريبا تم الاتفاق على حسم أغلب المناصب الرئيسية والخلافات جزئية، ولكن الاتحاد الوطني يريد تأخير تشكيل الحكومة، ويضعها مع اقتراب موعد انتخابات البرلمان العراقي، لكن يقايض على المناصب في بغداد ومنها منصب رئاسة الجمهورية”.

ويتابع أن “الأمور في الإقليم تسري بشكل طبيعي، والحكومة تقوم بواجباتها تجاه الشعب، ولا يوجد تقصير، بالتالي لا توجد حاسة مستعجلة للإسراع بتشكيل الحكومة الجديدة”.

وبعد تأجيل دام أكثر من عامين، شهد الإقليم إجراء انتخابات برلمانية، غير أن نتائج هذه الانتخابات كشفت عن مشهد سياسي معقد، إذ لم يتمكن أي من الحزبين التقليديين، الديمقراطي والاتحاد الوطني الكردستانيين، من تحقيق الأغلبية المطلقة لتشكيل حكومة منفردة، ووضع هذا الأمر الحزبين أمام تحد جديد، إذ يجب عليهما التفاوض والتحالف مع قوى سياسية أخرى لتشكيل الحكومة المقبلة.

إلى ذلك، يشير عضو الاتحاد الوطني الكردستاني حسن آلي، إلى أن حزبه “لا يقف عائقا أمام تشكيل حكومة الإقليم، لكنه بذات الوقت يريد حكومة تمثل الشعب، وتلبي طموحه، والتأخير لا يتعلق بوجود خلافات على المناصب إطلاقا، فنحن لا تهمنا المناصب، بقدر ما يهمنا أن تكون الحكومة المقبلة، حكومة شراكة حقيقية، وتدار السلطة في جميع الملفات بالتوافق والتشاور بين الأطراف المشاركة فيها”.

ويردف أنه “بخصوص حل البرلمان فإن الاتحاد الوطني لا يرى هذا الأمر حلا للأزمة، لأن البرلمان، منتخب ويمثل الشعب، والخلافات تحل بالتفاوض، أما الحديث عن حل البرلمان، يؤدي إلى أزمة أخرى”.

ويتابع أنه “بخصوص المعارضة، فهي التي اختارت طريقها، وهذا الأمر طبيعي، ومن حقهم عدم المشاركة، وهي حالة صحية، بأن تكون هناك أطراف في الحكومة، وأخرى في المعارضة”.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
العالم الجديد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اثنان × اثنان =

زر الذهاب إلى الأعلى