من الصحافة الإيرانية: الطاقة ساحة المعركة الجديدة
يُعد استهداف البُنى التحتية الحيوية الاقتصادية، ولا سيما مصافي النفط والغاز، من القضايا المحورية في الحروب. فالمصافي لا تمثل فقط مراكز لإنتاج الوقود، بل تُعتبر في الحروب الحديثة أهدافًا استراتيجية من الدرجة الأولى.

ميدل ايست نيوز: قرابة الساعة السادسة من مساء يوم السبت، أفادت أنباء بأن مسيرة إسرائيلية استهدفت المرحلة الأولى من مصفاة “فجر جم” والمرحلة الرابعة عشرة من مشروع “بارس الجنوبي” (قسم التحلية) الواقعة في منطقة كنكان بمحافظة بوشهر. وحتى لحظة إعداد هذا التقرير، لم تُعرف بعد حصيلة الشهداء والمصابين، كما لم تتم السيطرة على الحريق في المصفاة.
أولى الهجمات الإسرائيلية على الأراضي الإيرانية وقعت عند الساعة الثالثة والنصف من فجر يوم الجمعة 13 يونيو. وفي اليوم الثاني من هذه الهجمات، طُرحت تساؤلات حول احتمال استهداف المصافي النفطية الإيرانية أيضاً.
ويُعد استهداف البُنى التحتية الحيوية الاقتصادية، ولا سيما مصافي النفط والغاز، من القضايا المحورية في الحروب. فالمصافي لا تمثل فقط مراكز لإنتاج الوقود، بل تُعتبر في الحروب الحديثة أهدافًا استراتيجية من الدرجة الأولى. يمكن أن يؤدي الهجوم على هذه المنشآت إلى إحداث اضطرابات كبيرة في اقتصاد الدول، خاصة تلك التي تمتلك بنى تحتية تكريرية مركزة وسهلة الاستهداف.
في إيران، تتحمل مصافي مثل آبادان وبندر عباس وأصفهان وشازند أراك، الجزء الأكبر من عمليات تكرير النفط الخام. لكن في حال تعرض منشآت الطاقة لهجوم، فإن حجم الأضرار والمدة الزمنية اللازمة للتعافي تعتمد بشكل كبير على شدة ودقة الاستهداف. ومع ذلك، فإن النقطة الجوهرية تكمن في أن إيران تتمتع بدرجة عالية من الردع في مجال الطاقة. وهذا لا يعني أن منشآتها محصّنة ضد الهجمات، بل إن تداعيات دخول الحرب إلى قطاع الطاقة ستكون مكلفة للغاية للطرف المهاجم، لا سيما إسرائيل.
استهداف هذه المنشآت قد يؤدي إلى نقص في الوقود، وارتفاع الأسعار العالمية، وزيادة السخط الداخلي، وهو ما يُستخدم كأداة ضغط في الحروب غير المتكافئة.
البُنى التحتية للطاقة في إسرائيل أكثر هشاشة
احسان حسيني، الخبير في شؤون النفط والغاز، قال في تقييمه لسيناريو الهجوم المحتمل على البُنى التحتية للطاقة الإيرانية لصحيفة “اعتماد“: تمتلك إيران نحو عشر مصافٍ كبرى بطاقة إجمالية تقارب 2.2 مليون برميل يوميًا. في المقابل، لدى إسرائيل مصفاتان فقط بطاقة إجمالية تبلغ نحو 200 ألف برميل يوميًا. وبالتالي، فإن البُنى التحتية للطاقة في إسرائيل تُعد أكثر عرضة للخطر في حال وقوع مواجهة.
إيران قد تُحدث اضطرابًا في مضيق هرمز
وحول ما إذا كان الهجوم على المنشآت النفطية الإيرانية مجديًا من الناحية الاقتصادية لإسرائيل، أوضح حسيني أن الأمر يتوقف على الحسابات الاستراتيجية لتل أبيب. فإذا دخلت الحرب نطاق الطاقة، فإن إيران تملك أدوات متعددة للرد، من أبرزها تعطيل الملاحة في مضيق هرمز، الذي يمر عبره يوميًا نحو 21 مليون برميل من النفط، ما من شأنه أن يُحدث ضغوطًا كبيرة على سوق النفط العالمي. وعلى الرغم من أن أمن الطاقة في الولايات المتحدة لا يرتبط مباشرة بمضيق هرمز، فإن أسواق المال الأمريكية تتفاعل بشكل حاد مع أي صدمة سعرية في النفط.
ويضيف حسيني أن من بين أدوات إيران الأخرى استغلال هشاشة المنشآت النفطية السعودية، ولا سيما شركة أرامكو. فالسعودية تنتج نحو 10 ملايين برميل يوميًا، ما يمثل أكثر من 10٪ من السوق العالمية، وتقع منشآتها ضمن نطاق الاستهداف الإيراني. وبما أن روسيا ليست طرفًا مباشرًا في هذا النزاع حاليًا، والولايات المتحدة بعيدة جغرافيًا، فإن السعودية تُعد هدفًا استراتيجيًا مهمًا في ميزان الردع.
ويتابع قائلاً: أما بشأن أمن المنشآت النفطية الإيرانية، فإن التفاصيل الدقيقة حولها تبقى في نطاق الجهات الأمنية، لكن وفقًا لما أُعلن رسميًا، فإنه لا يوجد ما يدعو للقلق، وقد اتُّخذت الإجراءات اللازمة لحماية هذه البُنى التحتية.